عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
القصيدة التى قتلت صاحبها

القصيدة التى قتلت صاحبها

بقلم : محمد دويدار

الكلمه نور وبعض الكلمات قبور وبعضها خناجر وسيوف نطعن بها الاخرين دون ان ندرى وقد نطعن بها انفسنا وتكون سببا فى هلاكنا من غير قصد وللتدليل على ما اقول سأروى لكم قصة واقعيه حدثت من زمن بعيد و تعتير تلك الواقعه من طرائف ومآسى العرب فى نفس الوقت.. الا وهى قصة مقتل المتنبى الشاعر العظيم ..



"يحكى أن المتنبى كان شاعرا عظيما يمتلك قوة الكلمه وحسن التعبير ويجيد استخدام موهبته الفطريه فى صياغة كل انواع الشعر ويعتبر واحدا من اعظم الشعراء العرب واكثرهم غرورا على مرالتاريخ ولما لا وهو القائل " أَنا الَّذي نَظَرَ الأَعمى إِلى أَدَبي ... وَأَسمَعَت كَلِماتي مَن بِهِ صَمَمُ"  .. ويذكر التاريخ انه فى يوم من الايام مر المتنبى ومجموعه من اصدقاءه بقوم تربطهم بهم رابطة الجيره وكان من ضمن هؤلاء القوم شخص يدعى ضبه وضبه هذا بالماضى حين كان طفلا أسر الاعداء اهله  فقتلوا ابيه ونالوا من شرف امه ...  و فى هذا اليوم حدث خلاف بين ضبه واقرانه من جهه وبين المتنبى واقرانه من جهه اخرى فما كان من ضبه الا ان سب المتنبى ومن معه بأقذر الشتائم ولما اراد اصدقاء المتنبى ان يتعاركوا معه منعهم من هذا وقال لهم انه سينتقم منه اشد انتقام وبطريقته الخاصه جدا .. هل ادركتم ماذا كان يقصد المتنبى ؟؟ نعم انها قوة الكلمه التى تفوق قوة اليد والسيف والرصاص  .. وبالفعل لم تمر بضعة ايام الا وكان المتنبى قد انتهى من اخر قصيده يكتبها فى حياته سب فيها ضبه وسخر من موت ابيه وهتك عرض امه ونظرا لان القصيده تحمل الفاظا فاحشه جدا لا استطيع نشرها كاملةَ لانها تخدش الحياء واغلبها كلمات دارجه حتى وقتنا هذا ومسفه لدرجه لا يتخيلها احد فلذلك سوف اكتفى بنشر بعض الابيات واسف لانها لا تخلو ايضا من الاسفاف ولكنها ضروره للتدليل على ما اقول فقد كتب المتنبى فيما كتب :

ما أَنصَفَ القَومُ ضَبَّةْ وَأُمَّهُ الطُرطُبَّةْ

رَمَوا بِرَأسِ أَبيه وَباكَوا الأُمَّ غُلُبَّةْ
فَلا بِمَن ماتَ فَخرٌ وَلا بِمَن نيكَ رَغبَةْ
وَما عَلَيكَ مِنَ العارِ أنَّ أُمَّكَ قَحبَةْ
وَما يَشُقُّ عَلى الكَلــبِ أَن يَكونَ ابنَ كَلبَةْ
ما ضَرَّها مَن أَتاها وَإِنَّما ضَرَّ صُلبَه
يا أَطيَبَ الناسِ نَفسًا وَأَليَنَ الناسِ رُكبَةْ ...

واكمل المتنبى فى هجاء قبيح وغير مسبوق مستغلا ادواته اللغويه وقوة صياغته للشعر فأهان ضبه وقومه اهانه شديده وما ان سمعوا بكلام المتنبى حتى ثاروا ثورة عظيمه واخذتهم الحميه والنخوه وقرروا الانتقام منه واستطاعوا بالفعل ان يحاصروه وهو فى احدى رحلاته وقاتلوه وهنا اتيحت للمتنبى فرصه للهرب والفرار وهم بالهرب لولا ان صرخ احدهم فيه قائلا ألست انت من قال "الخيل والليل والبيداء تعرفني والسيف والرمح والقرطاس و القلم" وهنا عاد المتنبى للقتال حتى اصابته السيوف والرماح فى كل انحاء جسده ومات فداءا لكلماته ودفاعا عنها ..

رأينا كيف كانت قوة الكلمه ومدى تأثيرها ورأينا ايضا كيف كان اعتزاز الكاتب بما كتب ودفاعه عن كلماته حتى الموت ..

ترى فى زماننا هذا هل يوجد متنبى يستطيع ان يؤثر بكلماته فى الامه ويملك القوه للدفاع عن كلماته ويملك الجساره لتحمل تبعات ما كتب سواء كان على صواب او حتى على خطأ  !! انها الكلمه يا ساده ..انها الكلمه التى قال عنها خير الانام محمد عليه الصلاة والسلام .. " إن من البيان لسحر " صدقت يا حبيب الله فالكلمة تسحرالعقول وتؤثرالالباب وتصيب الهدف بلا هواده فاحسنوا انتقاء كلماتكم فرُب كلمه تفتح لك بابا للسعاده ورُب كلمه تفتح لك ابواب الجحيم عسى ان نكون جميعا ممن يمتلكون لسانا ينطق بحلو الكلام واحسنه وتكون كلماتنا كلها طيبه اصلها ثابت وفرعها فى السماء .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز