عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
تسقط الأمم .. بتزوير المفاهيم (6)

تسقط الأمم .. بتزوير المفاهيم (6)

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

تناولنا من قبل ما ارتكبه المسلمون ومن قبلهم أمم البشر المتعاقبة من تزوير متعمد لمفهومين رئيسيين من المفاهيم الأساسية لناموس الله في خلقه ، وهما .. أولا .. الهدف من خلق البشر والمهمة التي خلقنا الله من أجلها والتي استحققنا عليها سجود واستغفار ومعونة وحفظ الملائكة وذلك لجلال المهمة وأهميتها ، والتي هي إعمار الأرض بالعلم والعمل كخلفاء لله عليها وهي مهمة العبودية التي خلقنا من أجلها والتي هي (العبادات) الحقيقية ، ورأينا كيف ادعى المسلمون كذبا وزورا وتجاهلا لما جاء بالقرآن والسنة تماما ، أن الفروض والمناسك والشعائر كما سماها الله في كتابه العزيز .. هي العبادات التي خلقنا من أجلها ومن أداها دخل الجنة وكان هذا التزوير سببا رئيسيا وكافيا لهوانهم على الله وعلى الناس والدنيا فسقطوا وما زالوا يسقطون مصرين على الضلال .



والمفهوم الثاني الذي جاء تزويره تبعا لتزوير الأول هو مفهوم (الدين) الحقيقي ، والذي هو مجمل المعتقدات الشخصية والذاتية الخاصة لكل نفس بشرية والتي تتحكم تلقائيا في سلوك وتعاملات صاحبها في حركة حياتها ، فإن وافقت معتقداته وقناعاته الذاتية ما أمر الله به ، فصاحب هذه النفس.. (هو على دين الله) .. مهما كان ملته ومسماه وانتمائه ، وإن خالفها فهو منحرف عن دين الله قدر انحراف قناعاته ومعتقداته النفسية عما أمر الله به ، وهو ما أوضحه الله في كثير من آيات القرآن والتي فصل فيها ما بين الدين كمعنى ومنهج وبين أداء المناسك أو الفروض ليكذب بهتان وافتراء المسلمين بأن الدين هو أداء فروض أو شعائر .. كقوله تعالى  .. {وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفَاء وَيُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُؤْتُوا الزَّكَاةَ وَذَلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ }البينة5 ، فإقامة الصلاة والزكاة ملحقة على إخلاص الدين والذي هو إخلاص النوايا لله تعالى في كل حركة وسكنة من حياة الإنسان، وهكذا زور البشر وعلى رأسهم المسلمون المفهومان الأساسيان واللذان أهلكا من قبل أمم عديدة ومتتالية عبر التاريخ قبل المسلمين والذين بتزويرهم هذا فقدوا هوية دينهم وفرغوه من مضامينه الأساسية وما زالوا مصرين على البهتان والضلال ، وكما نقول دوما .. كذلك عهدوا آباءهم يفعلون .

واليوم نتناول المفهوم الثالث والخطير والذي سقط فيه كل الأمم قبل المسلمين وهو مفهوم الخصوصية والتمييز وانعدام المساواة بين أمم البشر ، فاليهود من قبل قالوا في التلمود أنهم أبناء الله وأحباؤه وخاصته من خلقه ، بل وهم فقط من سلالة البشر ولذلك فهم الجنس السامي ، وباقي البشر هم (الغوييم) من سلالات الحيوانات والله خلقهم على صورة البشر ليكونوا في خدمة اليهود ، ولليهودي أن يستحل دماء وأموال وأعراض وبلاد أي جنس يراه فكل البشر مسخرين لليهود ، ولذلك تتزايد أعداد القضايا والاتهامات لكثير من فرق الماسونية لخطف وقتل الأطفال في كثير من الدول لشرب دماءها في طقوس شيطانية ماسونية ، ويستحل اليهود اغتصاب الأرض كفلسطين وأجزاء من الدول العربية حولها وتشريد شعوبها ، بل وتخطط وتدرب وتدعم حاليا فرق وميليشيات (داعش) لتفتيت الدول العربية ، بل ويؤمنون بأن المسيح لم يأتي بعد ومن جاء ليس سوى نصاب ودجال يهودي مشكوك في نسبه ، وقد نال عقابه وأعدم على الصليب والذي من غباء وحماقة المسيحيين في العالم أنهم قد قدسوا هذا الصليب الذي أعدم عليه هذا المحتال وجعلوه شعارا لهم ، بل ومن قمة حماقتهم أنهم قد صدقوا أنه ابن إله وأن أباه قد ضحى به ليغفر لهم خطاياهم ، فهم مشركون وحمقى وأغبياء حتى لو كانت أصولهم الدينية تعود لليهودية ولكنهم كفروا ويتساوون مع باقي الحيوانات الأخرى .. أو هكذا يقول اليهود.

