عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مكالمة فى منتصف القلب

مكالمة فى منتصف القلب

بقلم : غادة كريم

 



تحاول أن تعود بالذاكرة لنقطة البداية عندما خانتها خلايا القلب وسمحت له بالتسلل، لم تكن تهتم بالرجال كثيرا، كل مايشغلها عملها وشغفها بالفن فقط، لم تنتظردورها فى أن تقع فى الحب وتقف فى طابورالعشاق، تتذكراللحظات الاولى حين بكت بشدة وقاومت حتى لا تتورط بحبه، كانت لحظات غير قابلة للتفاوض لأنه سرق عقلها بلحظة تفاهم وخطفها من العالم بجملة أخترقت زاوية القلب وسكنت هناك.. يتحدثان على الهاتف فتسكن فوضى العالم !

هى تراه آدم هذا الكون، كانت تحب الجلوس بجانبه فى السيارة لتراقب ملامحه وأصابعه، دائما تراقب عمله بفخرالوقوع فى غرام فنان عبقرى التفاصيل، كان الجلوس بجانبه على نفس الكنبة لساعات ربما حتى فى صمت يعنى لها الكثير، يعنى لها الونس دون كلمات، أحيانا كل ما نحتاج إليه أن تعانق أعيننا أجسادهم، أن نتنفس هوائهم، أن يملأنا اليقين أننا نستطيع فى أى لحظة احتضانهم والالتصاق بهم.

هناك لحظات أرادت بشدة استرجاعها، بكيت بحرقة لأجل أن تعود اللحظة، لحظات استثنائية فهناك بشر ولدوا وعاشوا ورحلوا دون تذوق لحظة عشق حقيقية على خط العمر. كانت تتمني أن يراها حواء هذا الكون، كان يخبرها أنها تحمل شخصيات متنوعة داخلها من النساء، يعطيها الثقة لتنجح وتختبرالحياة، يخبرها عن نفسها ما لم تكن تعرفه قبله، كانت تعمل باجتهاد لشهورطويلة وتنجح حتى تبهره فى جملة على الهاتف فيشعر بالفخروتسكن قلبها السعادة، مازالت تحب أن تري نفسها بعينيه فهو يعرف الخريطة جيدا.

هى مسئولة عنه كطفل تائه تهوى تنظيم حياته، تستمع إليه وتعطيه رأيها كصديقة، الصداقة فى الحب أهم من الشغف نفسه، أهم من الاشتياق اليومى، أنها تشيع حالة من الونس لا تسكن ولا تجف، يأخذها ويتسكع داخل قلبها ليمحو بشرويعدل أحداث ويرسم بأصابعه الرائعة حياتها من جديد، تأثير كل منهما على حياة الأخرمخيف، كل منهما لم يعيش تلك الحالة من الأجتياح والاحتياج من قبل، يشعرأن الاخريكمله بدقة ومن دونه سيعيش نصف حياة !

في البعاد يخبر كل منهما نفسه أن الاخر حقير، هذا الرجل سيخوننى مع قبيلة من النساء وربما نسينى ولم أكن الا نزوة، هو يخبر نفسه كم حاول التفاهم معها وكانت قاسية ولم تمنحه الفرصة وربما الان وقعت فى غرام رجل جديد ونسيتنى، كل منهما يريد أن يرى الاخر سيىء ولن يكون سعيدا معه حتى لا يدركا حجم التعاسة التى يعيشونها الان فى الافتراق.

القدر ليس حنونا عليهما، بل عابثا بالأحداث كثيرا، يفرقهما الف خطوة كلما اقتربا خطوة، ويبقى السؤال لماذا لا يفترقان ؟! .. لم تكن متأكدة من الأجابة وهو أيضا لا يدرى ولكنها تعرف جيدا أن صوته قادرعلي أسعادها كثيرا، شئ ما علي الهاتف يغريها بالبقاء، ضحكته تزرع مساحات القلب الجرداء بالونس لكنهما يفترقان ومازالوا يهابون القرب !

تتمنى لو وافقت على طلبه وتزوجته، وعاشت معه فى الصباح لحظة ميلاد فنجان قهوتها على يديه، تتمنى أن تتسوق معه لمناسبة ما فستان يختار لونه، أن تطبخ له وجبته المفضلة ليعود فيجد رائحة الطعام شهية ورائحتها هى أشهى، أن تذهب معه للسينما مكانهما المفضل، تتمنى لو تعود بعد سهرة طويلة لتستلقى بجانبه فى نفس السريروتحتضنه لساعات، أمضت الكثير من الليالى تبكى من الاشتياق لرائحته .. كانت تتمنى لو أنجبت له طفل، فهو أب حنون وكريم المشاعر، كانت تتمنى الكثير والكثيرولكنهما لم يتزوجا بعد !

وتأتي مكالمة هاتفية لتختصرالوقت والمسافات، لا يحدث شئ من قبيل الصدفة، تسقط عند رقم هاتفه كل نظريات الكراهية التي أخترعتها، تسقط الكلمات التي قالتها لنفسها مغشيا عليها، تفرقهما الايام ولا يفترقان، ومازالت كل الاسئلة بلا اجابات، جميعها متروكة ومنسية على طاولة الزمن.

لكنهما بطريقة أو بأخرى يدفعون رشوة كبيرة للقدر ليظلا أصدقاء، لأن هذا السحرالقليل منه كالكثيرمن كل شىء.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز