عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
لا تحرقي نفسك أيتها الأرملة!

لا تحرقي نفسك أيتها الأرملة!

بقلم : د. طه جزاع

قد يظن البعض إن البقرة الضاحكة هي مجرد دعاية مبهجة لنوع من أنواع الجبنة الفرنسية الشهيرة ، تظهر على علب قطعها المثلثة وأغلفتها بقرة سعيدة ضاحكة تتباهى بأقراطها المدورة النازلة من أذنيها الطويلتين وكأنها حسناء كاعب من بنات حواء ، حتى اكتشفنا انه لا توجد أبقار ضاحكة فحسب ، إنما توجد أيضا ثيران مدللة سعيدة ، أين منها دلال الرجال وأعراسهم ، ومن ذلك ما حدث في قرية هندية لبى فيها أكثر من خمسة آلاف هندوسي دعوة أحد القرويين لحضور مراسم زواج بقرته المقدسة الدلوعة المسماة  براكاش من الثور المحترم غانغا ، وقد كلف حفل الزواج هذا الذي استمر التحضير له لأكثر من شهرين مبلغ 15 ألف دولار فقط لا غيرها!



ولا يمكن الحديث عن الهند من دون الإشارة إلى القرود الهندية التي كانت إلى زمن قريب تملأ شوارع  نيودلهي وتسرق حقائب السائحين والزوار وحاجياتهم ونقودهم ، وهي غير القرود اليابانية  صاحبة الحكمة الشهيرة "  لا أرى شراً .. لا أسمع شراً .. لا أتكلم شراً  " والتي فهمها البعض إنها تعني " لا أرى .. لا أسمع .. لا أتكلم " فأغمض عينيه وأغلق فمه وأذنيه ، ونام مرتاح البال والضمير وهو لا يحلم إلا أن يستيقظ يوماً فيجد نفسه وقد مسخ إلى ثور سعيد أو بقرة ضاحكة!

إن مثل هذا الأمر لم يكن غريباً على عالم رياضي وجغرافي مثل أبي الريحان البيروني الذي صحب السلطان محمود الغزنوي في غزواته للهند ، وبعد وفاة السلطان وضع اكبر موسوعة عن حياة الهنود وعقيدتهم في التناسخ والمسخ التي تؤمن بحلول روح الإنسان بعد وفاته في جسد حيوان ، وعن أطعمتهم وأعيادهم وعادات أنكحتهم في كتابه الشهير " تحقيق ما للهند من مقولة مقبولة في العقل أو مرذولة " ومما تأمله البيروني في تزاوج الحيوانات اقتصار كل زوج منها بزوجة ، بينما يحق للرجل الهندوسي أن يتزوج بأربع نساء ، وان المرأة الهندوسية إذا مات زوجها فلا يسمح لها بالزواج ثانية ، وليس أمامها إلا أن تبقى أرملة أو تحرق نفسها بعد وفاة زوجها ، وذلك هو أفضل لها من البقاء في العذاب طوال عمرها ، كما يرى البيروني!

والحق يقال إن قيمة الإنسان تتناقص أمام الحيوان كلما انقلبت موازين الحياة الطبيعية ، وكلما افترس البشر بعضهم البعض من دون رحمة ولا شعور إنساني ، حتى جاء هذا الزمان الذي تتمزق فيه الأجساد البشرية ، ويتشرد فيه الملايين من الأبرياء المظلومين وهم يبحثون عن سقف أو خيمة تؤويهم أو كهف أو خندق يؤمن خوفهم ، في الوقت الذي يتفنن فيه العالم المتمدن ويتفاخر بافتتاح أحدث الفنادق والمطاعم والمشافي والعيادات التي تقدم خدماتها المتميزة للكلاب والقطط المدللة وتسيير  الباصات المريحة المكيفة الملونة لجلوس وراحة هذه الحيوانات في جولاتها الترفيهية والسياحية ، بينما يبقى الإنسان في كثير من البلدان حائراً خائفاً تائهاً بين البؤس والظلم والحرمان من غير أن يتمكن من فتح فمه بعد أن أغلق عينيه وأذنيه على طريقة القرود اليابانية الحكيمة !

وأنت ياسيدتي الأرملة ، لا داع لأن تفكرين بحرق نفسك بعد وفاة بعلك مثلما تفعل الأرملة الهندوسية .. يكفيك الحرائق التي أشعلها لك في حياتكما الزوجية .. السعيدة !

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز