فرّاش في مايكروسوفت

بقلم : د. أحمد عيسي عبدالله

أحياناً تتوهم أنك وصلت إلى طريق مسدود ، ولكن الحقيقة تقول أن كل باب مغلق لابد أن ينفتح ، ولو أن كل واحد منا قابلته مئات الأبواب المغلقة وكان يائساً لظل واقفاً أمام نفس الأبواب.

 تذكرت قصة ذلك الرجل الذى تقدم لشركة مايكروسوفت للعمل بوظيفة "فراش" (يقوم بتنظيف المكتب وترتيبه) وبعد إجراء المقابلة والاختبار أخبره مدير التوظيف بأنه قد تمت الموافقة عليه وسيتم إرسال قائمة بالمهام وتاريخ المباشرة في العمل عبر البريد الإلكتروني. .أجاب الرجل: ولكنني لا أملك جهاز كمبيوتر ولا املك بريد إلكتروني!

رد عليه المدير ( باستغراب ):

من لا يملك بريد إلكتروني فهو غير موجود أصلاً ومن لا وجود له فلا يحق له العمل.

خرج الرجل وهو فاقد الأمل في الحصول على الوظيفة..

فكر كثيراً ماذا عساه أن يعمل وهو لا يملك سوى 10 دولارات. ..

وبعد تفكير عميق ذهب الرجل إلى محل يبيع الخضروات، وقام بشراء صندوق من الطماطم ثم أخذ يتنقل في الأحياء السكنية ويمر على المنازل ويبيع حبات الطماطم.

نجح في مضاعفة رأس المال ، وكرر نفس العملية ثلاث مرات فى نفس اليوم ، إلى أن عاد إلى منزله وهو يحمل 60 دولاراً..
أدرك الرجل أنه يمكنه العيش بهذه الطريقة ، فأخذ يقوم بنفس العمل يومياً، يخرج من بيته في الصباح الباكر ويرجع ليلاً ، فبدأت أرباح الرجل تتضاعف ، ثم قام بشراء عربة ، ثم شاحنة ، حتى أصبح لديه أسطول من الشاحنات لتوصيل الطلبات للمنازل.

بعد خمس سنوات أصبح الرجل من كبار الموردين للأغذية في الولايات المتحدة،

ولضمان مستقبل أسرته فكر الرجل في شراء بوليصة تأمين على الحياة، فاتصل بأكبر شركات التأمين، وبعد مفاوضات استقر رأيه على بوليصة تأمين تناسبه، فطلب منه موظف شركة التأمين أن يعطيه بريده الإلكتروني!!

أجاب الرجل: ولكنني لا املك بريداً إلكترونياً !! رد عليه الموظف باستغراب:

لا تملك بريداً إلكترونياً ونجحت ببناء هذه الإمبراطورية الضخمة!! تخيل لو أن لديك بريداً إلكترونياً، فأين ستكون اليوم؟

أجاب الرجل بعد تفكير قليل: '' فرّاش في شركة مايكروسوفت ''!!

عزيزى القارئ ..عندما تشعر أنك أوشكت على الضياع ابحث فى نفسك عن نفسك سوف تكتشف أنك موجود ، وأنه من المستحيل أن تضيع وفي قلبك إيمان بالله ، وفي رأسك عقل يحاول أن يجعل من الفشل نجاحاً ومن الهزيمة نصراً..

اصبر ولا تيأس ، ولا تتهم الدنيا بأنها ظلمتك ..أنت تظلم الدنيا بهذا الاتهام ..أنت الذي ظلمت نفسك .

املأ روحك بالأمل ..الأمل في الله يزيل اليأس من القلوب و يلهيك عن الصعوبات والمتاعب والعراقيل ..

الميل الواحد في نظر اليائس هو ألف ميل ، وفي نظر المتفائل هو بضعة أمتار..

اليائس يقطع نفس المسافة في وقت طويل لأنه ينظر إلى الخلف ‍‍‍‍!!والمتفائل يقطع هذه المسافة في وقت قصير لأنه ينظر إلى الغد !فالذين يمشون ورؤوسهم إلى الخلف لا يصلون أبداً !

فإذا كشرت لك الدنيا فلا تكشر لها ..جرب أن تبتسم..

فعلاً .. كم ظلمنا أنفسنا عندما أسقطنا الفشل على ظروف الحياة ، وشكونا من صعوبتها، ناسين أو متناسين أن هذه الظروف تقف حائلاً أمام الضعيف فقط ..

أما القوي .. وقوي الإيمان خصوصاً فلا يركن لهذا، بل يشق طريق حياته رغماً عن الكذبة الكبرى " ظروف الحياة".

لا تيأس ما دامَ ربُّك من فوق سبع سماوات يُناديك بألا تيأس من رحمته، وأنه سيُيسِّر لك الخير، وإن كان ذلك عكس ما تُريد..

لا تيأس  ما دامت روحك تنبض بالحياة، وقلبك عامر بالإيمان، وما دام جسدُك في كامل قواه، انفضْ عنك الكسل، وابدأ بالسعي والعمل، فلا تأمل من الغد خيرًا ما دمتَ لم تجهز له، ولا تشتم ماضيك وأنت من سطَّره، فلن تسعى إليك المسرّات وأنت قاعد لا تُحرِّك ساكنًا في ظل الأحلام، تُجيد الحُلم لكنك لا تجيد التخطيط والعمل؟!

واعلم أن بعد الألم حلاوةً، وبعد العمل  مكانة، وبعد التعب راحةً، فاعمل اليوم بجدٍّ لترتاح غدًا، ولا تجعل اليأس يَسكُن أحشاء أهدافك فيكون مقيدًا لها، انفضْ عنك اليأس، واجعل الأمل عقدًا في عنق أهدافك، فالأمل وجد ليتصدى لليأس.

 

* استشارى ادارة الموارد البشرية