وهو نفس المفهوم الذي سقط فيه المسيحيون بلا أدنى تفكير أو تدبر تبعا لليهود أو قل تبعا لتداعيات النفس البشرية ، ومهما حاول البعض تجملا إخفاء الحقائق ، فهذا لن يغير حقيقة أنهم يؤمنون ويعلمون صغارهم ويرددون في كنائسهم أن من تبع المسيح وآمن أنه المخلص الذي ضحى به أباه الرب ليغفر خطايا العالم فقد نجا من عذاب الدنيا والآخرة ، وأن القساوسة والكهنة هم رسل المسيح ليغفروا خطايا الشعب ، ويحافظوا على إيمانهم بسيدهم وربهم المسيح المخلص ، ومن لا يؤمن بهذا من البشر فهو كافر ملحد ولا أمل له في الآخرة وسوف تعذب روحه في الدنيا والآخرة ، وما زالت صورة المسيح وهو يحاسب البشر بعد موتهم تزين أقدم كنائسهم ومتكررة ومنتشرة في مختلف كنائسهم وأديرتهم حول العالم ، وهو ما رد الله عليهم فيه بقوله تعالى .. وَقَالُواْ لَن يَدْخُلَ الْجَنَّةَ إِلاَّ مَن كَانَ هُوداً أَوْ نَصَارَى تِلْكَ أَمَانِيُّهُمْ قُلْ هَاتُواْ بُرْهَانَكُمْ إِن كُنتُمْ صَادِقِينَ{111} بَلَى مَنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لِلّهِ وَهُوَ مُحْسِنٌ فَلَهُ أَجْرُهُ عِندَ رَبِّهِ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ{112} .

وهو نفس المفهوم الذي انتقل بعفوية غباءه للمسلمين فادعوا أن لن يدخل الجنة إلا من كان مسلما يشهد الشهادتين ، حتى ادعى علماء الأزهر الكرام مسمى (أهل الفترة) وهو لمن مات ولم يسمع بالإسلام والمسلمين أو مات قبل الإسلام وهؤلاء هم معذورون أو أمرهم لله والبعض يقول أنهم معذبون بصورة أخف ، بل ويدعي المسلمون مثل اليهود والنصارى أن كل من اليهود والنصارى ليسوا على شيء بل هم مشركين وكذلك يقول اليهود والنصارى عن المسلمين ، فأصحاب الديانات السماوية الثلاثة قد اتبعوا أهواءهم وادعى كل منهم أنهم أصحاب الدين الحق ، رغم أن الله فضح الجميع بقوله تعالى .. وَقَالَتِ الْيَهُودُ لَيْسَتِ النَّصَارَى عَلَىَ شَيْءٍ وَقَالَتِ النَّصَارَى لَيْسَتِ الْيَهُودُ عَلَى شَيْءٍ وَهُمْ يَتْلُونَ الْكِتَابَ كَذَلِكَ قَالَ الَّذِينَ لاَ يَعْلَمُونَ مِثْلَ قَوْلِهِمْ فَاللّهُ يَحْكُمُ بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِيمَا كَانُواْ فِيهِ يَخْتَلِفُونَ{البقرة 113} ، بل واشترك أصحاب الديانات الثلاثة في أشهر ادعاء متفشي بين الجميع وهي أن أتباعهم هم أصحاب الجنة وحتى من أخطاء منهم فهو سوف يكون مآله الجنة ولن يعذب في النار سوى أيام قليلة ، ليرد الله عليهم جميعا في كتاب المسلمين الذين لا يقرءونه ولا يتدبرونه بل ويدعون أن الإنذار ليس لهم فهم أصحاب الحق المطلق .. فيقول لهم سبحانه وتعالى .. { وَقَالُواْ لَن تَمَسَّنَا النَّارُ إِلاَّ أَيَّاماً مَّعْدُودَةً قُلْ أَتَّخَذْتُمْ عِندَ اللّهِ عَهْداً فَلَن يُخْلِفَ اللّهُ عَهْدَهُ أَمْ تَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ ، بَلَى مَن كَسَبَ سَيِّئَةً وَأَحَاطَتْ بِهِ خَطِيـئَتُهُ فَأُوْلَـئِكَ أَصْحَابُ النَّارِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ ، وَالَّذِينَ آمَنُواْ وَعَمِلُواْ الصَّالِحَاتِ أُولَـئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ} {البقرة 80 : 82} .

ورغم أن القرآن يعتبر آخر كتاب محفوظ لم ولن يستطيع بشرا تحريفه أو الادعاء بوجود نسخ مختلفة مثل الإنجيل أو التوراة ، ورغم أن الغرب يدير علنا أو سرا مراكز ومعاهد لدراسة واكتشاف علوم القرآن البحتة لصدقها المطلق (كما يعرفون ويقولون ولكنهم يجحدون) ، ورغم أن الله أوضح في القرآن أن كل البشر من أول آدم وحتى يوم القيامة هم عند الله سواسية ، ويحبهم جميعا وأنه سبحانه سوف يحاسبهم على قدور ما أعطاهم من معطيات في حيواتهم المختلفة كما يقول سبحانه .. { .. لَا يُكَلِّفُ اللَّهُ نَفْساً إِلَّا مَا آتَاهَا سَيَجْعَلُ اللَّهُ بَعْدَ عُسْرٍ يُسْرا } الطلاق7 ، ورغم أن الله قد أوضح تفصيلا شروطه الثلاثة الوحيدة لقبول عباده في الآخرة مهما كانت مللهم ودياناتهم وجنسياتهم ومسمياتهم في سورة البقرة في قوله تعالى .. {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالنَّصَارَى وَالصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وَعَمِلَ صَالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِندَ رَبِّهِمْ وَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }البقرة62 ، وفي سورة المائدة .. بقوله تعالى .. {إِنَّ الَّذِينَ آمَنُواْ وَالَّذِينَ هَادُواْ وَالصَّابِؤُونَ وَالنَّصَارَى مَنْ آمَنَ بِاللّهِ وَالْيَوْمِ الآخِرِ وعَمِلَ صَالِحاً فَلاَ خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلاَ هُمْ يَحْزَنُونَ }المائدة69 ، وهو ما يعني أن الله يقبل أي إنسان حتى ولو لم يكن مسلما .. بشروط ثلاثة ، الأول منها هو الإيمان بوجود إله واحد ، والثاني .. أن هذا الإله سبحانه سوف يحاسب البشر بعد موتهم ، والثالث .. أن يعمل في الدنيا أعمالا صالحة لعمار الأرض ، .. إلا أن المسلمين كغيرهم من الأمم ما زالوا مصرين على غيهم وبهتانهم متجاهلين تدبر وفهم ما بين أيديهم من القرآن ، ومصرين على تزوير المفهوم الثالث وهي أن البشر سواسية عند الله ، بل ويتجاهلون تصريح الله لهم بأنه سبحانه قد خلقهم (مسلمين) ليس لأنهم أصحاب تميز أو قرب من الله ، بل إنهم بهذا قد أصبحوا أصحاب أكبر مسئولية في تاريخ البشرية وأنهم محاسبون عليها حسابا عسيرا وهو ما سوف نستعرضه لاحقا ..

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز