عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
فُجر التهرب الضريبي

فُجر التهرب الضريبي

بقلم : طارق العكاري

هل أصبح التهرب الضريبي سِمه أم شطارة؟ للأسف أصبح من سِمات الشطارة و"الفهلوه"، فلقد اعتدنا على الطرق الملتوية والمناورة فى الأرقام والدفاتر والشيء الأكثر أسفاً هو أن خبرات المناورة ونصائح الشطارة تأتي من المُراجع أو المحاسب القانوني.



من يتابع برامج التوك شو الفترة السابقة وضيوف هذه البرامج من رؤساء الشُعب التجارية والغرف وأعضائها وهم أصحاب أعمال غالباً في نفس الشُعبة التخصصية، يجد في أكثر من حوار – بعد قرار تحرير سعر الصرف – أننا في مرحلة فُجر في التهرب الضريبي.

إذ وصلنا لمرحلة أن يخرج علينا التجار والمستوردين عياناً بياناً بأنهم مضطرونلبيع المخزون القديم الوارد إلى مخازنهم بالسعر القديم بسعر جديد يتماشى مع ارتفاع سعر الصرف بعد تحريره ضاربين عرض الحائط بكل الأعراف الضريبية متمسكين بعبارة تكلفة الفرصة البديلةوهذا يعني أن هوامش الربح ستصبح أكثر من مائة بالمائة أو مائتان أو حدث ولا حرج فعلاً و ليس قولاً.

ألا يستحي هؤلاء من أن يراهم من يحاسبهم على ضرائبهم؟ وهل وصلنا إلى هذه المرحلة من سيادة التهرب الضريبي كدستوراً على القانون أم أن"تظبيط" الملفات الضريبية للتجار والمستورديين أضحى هو القانون العرفي؟

هل ما نسمعه عن الضريبة التصاعدية سوف يتم تطبيقه على أرقام المبيعات أم على هوامش الربح؟

هل من يبيع منتجاً كمّياً بهامش ربح معتدل يستوجب أنيُفرض عليه ضرائب تصاعديةكلما زاد بيعه أم من يبيع كمّاً قليلاً كان أم كثيراً بهوامش ربح مرعبة تصل إلى 400%؟

هل هو أحد أنواع الإستسهال لعدم وجود فواتير شراء أصلاً فبالتالي لا يمكن لأي مأمور احتساب الربح فيتراضا الطرفان(المأمورية والممول) بالتقدير الجزافي؟

أعتقد هو استسهالاً وليس استبسالاً في إرجاع حق الدولة من الضرائب المستحقة.

لن أتحدث عن من لا يدفعون من الأصل فقد تحدثت عنهم كثيراً في مقالات سابقة، ولكني في حالة من الاستغراب الشديد لمن خرجوا علينا يتشدقون بعبارة تكلفة الفرصة البديلة.

هل هؤلاء لم يقيّموا حسابات تكلفة منتجاتهم على سعر السوق الموازية آنذاك (قبل تحرير سعر الصرف) لعدم توفير البنوك النقد الأجنبي لأي مستوردباستثناء السلع الأساسية؟

أين التكلفة الحقيقية للفرص الحالية يا ساده حتى تأتينا بتكلفة الفرص البديلة؟

ألاتستوي الفرصتان في التكلفة ؟ الا تصدقون؟

نظريات الإنتهازية و"الهبش" أصبحت جزء أصيل من المعاملات التجارية في وطننا الذي نعيش ونموت.

لن يتوفر سعر عادل لأي منتج دون الرقابة الضريبية ومنع الاحتكار. في أحد الحوارات مع السيد رئيس جهاز حماية المستهلك تحدث عن فاتورة لسيارة بـ 157 ألف جنيه وواقعها حوالي ثلاثمائة ألف جنيه.

خيال ربحي مرعب وقدرة وقوة وسيادة التهرب الضريبي أصبحت دستوراً مؤلماً ومحبطاً لم نتخلص منه بعد. 

وهذه السيادة العرفيه تصدمُنا بحقيقة ما وصّلنا إليه نظام ثلاثون عاماً من التسيب والرشاوي والمحسوبيه والإفراغ الضريبى من المحتوى. 

فليس أمامنا إلا أن نحتسب لله الجبار.

في خضم هذا الألم والحسرة مازلت متفائلاً بكل ما تم إتخاذه من قرارات إقتصادية وإنشاء المجلس القومي للمدفوعات الذي يعد أولى خطوات ثورة تصحيح الدساتير العرفيه الباليه.

ولكني أطالب بضرائب تصاعدية على هوامش الربح وليس على أرقام المبيعات.

فإستفادة أو احتياج الكثير منا من منتج يُباع بكثرة بهامش ربح معتدل لا يُضر الدولة ولا المواطنين.

المفزع حقيقة هو إجبار الجموع الكثيرة على شراء منتجاً مُحتكراً بهامش ربح انتهازي لا يعبأ بائعه كم سيدفع للضرائب.

قبل كتابة هذا المقال قرأت عن عدة أنظمة ضرائبية في دول مختلفة ولفت إنتباهي نظام الضرائب في ألمانيا الذي يصل إلى ستين بالمائة في بعض الأحوال.

فهناك ضريبة على كل ملمح من ملامح الحياة بدءً من الدخل والثروة والإرث وحتى تربية الحيوانات الأليفة ولكن بالطبع كل ضريبة تعود على المواطن مرة أخرى في أشكال مختلفة من معاشات وإعانات بطالة تصل إلى ستين بالمائة من أخر دخل للموظف الذي فقد وظيفته.

وتأتي أهمية الضرائب في كونها الوسيلة الرئيسية لإعادة توزيع الدخل والمصدر الأول دون منازع لتمويل الموازنة العامة للدولة.

وفي تعريف نظام الضرائب الألماني رغم تعقيده وبنوده الكثيرة فهو يعتمد على فكرة أن المجتمع ككل وحدة واحدة وكل فرد يعمل على خدمة هذا المجتمع بشكل توافقي.

فكل مواطن يخدم المواطن الأخر بشكل مباشر أو غير مباشر من خلال مجموعة من القوانين تقطع الطريق أمام أى تجاوزات أو تقصير في الحقوق والواجبات.

و يبقى سؤال البرامج وماذا تعطينا الدوله لندفع لها ضرائب كسؤال القديرة الأستاذة آمال فهمي "تحب تسمع إيه فى برنامج على الناصيه ؟" وتبقي الإجابة فى عبارة واحدة: "جبل الحلال".

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز