عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
التعليم الصناعي قاطرة التنمية

التعليم الصناعي قاطرة التنمية

بقلم : د.إيمان بيبرس

على مدار سنوات عملي في التنمية لأكثر من 30 عامًا، يتأكد لي أن أساس تنمية وتطوير الدول هو العمالة الفنية المدربة والتي يكون أساسها التعليم الفني العالي الجودة، وفي حقيقة الأمر، فأنا أرى أن التعليم الفني هو قاطرة التنمية لمصر، وأنه وبلا شك سوف يكون أحد أدوات نهوضنا وتقدمنا إذا أحسنا فهمه وتطويره أولًا.



فالتعليم الفني يا عزيزي القارئ له رسالة واضحة وكبيرة وذات أهمية قصوى وهي إعداد جيل فني ماهر قادر على المنافسة بالسوق المحلية والإقليمية والعالمية، ويشارك بإيجابية في تقدم ورُقِّى الوطن، كما أنه أحد الأدوات الرئيسة لتحقيق برامج التنمية الشاملة؛ حيث يسعى بأنواعه المختلفة إلى إعداد القوى العاملة الماهرة اللازمة لخدمة خطط التنمية الاقتصادية، والاجتماعية للدولة حيث يصب مباشرة في سوق العمل، ولكننا على الجانب الآخر نجد أنه وبالنظر إلى انتشار البطالة بين الشباب، فإننا نجد أنها تصل بين خريجي التعليم الفني تحديدًا إلى 38.5% وذلك وفقاً لتصريحات وزير التعليم الفني خلال عام 2015، نتيجة عدم قدرة مواكبة المناهج لتأهيل الطلبة لخوض سوق العمل، وقلة الفرص التدريبية في المصانع والشركات التي تكون في حاجة لخريجي التعليم الفني.

ومن هنا، فإننا نحتاج عزيزي القارئ إلى ضمان تحقيق الرسالة المبتغاة من التعليم الفني، فنحن بحاجة إلى تطوير منظومة التعليم الفني في مصر، حتى نرى مخرجات حيوية تفيدنا في بناء وطننا، ومن هنا فإننا سوف نحاول سويًا عزيزي القارئ وضع استراتيجية لتطوير التعليم الفني، ولكن قبل ذلك فإننا بحاجة إلى وضع أيدينا على أوجه القصور التي يعاني منها التعليم الفني، ومن هنا يمكننا بلورة مقالنا في أربعة محاور:

أوجه القصور التي يعاني منها التعليم الفني في مصر.
كيفية حل القصور التي يعاني منها التعليم الفني.
نماذج دولية في قطاع التعليم الفني يمكن الإستعانة بها.
دور الجمعيات الأهلية في تنفيذ استراتيجية الدولة لتطوير التعليم الفني.

فبالنسبة للمحور الأول وهو المحور الخاص بأوجه القصور التي يعاني منها التعليم الفني في مصر، فيأتي على رأسها النظرة المتدنية التي يُنظر بها لخريجي المدارس الصناعية، ويتضح ذلك من ضعف الإقبال على الالتحاق بمدارس التعليم الفني، ويلجأ لها الطلاب في حالة عدم حصولهم على المجموع الذي يؤهلهم إلى الالتحاق بالثانوية العامة.

كما أن هناك مشكلة أخرى تتعلق بتخريج دفعات من التعليم الفني غير مؤهلة لسوق العمل، نتيجة لعدم امتلاكهم المهارات التي تدعم حصولهم على وظائف، نتيجة أن المناهج عقيمة لا تواكب متطلبات السوق.

ومما سبق عزيزي القارئ، نجد أنه يجب علينا معالجة أوجه القصور السابقة، ومن هنا ننتقل للمحور الثاني وهو المحور الخاص بكيفية حل القصور التي يعاني منها التعليم الفني، ويمكننا ذلك من خلال العمل على تغيير النظرة الدونية للتعليم الفني، والعمل على تصميم مناهج تواكب متطلبات السوق، ويمكننا العمل على ذلك من خلال الاستعانة ببعض النماذج الدولية في ذلك القطاع، والتي تعمل على تقديم منظومة التعليم الفني بشكل مختلف يجذب الطلاب إليها ولا يشعرهم بالخجل لانضمامهم إليه.

فبالنسبة لكلا النقطتين السابقتين، فيمكننا التغلب عليهما من خلال الاستعانة بتجارب الدول في إحداث تغيير لوضع التعليم الفني بها، ومن هنا ننتقل للمحور الثالث وهو نماذج دولية في قطاع التعليم الفني يمكن الإستعانة بها، حيث قامت بعض الدول بعمل "كليات" للتعليم الفني، بحيث يتم إلغاء مسمى المدارس الصناعية أو الفنية أو التجارية وأيضا المعاهد فوق المتوسطة، ويحل محلها مسمى جديد وهو Community Colleges، وهذا النظام طبقته "الإمارات"، وحققت نجاحا مذهلا فى هذا النوع من التعليم وتم تطويره وتحولت الدراسة به إلى دراسة جامعية كاملة تمنح درجة البكالوريوس، بعد أن كان الدارسون فى كليات التقنية يحصلون على دبلوم فوق المتوسط لمدة 3 سنوات من الدراسة.

فضلًا عن استخدام أسلوب التعليم التطبيقي والساعات المعتمدة، وفي النهاية سوف يكون الطالب متخرجاً من كلية جامعية وليس من مدرسة صناعية وعلى درجة عالية من التعليم والذى يلزم معه تطوير مستوى مدرسي التعليم الثانوي الفني وإلحاقهم بدورات تدريبية وتعليمية لرفع مستواهم العلمي والمهني والمادي، ومن هنا فإن الطالب يجد نفسه خريج كلية فلا يشعر بالتقليل الذي رسمه المجتمع حول خريجي مدارس ومعاهد التعليم الفني، بالإضافة إلى أن نظام الساعات المعتمدة وجعل المناهج متواكبة مع التكنولوجيا الحديثة بالمعدات والماكينات الرقمية سوف يجعل الشباب مؤهلين إلى خوض سوق العمل.

وأخيرًا عزيزي القارئ، ننتقل للمحور الرابع وهو دور الجمعيات الأهلية في تنفيذ استراتيجية الدولة لتطوير التعليم الفني، فمن خلال عملي بالمجال التنموي، فإنني أرى أن الجمعيات الأهلية تلعب دورًا في تطوير التعليم الفني من خلال وجود جمعيات متخصصة في تطوير التعليم داخل المدارس الفنية من أجل تطوير التعليم بها وإكساب الطلبة داخلها بالمهارات التي تؤهلهم لخوض سوق العمل من خلال توفير فرص تدريبية عملية لهم ، ووصل حجم التمويلات التي تنفقها الجمعيات على هذا المجال إلى  40 مليون جنيه، ومن هنا فإن الجمعيات الأهلية لها دور في دعم التعليم الفني ليتلائم مع السوق وفي نفس الوقت يجب أن يقوم القطاع الخاص بدعم هذه الأفكار بشكل أكبر لسد احتياجاته من العمالة في هذه المجالات.

 أؤكد مرة أخرى أن التعليم الفني حاليًا هو أحد أدوات التنمية، وبه سنضمن وجود منتجات مصرية تتحدث عنا، وبتطويره سوف نضمن مصدر رئيسي لإمداد سوق العمل بالعمالة الفنية المدربة والتي سيكون لها دورًا هامًا في تنمية بلادنا، فهو "قاطرة التنمية".

وختامًا أؤكد أننا بحاجة مُلحة إلى تطبيق وتفعيل المادة (20) من الدستور، والتي تنص على "تلتزم الدولة بتشجيع التعليم الفني والتقني والتدريب المهني وتطويره، والتوسع في أنواع التعليم الفني كافة، وفقًا لمعايير الجودة العالمية"، وأرى أن تطبيق هذه المادة وتفعيلها ليس مسئولية الدولة وحدها، بل هناك مسئولية تقع على عاتق كافة الخبراء والمعنيين بمنظومة التعليم الفني سواء مسئولين أو خبراء أو استشاريين أو مواطنيين عاديين من خلال تشجيع أولادنا على خوض تجربة التعليم الفني إذا أرادوا ذلك، فلا نجبرهم بالاستماع إلى شعاراتنا حول إكذوبة الثانوية العامة!

 

*خبيرة دولية في قضايا النوع الاجتماعي والتنمية الاجتماعية

*وخبيرة في تطبيق التنمية المستدامة في المناطق العشوائية

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز