د. طه جزاع
طبيب نفساني لرئاسة الحكومة!
بقلم : د. طه جزاع
ربما أدرك بعض الحكام والملوك العرب ، ولو متأخراً جداً ، ان الشعوب التي يحكمونها ليست شعوباً سوية ، وانها لاتحتاج الى خدمات أو وظائف أو رفاهية أو حرية أو ديمقراطية ، بقدر حاجتها الى طبيب نفساني متمرس قد يتمكن من تشخيص وعلاج أمراضها النفسية والعقلية المستعصية !
الملك المغربي محمد السادس الذي عين أمس الأول الجمعة الطبيب النفساني الدكتور سعد الدين العثماني رئيساً للحكومة بعد فشل عبد الاله بنكيران بتشكيلها ، كان يخمن عن قصد أو من دون قصد ان معالجة النفوس تتقدم على معالجة الأبدان ، وان طبيباً نفسانياً يقود الحكومة سيكون أقدر من غيره على تفهم الحاجات النفسية لوزرائه ولشعبه على السواء ، فالعثماني وهو رئيس المجلس الوطني لحزب العدالة والتنمية مازال يمارس عمله ويستقبل مرضاه في عيادته الخاصة لكونه طبيباً اختصاصياً في الامراض النفسية والعقلية ، وكل ماعليه ان يعمله الان هو تحويل مقر الحكومة الى عيادة نفسانية لمعالجة الشعب ، والفرق الوحيد بين عمله في عيادته الخاصة وعيادة الشعب ، انه يشترط على مرضاه في العيادة الخاصة الواقعة في الرباط زنقة عمان رقم (8 ) مدخل ( ب ) الطابق الأول ، حجز الموعد قبل المراجعة ، فيما سيكون موعد الشعب معه مفتوحاً في كل الأوقات وبلا مواعيد سابقة ، أعانه الله على ما ابتلاه !
بالطبع فأن هذا التكليف الملكي لم يمر مرور الكرام على مواقع التواصل الاجتماعي في المغرب التي تناولته بالكثير من التعليقات الطريفة ، ومنها : " ان جلالة الملك فاهم شعبو ، ويعرف ان المغاربة بحاجة لطبيب نفسي يكون رئيسا للحكومة " .. و " ان جلالة الملك اختار طبيب نفساني لأن 44 في المائة من المغاربة مصابون بأمراض نفسية " .. و " العثماني مولع بالجلسات الشهرية مع المرضى والمجانين وسيحول قبة البرلمان الى عيادة لعلاج السياسيين " .. و " العثماني بجلسة واحدة سيشخص المرض " !
العثماني من مواليد 1956 وهو كما تصفه بعض التقارير الخبرية " معروف بهدوئه ورزانته وتجنب الصدام والتصريحات المثيرة للجدل ، وابتسامته لا تفارق ملامح وجهه مع الجميع ، ولا يخوض اية حرب كلامية ، ولا تسمع منه أي تصريحات نارية ، وهو ما يجعله رجل التوافقات ، وانه حين تولى وزارة الخارجية بعد فوز حزبه في الانتخابات التشريعية عام 2012 لم يجد صعوبة في التأقلم مع متطلبات العمل الدبلوماسي ، بحكم انها تمثل جزءاً من شخصيته " .
خطوة الملك المغربي بتعيين طبيب متخصص بالأمراض النفسانية والعقلية ، جديرة بالاحترام والتأمل ، فما أحوج مواطني عدد من البلدان العربية الى مثل هذه الخطوة الجريئة ، ولا سيما في البلدان التي يقودها مرضى نفسانيين ومجانين رسميين ، يتسابقون بلا هوادة مع أبناء شعبهم العظيم في جنونهم وأمراضهم النفسية والعقلية !