عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
قصة حب وقلبين

قصة حب وقلبين

بقلم : أمل حجازي

امتلأت القاعة عن أخرها، ساد الصمت الأجواء، بدأت العيون كلها تتجه نحو المنصة حيث يجلس هو. كل الحضور آذان صاغية، تتأهب لحديثه الجذاب الذي يخطف به الأسماع بمجرد أن يبدأ.  كان يعرف أن له تلك الجاذبية الأخاذة، فمن يستطيع مقاومة كلماته التي يملأ بها الكتب؟ كان يعرف أنه له سحر خاص؛ فهو يجمع بين حلاوة اللسان، واتزان العقل، ورجولة المظهر.اعتدل الكاتب الانيق في جلسته وابتسم ابتسامته الساحرة للحضور الكبير. مر سريعا بعينيه عليهم، ولكنها كانت هناك! من هي هذه الجميلة التي تنظر إليه مباشرة وتأبى أن ترفع عينيها من عليه؟ من هي تلك التي يراها دائما؟  تأتي مبكرا لتجلس في الصفوف الأولى تنتظر أحاديثه ومحاضراته في كل مرة. ولكن، لماذا هو متهم؟ فطابور المعجبات طويل؛ ولكن ثمة شيء يجذبه إلى هذه المرأة.



بدأ في الحديث وبدأت الأسئلة تلاحقه من كل الحاضرين، تارة عن كتابه الأخير، وتارة عن مشروعاته الأدبية القادمة، وتارة عن حياته الخاصة التي لا يحب أن يتطرق إليها كثيرا، فالغموض الذي يحيطه بحياته يضفي عليه سحرا لا مثيل له.ولكنها لم تسأل...!! كان يتمنى أن يسمع صوتها، كان يريد أن يربط صوتها في عقله وبين هذا الجمال الهادئ وتلك والرقة المحببة جدا إلى قلبه. ولكنه سرعان ما كان يؤنب نفسه حتى على هذا الخاطر الذي يجول في عقله. كيف لرجل في اوائل الخمسينات مثله أن يفكر في امرأة أخرى؟ لعله مجرد اعجاب. كيف سيسمح له وقاره وكيف ستمنحه هيبته حق التفكير بها؟ ...لكنه لا يدري لماذا هذه المرة بالذات تمنى " في سره" أن يعيش تلك القصة التي كانت تطوف في عقله.

انتهت المحاضرة، وانتهى حديثه؛ الذي لم يكن يريده أبدا أن ينتهي...هل سترحل الآن؟ ليس ثانيا! هل ستختفي مثل كل مرة ولن يراها إلا في حديث قادم أو محاضرة قريبة؟ ماذا حدث له؟ هل من نظرة إعجاب سقط صريعا في هواها؟ وقف الجميع ليسلموا على الكاتب الكبير، بعضهم اقترب منه ليلتقطوا معه صورا تذكارية. تشوش فكره بهذا الزحام وتلك الضجة. وبإبتسامته الجذابة، وبكل حرارة أخذ يرحب بالجميع. واقتربت كل الأيادي لتسلم على كاتبها المفضل، وفجأة من وسط كل الأيادي الممدودة ظهرت له!! هل حقا هذه هي؟ هل هي قريبة مني إلى هذا الحد؟ كم هي جميلة عن قرب. ومد يده ليسلم عليها وعيناه التي كانت ترقص فرحا لم تكن تفارق عينيها. لم يكن بحاجة لأي لغة ليتحدث، فعيناه كانت تتحدث لغة بمفردها لا يفهمها إلا هما. قالت له كلمتين فقط: " أنا معجبة جدا بك"...غرق بعدها حتى أذنيه في شبر ماء الحب!  لا تسألني ما الذي حدث؟ فله كثير من المعجبات، وكلهن يقلن نفس الشيء، ولكن لأنها هي؛ فالأمر مختلف. وانتهىهذاالسلامبينهما،ولكنلمتنتهالقصة،فقدوضعتقصاصةصغيرةمن الورق في جيبه قبل أن ترحل.

  رحلت دون أن يعرف حتى اسمها، رحلت دون ان يرد عليها، رحلت قبل أي شيء، رحلت دون ان يعرف أن في جيبه ورقة صغيرة منها. يا ترى ماذا بها؟؟

  يتبع.......

 

جاءت مبكرا كعادتها لتلحق الصف الأمامي. لن تقبل بالصفوف الخلفية أبدا. فهي تريد رؤية واضحة له، وكلما اقترب الصف اقتربت هي منه أكثر. تعرف مسبقا ان شيئا لن يتغير، فلن يعيرها اهتمام مثل كل مرة، أما هي فلن تأتيها الجرأة لتعرفه بنفسها. حتى لو حاولت فسيمنعها الخجل من الاقتراب وسيوقفها ضميرها عن المحاولة.ومن يأبه بحالها على أية حال؟ فهي تراقبه في صمت وتحبه بينها وبين نفسها. كيف سيلتفت لها وحوله كل تلك المعجبات، وكلهن رهن إشارة من عينيه. تلك العينين اللتان تحبهما كثيرا. تحب ضحكتهما، تحبهما لدرجة الجنون، لدرجة أنها تقرب صورته من على تليفونها المحمول وتنظر إليهما كثيرا وتتخيل أنهما يتحدثان إليها. هل جننتي؟ ماذا اصابك؟ كيف تنسين نفسك إل هذا الحد؟ أنه مجرد اعجاب ليس إلا... فلك حياتك وله حياته واللقاء بينكما يكاد يكون مستحيلا.

 ها هو بكامل اناقته، بكامل لياقته، بكامل طلته التي يأسر بها قلبها. جلس ونظر إليها مباشرة فخفق قلبها عاليا، كانت تخاف ان يسمع دقاته الرجل الذي يجلس على يمنيها، أو تنتبه لتلاحق أنفاسها الساخنة خجلا السيدة التي تجلس إلى اليسار. هل انتبه لي هذه المرة؟ هل سأجرؤ على محادثته؟ لا ...لعله فقط ينظر لي كما ينظر للجميع. ولكنه اليوم مختلف، أنه يتحدث وينهي حديثه بنظرة لي. يتحدث وكأنه يوجه كلامه لي. كان يقول شيئا وعيناه تقول شيئا أخر! ما هذا الجنون؟ أيعقل هذا؟ ولما لا؟ ربما حان الوقت لكي يعرف!

 انتهى الحديث، ويا ليته ما انتهى، هل اذهب الآن؟ لا أحب الزحام. لن انتظر دوري وسط كل هذا الحشد لأسلم عليه. لن يلتفت لي على أي حال. لا... لن اضيع الفرصة هذه المرة، حتى لو لم افعل شيء فيكفي أنني سوف اقترب منه.

كم ان القرب منه مختلفا! كم ان أحلامي لم تكن بعيدة عما أراه أمامي الآن. فها هو كما تخيلته في احلامي وكما رسمته من قراءاتي لكلماته؛ فتلك هي الملامح التي يحفظها خيالي جيدا؛ الملامح التي تحمل طابع شرقي أصيل مع نظرات فارس نبيل واثقة جدا من نفسها تحاكي القلوب مباشرة وتخطف الأنفاس؛ هو توليفة فاخرة من الجنتلمان الأنيق...هل سيتوقف قلبي الآن من الفرحة؟ أكاد اجزم ان بعضهم يسمع معي دقاته العالية المتسارعة. ولكنني سأتماسك لكي أتمم ما جئت من أجله. مددت يدي لأسلم عليه؛لا... لن أضع الورقة خلسة في يده، ربما تقع ولا يلتفت لها، سوف أدسها في جيبه دون ان يشعر!!

وللحكاية بقية.........

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز