عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الغدر

الغدر

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

كم هي قاسية هذا الكلمة ، فما أصعب أن يشعر الإنسان بالغدر ، فحينها يفقد قدرته على التعايش مع المجتمع والناس ، حتى مع أقرب المقربين إليه ، فهو يظن أن كل من يُعاملهم قد تلتصق بهم هذه الصفة ، وما أبشع الغدر ، فهو الخيانة بعد إعطاء الأمان ، والطعن في الظهر ، واستعمال أنبل الطرق بقصد التحايل والغش ، أظن أنه لا يوجد أي تصورات أو تشبيهات يُمكنها أن تُوضح هذه الصفة أو تُفسرها .



ولكن هناك نوع آخر من الغدر ، أظنه أصعبه على الإطلاق ، وهو غدر الإحساس ، فما أقسى أن نمنح الإحساس الصادق ، أو على الأقل الذي يبدو صادقًا ، ونُظهر أطهر الصفات ، وأنبل المشاعر ، ونتحدث بأرق التعبيرات ؛ حتـى يثق فينا من حولنا ، لدرجة أصعب من أن تُوصف بالكلمات البشرية العادية ، ثم يتحول الحنان إلى قسوة ، والإحساس إلى تبلد ، والمزايا إلى عيوب ، لا تُحتمل ، ففي هذه الحالة تُصاب الضحية بحالة انعدام وزن ، أي تفقد القدرة على التعـايش ؛ لأن الباحث عن الإحساس الراقي الصادق ، لا يُمكن أن يحيا بدونه ، فهو يتحول تدريجيًا إلى إكسير الحياة ، ولا محالة وأن غدر الإحساس سيتسبب في انعدام الثقة في جميع البشر ، والتنصل من أنبل وأصدق الأحاسيس .

ولكن لِمَ نفعل ذلك ببعضنا البعض ؟ ولماذا تحلو هذه اللعبة ؟ وهل يُوجد في الحياة ما يستحق أن نفعـل ذلك بالآخرين ؟ هل مشاعر البشر باتت لعبة مُسلية ، لا نجد متعة إلا في مشاهدتها ، تنزف وتموت أمامنا ؟! لا خلاف على أن الخير والشر مُتواجدان بصفة مستمرة على أرض الحياة ، ولكن للأسف ، توجد صفـات وتصرفات ، لو طغت على السطح ، قد تؤدي إلى دمار النفس البشرية ، وتحولها إلى الحالة العدائية ، فليتنا ندرك أن هذه الصفات ، لابد أن تنقرض بداخلنا كُلية ؛ حتى نستطيع أن نتعايش أسوياء على أرض واحدة ، فما معنى الحياة لو كل إنسان فقد ثقته في نفسه ؛ نظرًا لقناعته بأنه عرضة للخداع في أي لحظة ، وكذلك لو فقد ثقته في الآخرين ؛ حتى يختلط الظالم بالمظلوم ، فمن يفقد الثقة ، لا يفرق بينهما ، ليتنا نفطن إلى نتائج تصرفاتنا التي يصعب تداركها ، وأحب أن أنوه إلى أن هذه التصرفات هي السبب المباشر في تزايد حالات المرض النفسي .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز