عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
«الإنتاج» هـو الحل!
بقلم
محمد نجم

«الإنتاج» هـو الحل!

بقلم : محمد نجم

أحيانًا ما يتصادم الإحساس بالتفاؤل مع الواقع الملموس على الأرض.



فأنا من المؤمنين بقوة الاقتصاد المصرى حيث وفرة إمكاناته وتنوع أنشطته وهو ما يمنحنى الإحساس بالتفاؤل فى غدٍ أفضل مما نحن فيه حاليًا.

ولكن المشكلة أن هذا الإحساس الدفين يصطدم بواقع المؤشرات الكلية للاقتصاد المصرى وخاصة معدل التضخم الذى تجاوز نسبته 30% وكذلك معدل البطالة وارتفاع نسبة الفوائد على الاقراض وانخفاض معدل  النمو فى الناتج المحلى فى الثلاثة شهور الأخيرة.

أضف إلى ذلك تضخم الدين المحلى وبلوغ الدين الخارجى إلى حوالى 60مليار دولار ذلك مع استمرار العجز فى الموازنة العامة للدولة.

 

 ومع كل ما تقدم فمازالت متفائلًا.. حيث اكتشافات جديدة من البترول والغاز على وشك أن تؤتى ثمارها، ومكافحة جدية للفساد الإدارى الذى استشرى فى بعض مؤسسات الدولة والمحليات فى السنوات السابقة، مع محاولات جادة لضبط الأداء فى دولاب العمل اليومى فى جميع الأنشطة والمؤسسات المختلفة بالدولة.

ولكن الواقع يقول إن الاقتصاد القومى «مخنوق» بسبب عدم كفاءة الإدارة الاقتصادية سواء كانت فى صورة سياسات مالية أو نقدية، أو قرارات وتعديلات متسرعة ومتكررة فى التشريعات الاقتصادية وهو ما يعنى «إجمالًا» عدم وضوح الرؤية الاقتصادية وعدم استقرار «الملعب» أو المناخ أو البيئة المحفزة لزيادة معدلات النمو فى الاقتصاد المتنوع الأنشطة الوافر الإمكانات.

وعلى سبيل المثال.. كان المتوقع بعد تحرير اسعار صرف الجنيه مقابل الدولار الأمريكى أن تزيد الصادرات المصرية إلى الخارج حيث ارتفعت قدرتها التنافسية فى الأسواق الخارجية، ولكن المشكلة أن أغلب الصادرات المصرية باستثناء الخضر والفاكهة تحتاج إلى مدخلات إنتاج يتم استيرادها من الخارج، والحكومة رشدت الواردات فى محاولة لخفض عجز الميزان التجارى وأيضًا لتخفيض الطلب على الدولار.

وإذا كانت تلك الواردات من مدخلات الإنتاج مازالت فى قائمة «المسموح» باستيراده، فالمستورد أو المصنع أصبح يجد صعوبة بالغة فى تمويل وارداته المطلوبة من الجهاز المصرفى ومن ثم يلجأ البعض إلى الانتظار لعل وعسى، بينما يستمر المغامرون من المنتجين فى نشاطهم ويدبروا احتياجاتهم من النقد الأجنبى من خارج وحدات الجهاز المصرفى.. أى من شركات الصرافة أو الأفراد وهو ما يعنى - فى النهاية - ارتفاع الأسعار على المستهلك.. فضلًا عن زيادة الطلب على الدولار الأمريكى بما يعنى أيضًا استمرار ارتفاع سعره مقابل الجنيه - أى استمرار الأزمة فى سوق الصرف الأجنبى.. ولف وارجع تانى!

والمعنى إذا كانت السياسة النقدية تستهدف مكافحة التضخم والعمل على ثبات الأسعار فى السوق المحلى.. فالنتيجة غير ايجابية حتى الآن!

أما السياسة المالية.. فلا أعلم حقيقة ما هى ملامحها الأساسية.. هلى هى سياسة توسعية تعمل على زيادة الطلب وتحريك الأسواق فيؤدى ذلك إلى زيادة التشغيل والإنتاج.. ومن ثم زيادة معدل النمو فى الناتج المحلى الإجمالى!

أم إنها سياسة تقشفية لمواجهة ارتفاع معدل التضخم فى المجتمع بعد انفجار الأسعار لمعظم السلع الأساسية وعدم قدرة المواطنين - وأغلبهم من أصحاب الدخول المنخفضة - على ملاحقة تلك الزيادات!

هذا بينما المؤكد والملاحظ أن وزارة المالية مشغولة بتخفيض العجز فى الموازنة العامة من خلال «التمويل» الخارجى سواء بإصدار سندات دولية بفوائد تصل إلى حوالى 8% أو بقروض من الصندوق أو تسهيلات ائتمانية من البنك الدولى وبعض الصناديق الإقليمية.

 وتلك المعالجات الجزئية لمشاكل الاقتصاد القومى يطلق عليها عمليات «الترقيع» وخطورتها أن تحاول تعالج مشكلة معينة فيمتد الأثر السلبى ليصنع مشكلة أخرى.

 

ما تقدم.. هو رصد لواقع من كاتب متخصص فى الشأن الاقتصادى وبالطبع فوزراء المجموعة الاقتصادية ومحافظ البنك المركزى أكثر خبرة ودراية بأمور اقتصادنا القومى.

ومع ذلك.. يبدو أن «اقتصادنا» كالمريض المحبوس فى غرفة الإنعاش.. ويتم معالجته بالأعشاب بينما هناك طرق حديثة للعلاج أهمها الأكسجين النقى المتمثل فى الموارد الطبيعية المتعارف عليها وأهمها عوائد النشاط السياحى.. وكذلك حصيلة الصادرات الخارجية، وتحويلات المصريين العاملين فى الخارج، وكذلك حصيلة الرسوم والخدمات التى تقدمها الدولة أو تتيحها للغير، ومنها بالطبع رسوم المرور بقناة السويس، وبشرط أن يتزامن ذلك مع زيادة الاستثمار المحلى وجذب الاستثمارات الخارجية.

ولاشك أن الاهتمام بكل ما يؤدى إلى زيادة الدخل القومى مع الاهتمام الجدى بما يسمى بالاقتصاد الحقيقى.. أى التشغيل والإنتاج.. هو الطريق الوحيد والسريع لخروج الاقتصاد المصرى من وعكته التى طالت نسبيًا.

وبمعنى أوضح.. مطلوب مراجعة سريعة لأسلوب «الإدارة الاقتصادية» الحالية، أى للسياسات النقدية والمالية والزراعية والصناعية، وكذلك الاستثمارية والتى تسببت «مجتمعة» فى «خنق» الاقتصاد المصرى وتقييد حركته للأمام، فلماذا - مثلًا - لا يقوم وزير الزراعة بمراجعة المساحات التى تزرع سنويًا من القطن المصرى الذى يحظى بسمعة عالمية لا ينافسه فيها منتج آخر! هل يعقل أن تنخفض المساحات المزروعة منه فى السنوات السابقة من 1.5 مليون فدان إلى 200 ألف فدان فقط؟ ثم تشكو مصانعنا فى المحلة الكبرى وكفر الدوار من عدم توافر «الغزل»؟.

وهنا يجب الإشادة بقواتنا المسلحة التى قررت تخصيص أكثر من مليون فدان من الأراضى الجديدة لزراعتها بأجود أصناف القطن المصرى لتوفير احتياجات المصانع المصرية - العامة والخاصة - من الغزل والمنسوجات.

وأيضًا.. لماذا لا يقوم وزير الصناعة بحصر المصانع المتوقفة عن الانتاج ودراسة أسباب التوقف والعمل على حلها.. أليست هذه استثمارات مصرية معطلة.. حتى لوكانت قطاع خاص؟ ولماذا لا يراجع الوزير ذاته معايير الإنتاجية للعامل والمصانع المصرية.. وكذلك كفاءة الإنتاج وتخفيض تكلفته؟

ثم من المسئول عن استيراد نسبة كبيرة من اللحوم والأسماك من الخارج ولدينا كل هذه المساحات من المياه العزبة والمالحة فى الأنهار والبحيرات والبحرين الأحمر والمتوسط!

الأمثلة كثيرة.. ولاداعى للتكرار.

 والمعنى.. أن «الإنتاج» هو الحل.

والإنتاج لن يتحقق إلا بالنزول إلى أرض الواقع.. إلى المواقع الإنتاجية والبحث عن سبب تعثرها أو توقفها أو عدم إنتاجها بالكفاء والحجم المطلوب.

 

يا أولى الأمر منا.. يا وزراؤنا الأفاضل، مصر خيرها كثير.. ولكنه يفتقد حسن الإدارة والاستغلال الأمثل.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز