عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
السيد يسين.. وسر الغرفة 11

السيد يسين.. وسر الغرفة 11

بقلم : د. شريف درويش اللبان

دعاني المفكر الكبير الراحل الأستاذ السيد يسين في الخامس من شهر مايو 2015 إلى احتفالية كبرى أقامها مركز الدراسات السياسية والاستراتيجية بمؤسسة الأهرام، بمناسبة مرور ثلاثين عامًا على صدور التقرير الاستراتيجي العربي، حضرها كبار المثقفين والسياسيين والباحثين ورجال الدولة واختصها رئيس الوزراء المهندس إبراهيم محلب رئيس وزراء مصر بساعة كاملة من وقته.



وفي هذه الاحتفالية تحدث الأستاذ أحمد السيد النجار رئيس مجلس إدارة الأهرام، والأستاذ ضياء رشوان مدير مركز الأهرام للدراسات، والمهندس إبراهيم محلب رئيس الوزراء وقتها، ليكشفوا جميعًا بدرجات متفاوتة عن "سر الغرفة 11"؛ ويعود هذا السر إلى العام 1968 عندما وجّه الرئيس جمال عبد الناصر، الأستاذ محمد حسنين هيكل رئيس تحرير الأهرام، بإنشاء وحدة للدراسات الفلسطينية والصهيونية لكي تقدم معلومات ودراسات للدولة المصرية على مدار الساعة بما يفيد الدولة في حربها ضد العدو الإسرائيلي.

ونظرًا للأهمية البالغة لهذه الوحدة التي تطورت بعد ذلك لتصبح مركزًا للدراسات السياسية والاستراتيجية، فقد كان يُطلق عليها "الغرفة رقم 11"، وكانت "الغرفة رقم 10" في ذلك الوقت هى "غرفة العمليات بالقوات المسلحة المصرية"، وهكذا يمكن القول إنه عندما أعطت الدولة المصرية للعلم والبحث العلمي قيمته استطاعت أن تنتصر على إسرائيل في حرب أكتوبر 1973 بعد هزيمة مذلة في حرب 5 يونيو 1967.

وأعتقد اعتقادًا جازمًا أن المراكز البحثية الوطنية – كما ذكر المهندس محلب – قدمت وما زالت تقدم خدمات جليلة وقومية للدولة المصرية، فقد عملت هذه المراكز طوال الفترة الماضية والتالية لفض اعتصاميْ رابعة والنهضة على تفكيك ظاهرة الإسلام السياسي، ووضع السُبل الكفيلة بمواجهتها، واستعادة الدولة المصرية من براثن قوى الإرهاب والتخلف والظلام.

ولا شك أن هذه المراكز البحثية الوطنية تقع على عاتقها مسئوليات ضخمة في الفترة القادمة في حسم المعركة الراهنة مع الإرهاب، وبعد حسم هذه المعركة عليها أن تسعى لتكثيف جهودها في قضايا مهمة وحيوية للدولة المصرية ومن بينها وضع خريطة لمستقبل مصر خلال السنوات الثلاثين أو العشرين القادمة وتقديمها لصانعي القرار، ووضع خطط لتمكين الشباب، وإدماج المرأة المصرية في العمل السياسي، وتمكين المرأة كأحد العناصر الفاعلة في ثورتيْ 25 يناير و30 يونيو.

إن المراكز البحثية الوطنية علاوة على المجالس الرئاسية الاستشارية تُعد بحق الظهير الفكري للدولة المصرية، التي تؤمن بالعلم والبحث العلمي في مواجهة تحديات الحاضر والتطلع لآفاق المستقبل.

ولعل ما لا يعرفه الكثيرون أن السيد يسين كان عضوًا فى جماعة الإخوان المسلمين فى أوائل خمسينيات القرن الماضى، وكان يُلقى خطبة الجمعة فى أحد مساجد الإسكندرية حتى اختلف مع الجماعة على مبدأ السمع والطاعة، وهو المبدأ الذى لا يستسيغه العقل النابه والمفكر، وهو الأمر الذى أدى إلى شرود العديد من أعضاء الجماعة الذين انشقوا عنها.

ومنذ ذلك الحين كشف السيد يسين عورات الجماعة، وعمل على تعرية تيار الإسلام السياسى الذى عمد إلى خلط الدين بالسياسة. وفى فترة مبكرة من عقد التسعينيات، دعا هذا التيار أثناء إجراء المراجعات فى السجون لأفكارهم إلى العدول عن التأويل المنحرف للنصوص الدينية، وألا يتخذوها مطية لأهدافهم التى لا علاقة لها بالدين والدعوة.

وقد حارب السيد يسين الفكر التكفيرى وفكك الأصول التى يقوم عليها، كما قام بالتحذير من الفكر اليوتوبى فى النظر إلى جماعة الإخوان قبيل وأثناء اعتلائها سُدة السلطة فى عام هو الأسود على الإطلاق فى تاريخ مصر المعاصرة.

إن انحياز السيد يسين للدولة المصرية جعل الرؤساء المصريين على مختلف العصور يثقون فيه، وفى رؤيته الثاقبة للأمور، وذلك منذ الزعيم الراحل جمال عبدالناصر وحتى الرئيس عبدالفتاح السيسى، الذى حرص أن يكون يسين على رأس المثقفين الذى يلتقيهم لاستشراف مستقبل الدولة المصرية.


 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز