عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مع فارق التوقيت

مع فارق التوقيت

بقلم : د. أحمد عيسي عبدالله

هناك العديد من أساتذة الجامعات والأطباء والتجار الكبار وغيرهم إذا نجح أحدهم تحدث عن نفسه بكثير من الإطراء ، وتكلم عن سيرته الذاتية بحبور وسرور، وكأنه يريد أن يقول: إن النجاح راجع له هو ذاته، فيحدثنا كثيراً عن الصبر الذي صبره، وتضحياته، وإصراره، والصعوبات التي واجهها؛ ولذلك يكون حريصًا على أن يذكر بداياته، وكيف أنها كانت بدايات ضعيفة جدًا، وأن النهاية كانت ضخمة جدًا، حتى يبين الفارق الكبير ما بين البداية المحرقة والنهاية المشرقة.



وبديهى ألا يكون للإنسان فضل فى النجاح بدون البيئة من حوله التى أيضاً لها أثر في هذا النجاح، حتى لو كان أثرًا عكسيًا، فالبيئة هي التي تصنع التحدي في بعض الأحيان، وعلى سبيل المثال، فإن الابن الذي نشأ في بيت والده مدمن المخدرات وتحول هذا الابن إلى مهندس ناجح، ستجده يقول إنه شعر بمسؤوليته في البيت عن الأم والبنات والأسرة، ولذلك فإن هذا التحدي حفزه إلى أن ينجح في عمله، مما يشير إلى أن البيئة في كثير من الأحيان تكون محفزة ودافعة للنجاح.

و ليس من العدل أن نتحدث دائمًا عن البيئة والمجتمع بقدر من العيب أو الازدراء أو الانتقاص، أو أن البيئة ليس فيها فائدة ولا أمل، فلو نظرنا إلى تجارب العالم في الهند أو الصين أو فنلندا أو غيرها، وقارنّا حال التخلف بحال التقدم لوجدنا أن هناك قدرًا كبيرًا من التحدي والأمل، وإذا قرأ أي شخص عن التخلف الذي كانت عليه هذه المجتمعات ربما ظن أنه لا أمل في النجاح حينها، ولكن بقدرة الله - سبحانه وتعالى- ثم بجهود رجالها ومخلصيها وإصرارهم حققت هذه المجتمعات قدرًا من التفوق والتقدم والرقى.

فهل ازدراء الظروف والإحباط من البيئة والواقع سيقف عائقاً أمام طموحك؟ هل سترحل بدون أثر؟ هل تكتفى بلعن الأحوال بدلاً من العمل على تغييرها إلى أحسن حال؟

يقول مصطفى صادق الرافعي - رحمه الله-: (من لم يزد شيئًا على الدنيا فهو زائد عليها)، وهذا صحيح، لأنه من الضرورى أن يكون للإنسان أثر وبصمة في الحياة، وهنا لا نتحدث عن أثر خيالي، لأن البعض عندما يسمعون كلمة (أثر)، يتخيل أنه يجب أن يكون عالماً مبتكراً عظيماً أوعبقرياً أو تاجراً لديه ملايين الدولارات، ولذلك هو لا يصنف نفسه ضمن هؤلاء.

علينا أن ننظر إلى قوله صلى الله عليه وسلم: «أَوْ وَلَدٍ صَالِحٍ يَدْعُو لَهُ»، فربما الكثير منا عنده ولد أو بنت، فالولد يطلق على الذكر والأنثى، وعندما تحسن تربيته، فإن هذا استثمار ضخم وعظيم، كما أن هذا الإنسان يمكن أن يكون مبدعًا أو عبقريًا أو وزيرًا أو حاكمًا أو تاجرًا أو متفوقًا في أي مجال من مجالات الحياة، ويحفظ الله تعالى اسمك وذكرك به أو يدعو لك ويكون عنده قدر من الخير والصلاح.

إن الله تعالى يبارك ولو في القليل من المال، وذلك إذا كان هناك نية صالحة، وأفضل الصدقة جهد المقلّ، والنبي -عليه الصلاة والسلام- يقول: «سَبَقَ دِرْهَمٌ مِائَةَ أَلْفِ دِرْهَمٍ»

كما أننا يجب علينا أن نجزئ عملية الأثر، ولا نجعلها كأنها قضية نهائية لا يملكها إلا أفراد قلائل من الناس، ولكن نجعلها متاحة للفقير والمسكين ، والطفل الصغير والرجل والمرأة والموظف وغير الموظف والطالب والمعلم، فكل هؤلاء يمكن أن يصنعوا أثرًا وبصمة فيمن حولهم وربما هذا الأثر لا يستطيع أن يصنعه غيرك أحيانًا، فكلنا راحلون ولكن يبقى الأثر.. كلنا راحلون مع فارق التوقيت.

 

*استشارى ادارة الموارد البشرية

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز