عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
قانون استثمار .. أم مناخ استثمار !

قانون استثمار .. أم مناخ استثمار !

بقلم : محمد يوسف العزيزى

إذا كثرت القوانين في الدولة .. فسدت الدولة .. فلا القوانين سهلت حياة الناس وساعدت علي الإنجاز ، ولا حققت الردع المطلوب منها .. لكنها في الغالب عطلت المصالح واستخدمها أصحاب الضمائر الميتة لتحقيق مصالح خاصة وجعلوا من بعضها أبوابا خلفية للفساد .. وكله بالقانون !



لدينا آلاف القوانين .. بل لدينا ترسانة من القوانين بعضها من ثلاثينيات القرن الماضي كلها ترشحنا بسهولة لدخول موسوعة جينيس للأرقام القياسية من أوسع الأبواب لكنها لا تنتج أثرا فتتراكم المشاكل والقضايا وتضيع الفرص التي قد لا تتكرر رغم توافر شروط إتاحتها ، ولنا في قانون الاستثمار دليلا صارخا علي ذلك !

قانون الاستثمار استهلك وزيرين سابقين أشرف سالمان وداليا خورشيد فشلا في خروجه للنور - رغم المأزق الاقتصادي الذي تمر فيه مصر – وأصبح في عهدة سحر نصر وزيرة الاستثمار والتعاون الدولي بعد التعديل الأخير في حكومة شريف إسماعيل ، وعلي مدار أكثر من عامين ومنذ المؤتمر الاقتصادي بشرم الشيخ في بداية 2015 والقانون عصي علي الخروج من دهاليز الحكومة ، وتائه بين الحكومة ومناقشات مجتمع المال والأعمال التي لا تنتهي ، ولم يصل بعد إلي محطة مجلس النواب !

منذ ذلك التاريخ وقبله والحديث لا ينقطع عن ضرورة وجود قانون للاستثمار ، وعن الشباك الواحد الذي ضاعت مساميره بين ورش النجارين ، وعن ضرورة فك الاشتباك بين الروتين القاتل والبيروقراطية العميقة وبين المستثمرين من الداخل والخارج ، ويمر الشهر تلو الشهر والسنة تلو السنة ولا يخلوا حديثا للمسئولين عن الاستثمار وقانون الاستثمار حتى اكتسب القانون صفة القانون المعجزة أو المستحيل !

وزيرة الاستثمار سحر نصر أعلنت عن صدور اللائحة التنفيذية للقانون الجديد خلال مارس القادم فور الانتهاء من الاستماع لملحوظات كل الأطراف المعنية بالقانون ومن بينهم وفد مؤسسة التمويل الدولي الذي يضم متخصصون في الشباك الواحد أو النافذة الاستثمارية !

ماذا كانت تفعل وزيرة الاستثمار السابقة و لماذا قالت قبل رحيلها أن القانون جاهز للعرض علي البرلمان ؟ هل تعيد الوزيرة الجديدة النقاش حول القانون ، ولماذا لم تحدد يوما في شهر مارس من الواحد وثلاثين يوما .. هل لدينا رفاهية الوقت ونحن نعلم جميعا أن عدونا هو الوقت ويجب الانتصار عليه بالإنجاز السريع ؟ !

السؤال : هل مشاكل الاستثمار يحلها قانون فقط أم مناخ عام وبيئة جاذبة وحاضنة للاستثمار تشجع عليه وتدفعه للأمام ؟

أعتقد أن توفير المناخ هو الأهم.. فهناك دول في العالم ليس لديها قانون استثمار ومع ذلك تجذب استثمارات خارجية بمئات المليارات من الدولارات ومن كل العملات الصعبة لأنها توفر مناخا حاضنا لا تضارب فيه بين قوانين الدولة !

قبل القانون علينا إيجاد المناخ المنضبط وصنع البيئة الحاضنة التي تحمي رؤوس الأموال الساخنة ، وترعي الاستثمار الأجنبي والمحلي بنفس القدر ، فلا يكفي أن يتضمن القانون إنشاء الشباك الواحد وهو يحوي داخله كل بيروقراطية الدولة العميقة والروتين وقلة الخبرة والكفاءة فيتحول لمجرد واجهة تخفي خلفها أمراض الفساد المتنوع ، ولا يكفي الحديث عن تبسيط إجراءات إصدار التراخيص للمشروعات علي الورق بينما قوانين ولوائح المؤسسات والهيئات ذات الصلة تكبل وتعطل إجراءات التراخيص ، ولا يكفي الإعلان عن توفير الأراضي الصناعية ومنحها بسهولة ولجان التسعير يحكمها الخوف بسبب لوائح مقيدة تحتاج إعادة نظر !

لا يكفي في كل الأحوال صدور قانون للاستثمار الهدف منه جلب أموال خارجية لفتح مصانع توفر فرص عمل دون أن يساند ذلك إعلاما واعيا وهادفا يعرف أهمية دوره التنموي للمساهمة في حل مشاكل الوطن ، ودون أن يقدم هذا الإعلام صورة إيجابية للخارج والداخل عن مناخ الاستثمار في الوطن ، ودون أن يناقش كل القضايا والمعوقات ذات الصلة بموضوعية وشفافية دون تهويل أو تهوين ودون إسقاطات سياسية ، ودون تصحيح صورة رجل الأعمال السلبية التي تقدمها البرامج والدراما !

المناخ الجاذب والحاضن مسئولية المجتمع كله قيادة وحكومة وشعب وبرلمان ، وفي هذه الحالة يمكن للقانون أن ينتج أثرا ويصبح هو والمناخ الرئة التي يتنفس بها الاستثمار فيؤتي ثماره .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز