عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تسقط الأمم .. بتزوير المفاهيم (5)

تسقط الأمم .. بتزوير المفاهيم (5)

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

انتهينا سابقا عند نجاح قادة الماسونية في استكمال مؤامرة تزوير الرسالات السماوية التي بدأوها بالتوراة ثم الإنجيل لتتوج مخططاتهم بالنجاح في تزوير مفاهيم الديانة السماوية الثالثة وآخر الرسالات السماوية بعد أن فشلوا في إخفائها أو تزوير حرف منها وذلك بواسطة علمائهم المتأسلمين والذين أبدعوا في تزوير المفهوم الرئيسي لخلق الله للإنسان في القرآن الكريم ، وتبعهم علماء المسلمين بالسقوط في شرك الضلال والبهتان بل وساعدوا في تثبيت هذا التزوير الأخطر على الإطلاق ، والذي كان من نتيجته المباشرة الإهمال المتعمد للمسلمين للغرض الحقيقي من خلقهم وهو إعمار الأرض كخلفاء لله عليها وهو المفهوم الذي تعلموه شفاهة من رسول الله (محمد) فسادوا به الدنيا لأكثر من عشرة قرون ، ولكنهم عندما وضع لهم المتأسلمين بذور المفاهيم المضللة لكتب الفقه والشريعة والتفسير والسيرة والفلسفة والاجتماع ودسوا لهم فيها السم في العسل ليهتموا فقط بالعلم الشرعي ويهملوا باقي علوم الله لعمار الأرض ، صدقوهم وتابعوا من بعدهم السير على نهجهم الضال من خلال أكثر من مليون كتابا ، ولكنها فقط في العلوم الشرعية المبنية على آيات الحدود والفروض والتي لا تتعدى (3%) من آيات القرآن ، وصدقوا أن العبادات هي نفسها الفروض والمناسك والشعائر ومن أداها فقد أدى مهمة العبودية لله والتي خلقهم من أجلها فتكاسلوا وتناسوا العلم والعمل فهانوا على الله فأهانهم الله وأسقطهم ، وتفرغوا فقط للتركيز على تفسير وتأويل وتحوير وتلبيس فهم آيات الفروض والحدود فاختلفوا وانقسموا لبضع وسبعين فرقة تكفر بعضها بعضا ، وزادوا الكارثة خرابا فتناسوا أن الله حذرهم من الانقسام لفرق وجماعات وتجاهلوا وصف الله لمن يتبع الفرق والجماعات بالمشركين في سورة الروم { ... وَلَا تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ ، مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعاً كُلُّ حِزْبٍ بِمَا لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ }الروم331 ، 32 ، وكأنهم لا يعقلون ولا يتفكرون ولا يتدبرون ، فاستحقوا أن تمتهن كرامتهم وكياناتهم وتستباح ثرواتهم بل وبلادهم وأعراضهم تحت مسميات الديمقراطية والحرية والعدالة الاجتماعية والمساواة بين الرجل والمرأة وحقوق المرأة والتقدم والتطور حتى أصبح المسلمون مسخا بشريا مستباحا لا يحملون من الإسلام سوى الأسماء والمظاهر من حركات وكلمات وألفاظ .




وهكذا .. وبتدمير المفهوم الرئيسي لحقيقة سبب خلق الله للإنسان على الأرض ، تم إسقاط المسلمين وتزوير باقي مفاهيم دينهم وتفريغه من كل مضامينه الأساسية ، ولم يبق من دين الإسلام المبني على كتابه العزيز (القرآن الكريم) سوى ما هو مبني على آيات الفروض والحدود فقط ، مع كثير من بهتان وزور واختلافات ومذاهب وملل ونحل وجمهور علماء وجبهة علماء وقل ما شئت ليؤدي كل ذلك في النهاية لعشرات الفرق المتحاربة والمختلفة والمتصارعة ، وهو ما أدى لتدمير مزيد من المفاهيم الأخرى الهامة والأساسية ، وقد كان للماسونية نصيب الأسد في إسقاط المسلمين وهو ما اعترف به (مستر همفر) جاسوس المستعمرات البريطانية في مذكراته في القرن التاسع عشر ، والتي أكد فيها نجاح بريطانيا في اختراق المسلمين بواسطة رجال منهم بصناعته للوهابية على يد الابن المارق لقاضي نجد (محمد بن عبد الوهاب) ونجاحه في صناعة البعث الأول لإخوان المسلمين في بداية القرن التاسع عشر ليتفوق بهم في اقتطاع الكويت كدولة مستقلة عن الحجاز ، ثم اعترافات مدير المخابرات البريطانية في رسائله للمندوب السامي البريطاني في مصر في ثلاثينات القرن الماضي بنجاحهم المبهر في صناعة البعث الثاني لإخوان المسلمين في مصر وتكليفاته الصريحة لاغتيال من يعادون الاحتلال ، ثم اعترافات حسن البنا نفسه بأن الإخوان لا هم إخوان ولا هم مسلمين والتي كانت سببا مباشرا في اغتياله ، وأخيرا اعترافات اليهودي (جورج سورس) ثم اعترافات وكيل المخابرات الأمريكية السابق ، بأنهم يصنعون الفتن الطائفية تباعا بل وصنعوا ودعموا الفرق والجماعات جميعا سواء المسيحية منها للقضاء على الكفرة الأرثوذكس ، أو الإسلامية منها بداية بالوهابية والإخوان والسلفية وغيرها العديد من الفرق لتفتيت وحدة الشعوب العربية واختراق بلادهم وتشتيتهم وتصفية شعوبهم ، وهو ما نعانيه اليوم بقتل المسلم للمسلم وللمسيحي تحت مسميات وشعارات كاذبة ، ولم تقف صناعة الفرق والجماعات عند الوهابية والإخوان وفرقهم ، بل تواصل صناعة الفرق والجماعات وتشعبت بأيدي أجهزة المخابرات البريطانية والأمريكية تباعا والتي رأينا أشهرها حديثا القاعدة وفرقها العديدة وأخيرا الدواعش تحت مسميات الخلافة الإسلامية لخداع الحمقى والجهلاء والتي اعترفت الماسونية بصناعتها على ألسنة أوباما وكلينتون وكيسنجر مؤخرا.


ورغم أن قادة الماسونية وصلوا لحالة من التبجح لإعلان هذا ومناقشته والاختلاف وتبادل الاتهامات في أساليب الدعم والنتائج علانية ، إلا أن الأغبياء والحمقى ما زالوا مصرين على حمقهم وغباءهم وكفرهم وشركهم وما زالوا مقسمين لأكثر من سبعين فرقة ، وصدق قادة الماسونية في توقعاتهم التي يكررونها دوما { أن العرب أغبياء وحمقى ... فهم لا يقرءون ، وإذا قرأوا لا يفهمون ، وإذا فهموا فهم لا يتفقون بل يختلفون ويتصارعون } ، فما زال هناك ملوكا وزعماء عرب ومسلمين يدفعون المليارات لهدم أمم عربية ومسلمة وتقسيمها ، بل ورغم أن الجميع (حكاما وعلماء ومفكرون) يعلمون أن الفرق والجماعات هو عين الشرك بالله ، ولكنهم أبدا لا يعودون للحق ولا يتوبون ولا يتراجعون ، وكأننا أصبحنا جميعا تلاميذ إبليس المخلصين لتدمير البشرية ، ويظل الذنب الأكبر لمن يكتمون الحقيقة ومن يرفضون ويتجاهلون تصحيح وتدقيق المفاهيم لنصرة دين الله بحجج واهية وسلبية مدانة .
ويعد المفهوم الأساسي التالي والشديد الأهمية والذي تم تزويره تباعا ، هو معنى الدين ومفهومه العام لدى الخاصة والعامة ، فلفظ متدين تطلق على من يلتزم بالتردد على دور العبادة أو يرتدي ملابس معينة أو يطلق لحيته بطريقة معينة فالدين أصبح شكلا ومظهرا ، وهو نتاج منطقي للفكر المستمد من كتب المتأسلمين وما أكثرهم حتى أن أكثر من (86%) من علماء الفقه والتفسير والشريعة والسيرة العظام هم من وسط آسيا وإيران ، وكأن العرب قد كانوا جهلة ضعاف العقول فاقدي الفهم ، فالدين بفتح (الدال) في اللغة هو ما تدين به لغيرك ومستوجب الأداء والرد لصاحبه ، أما بكسر (الدال) فهو ما يدين به الإنسان لله ، وحقيقته أنه (باختصار) .. هو منهاج وأسلوب حياة أي شخص في أداء المهمة التي خلقه الله من أجلها ، فلو كانت المهمة هي أداء هذه الفروض والمناسك والشعائر (الصلاة والزكاة والصيام والحج وذكر الله) كما يدعي المزورون وكانت هي الغرض من الاستخلاف على الأرض لظل المسلمون الأوائل (الذين فهموا معنى الدين شفاهة من رسول الله) مجرد دراويش وشيوخ في أرض مكة والمدينة متفرغين لهذه الفروض وما انتشر الإسلام وما كان للإسلام هذا الفضل التاريخي على حضارة البشر من علوم بحتة ما زالت هي الرائدة حتى اليوم ، ولكن لو كانت المهمة هي الاستخلاف على الأرض بإعمارها بالعلم والعمل والكد والكدح فكل أصحاب الفرق هم مزورون وأهل ضلال ويستحقون عقاب الله بإهانتهم في الدنيا وهوانهم على الناس وانحطاطهم بين خلقه قرونا طويلة تماما مثلما هو قائم وحادث للمسلمين.


فالدين هو أسلوب الإنسان الشخصي في حركة حياته والمبني على معتقدات الإنسان الشخصية التي يتصرف تلقائيا في حركة حياته وفقا لها والناتجة من تربيته ونشأته وتعليمه ، وبالتالي فالدين هو سلوكيات الإنسان الذاتية والتي هي كل كلمة وحركة وسكنة يفعلها ابن آدم في حياته ، فإن لم تكن حركة حياته كاملة هي لصلاح الأرض والمخلوقات حوله عليها ، وأولها بني جنسه من البشر ، فقد انحرف عن دين الله ، وأبرز علامات انحرافه هو إهماله أو تجاهله أو تناسيه لمناسك الاستقامة التي فرضها الله عليه للحفاظ على استقامته في أداء المهمة التي خلقه من أجلها وهي الفروض والشعائر والمناسك والتي بأدائها يظل دوما منتبها ومتذكرا أنه عبد لله ومكلف بعمل الصالح لعمار الأرض ولا يملك شيئا حتى نفسه هي ملك لمن خلقه ، ولذلك تجد مجتمعا متقدما ومتطورا والأشخاص فيه في قمة الالتزام والانضباط ولكن فقط طالما هم يعلمون أنهم مراقبون ومتابعون والقانون سيف مسلط على رقابهم مثلما يحدث دوما عند انقطاع الكهرباء لساعات قليلة عن نيويورك فتحدث 250 ألف جريمة ، ولكن تغيب الشرطة والكهرباء عن مصر في ظروف الفوضى السابقة ولا تتعدى الجرائم (5%) من نسب الجرائم في دولة مثل أمريكا عن نفس الفترة ، رغم اختلاف البيئة والديانة والتنشئة والتقدم العلمي والدخل القومي ، وهو ما ينقلنا لمفهوم آخر وهو لماذا خلق الله البشر مختلفين في دياناتهم وبيئاتهم ولغاتهم وعاداتهم وكيف يحاسبهم ، وهل الشخص المولود مسلما خلقه الله (خير أمة أخرجت للناس) وليكون شاهدا على الكفرة والمشركين (أمة وسطا) كما يقول المفسرون ، وأن المسلمون فقط هم أصحاب الجنة وغيرهم في النار ، تماما مثلما يقول بعض المسيحيون أنه لن يدخل الجنة إلا من آمن بأن المسيح مخلصه ، وكما يقول اليهود أيضا عن أنفسهم أنهم فقط الجنس السامي الآتي من خارج الأرض وأن غيرهم من البشر هي نجسة خلقها الله لخدمة اليهود وجعل لهم أشكالا شبيهة بالبشر الساميين (اليهود) ليستطيعوا خدمتهم ، أم أن حقيقة الأمور كما يقولها القرآن مختلفة تماما عن كل هذا البهتان والأوهام ، بل وحتى عن تفسيرات علماء السلف والفرق والجماعات وكل ضلالات البشر ... وهذا هو المفهوم الثالث الذي سوف نستعرضه لاحقا ...

 

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز