عاجل
الثلاثاء 23 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ماذا يريد السيسي من الأزهر؟

ماذا يريد السيسي من الأزهر؟

بقلم : محمد مصطفي أبوشامة

سكان القاهرة القديمة، ومن وُلِدوا داخل محيطها التقليدي الذي شيَّده الفاطميون قبل أكثر من ألف عام، يميزهم ولع صوفيّ وعشق رباني يرسم سيماهم عند ذكر المولى عز وجل، ويربط قلوبهم على المحبة وتقدير أهل الله. وظني أن الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي وُلِد في حي الجمالية، وتربى في هذا المناخ الديني المنفتح على بُعد خطوات من السطوة الأزهرية وفضائها الملتصق بمقام الحسين وأهل بيت النبوة، قلبه معلَّق بعشق الأزهر، وعقله منشغل بأن يستمر جامعًا وجامعة، شيوخًا وأساتذة، على نهج مَن سبقوهم من علماء أحيَوْا علوم الدين.



وعندما طلب الرئيس وألحَّ على تجديد الخطاب الديني، مؤكدًا في كل أحاديثه على أن الأزهر هو عماد هذه المهمة العظيمة، كان الأزهر سبَّاقًا، ومن خلال شيخه الطيب، قبل عام، عندما أعلن «استراتيجية الأزهر في الإصلاحِ والتَّجدِيد»، التي جمعَتْ كل أحلام وخطط الإمام الأكبر، ونخبة من علماء الأزهر الشريف، ورؤيتهم لهذا الهدف المنشود، الذي يتمثل في «إعداد جيل جديد من شبابِ عُلَمَاء الأزهر ودُعاته، وتدريبهم تدريبًا جَيِّــدًا مُناسِبًا لحَمْلِ الأمانة الَّتِي اضطلع بها هذا المعهد العَريق الَّذي رضيه المسلمون في الشَّرقِ والغربِ وائتمنوه على تعليمِ أبنائهم وبناتهم حقائق الدِّين الحنيف الَّذي أنزله الله هُدًى ورحمة للناس».

لا شك أن الإيقاع العسكري السريع، يختلف تمامًا عن إيقاع المشايخ وأهل العلم؛ فلكلٍّ مضماره الذي يستوعب طاقاته ويتحمل سرعاته، وربما خلق «فارق السرعات» نوعًا من القلق عند صانع القرار المصري، الذي يعشق الإنجاز السريع والنتائج الملموسة، وهو ما عكسَتْه إشارات المحبة التي وجَّهها للإمام الأكبر، وكلمات الإشادة الدائمة التي يدافع بها عن الأزهر في كل المحافل الداخلية والخارجية.

وهذا المعهد الديني الفريد صاحب الدور المحوري في نشر ثقافة الوسطية والسلام، داخل العالم العربي وخارجه، له سمات خاصة؛ فهو عالم فسيح من الأفكار الدينية لأهل السنَّة في الأمة الإسلامية، احتضنهم المنهج الأزهري بذكاء وحكمة ومتانة في العلوم الشرعية، وظنِّي أن الرئيس يدرك طبيعة الأزهر المختلفة، ويعلم أيضًا أن هذه المؤسسة العريقة جزء أصيل من بيروقراطية الدولة المصرية، وهو أمر لا ينتقص من قدرها الشريف، وكل العقول المستنيرة في الأزهر، وعلى رأسهم فضيلة الإمام الأكبر، على دراية كاملة بالعيوب وأوجُهِ القصور داخل أسوار مؤسَّسَتِهم الشامخة، وهم أناس يتقبلون النقد والمعارضة بصدر رحب، وبأفق منفتح، لكن غضبهم شديد عند التطاول والتجاوز، مثلهم مثل كل المصريين الغيورين الذين يُجِلُّون ويحترمون «أزهرهم»، ويسيئهم أن يتعرَّض لسبٍّ أو لمز من متهوِّر أو معتوه، لأن الأزهر الشريف هو منارتهم الدينية ومصدر فخرهم وعزّهم الديني.

بالطبع لا تحصين للأزهر أو للأزهريين، لكنهم وكل فئات المجتمع الأخرى ينشدون الاحترام بعيدًا عن «القلش» و«الابتذال».. هذه أولى خطوات إصلاح الخطاب بين المصريين كي يوجد بينهم حوار عاقل ليجددوا دينهم ويشيدوا دنياهم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز