عاجل
الأحد 22 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
مشروع الأمل لسلطان القاسمي

مشروع الأمل لسلطان القاسمي

بقلم : د. طه جزاع

نادراً ما يسمع العرب وهم في خضم هذه الحقبة التاريخية الخطيرة من حياة امتهم التي تتسم بالصراعات العنيفة والتحديات القاسية والأحداث المحبطة للنفوس والآمال ، ما يبعث الأمل مجدداً في نفوسهم ، بعد أن أحبطت ارادتهم وثبطت من عزائمهم حالة التقهقر واليأس والانزواء والانطواء على النفس والانقطاع والانغلاق عن العالم . وعادة مايظهر في مثل هذه الحقب المظلمة التي تعيشها الامم قادة ورجال ومفكرون ومثقفون يعملون على ترميم الذوات المنكسرة واعادة الثقة الى النفوس والارادات المنحسرة ، يحملون مصباح النور وسط الظلام ويدفعون بأممهم للنهوض من جديد ، يفتحون باباً جديداً وطريقا مسدوداً . وهكذا كان حديث الشيخ الدكتور سلطان بن محمد القاسمي حاكم الشارقة في جناح الامارة المشارك في فعاليات الدورة السابعة والثلاثين لمعرض باريس للكتاب حديثاً يحمل في ثناياه الكثير من الآمال المحفزة التي تقول بلهجة واثقة : ان شمس العرب ستشرق من جديد .



وشمس العرب التي اشرقت على الغرب حين كانت اوروبا تعيش عصورها المظلمة والتي أرخ لشعاعها الحضاري العديد من المستشرقين الغربيين في كتب ومؤلفات منصفة أمثال الطبيب والمؤرخ الفرنسي غوستاف لوبون في كتابه الشهير ( حضارة العرب ) والمستشرقة الألمانية زيغريد هونكة في كتابها المهم ( شمس العرب تسطع على الغرب ) هي الشمس التي أهدت الى الانسانية العلوم والفنون من لغة وفلسفة وأدب وتاريخ ورياضيات وفلك وجغرافيا وفيزياء وطب وعلوم طبيعية ورسم وفنون صناعية وبناء وعمارة ، وهي الشمس التي وصف لوبون حاملوها بالقول ( فالحق ان الأمم لم تعرف فاتحين متسامحين مثل العرب ولا ديناً سمحاً مثل دينهم ) فكيف انقلبت الاية وصار الغرب مريضاً بمرض الاسلاموفوبيا ؟ وكيف علا صوت التطرف والتعصب والانغلاق والارهاب على ماعداه من أصوات ؟ وهل سيبقى العرب الى الأبد أسرى الحروب والنزاعات والخوف والظلم والظلام والفقر والارهاب ؟

الشيخ القاسمي وهو يدرك انه يتحدث من عاصمة النور باريس ومن عاصمة منصف العرب غوستاف لوبون قال بالحرف الواحد : اننا أصبحنا في نهاية الظلمات والصراعات التي يعيشها عالمنا العربي ، وماهي الا سنوات قليلة وتنتهي هذه المرحلة الصعبة وتشرق الشمس من جديد على بلادنا العربية بأذن الله تعالى .

ولم يكن حديث حكيم الشارقة نوعاً من أنواع الكلام الانشائي من أجل تطمين النفوس ، إنما استند الى خطة ورؤية مستقبلية يمكن اجمال خطواتها بما يأتي :

1 – بناء مزيد من العلاقات الثقافية والتجارية والاقتصادية مع العالم لتبديد الصورة الخاطئة التي تحاول رسمها الجماعات المتطرفة عن بلداننا وديننا .

2 – التعهد بتقديم الدعم من اجل انهاء حالة الغياب العربي عن الفعاليات والمحافل الثقافية الدولية ، وتقديم الصورة للآخر وعدم الانزواء والهروب من المصائب اذا أصابتنا .

3 – بناء صداقات والارتباط بأشكال من التعاون تعمل على تقريب العلاقات والاستفادة منها بما يناسبنا كعرب ومسلمين وليس التفريق والابتعاد والانزواء وتحقيق رهان الكثيرين من الذين يريدون منا أن نختفي ونغيب عن المشهد العالمي .

4 – الآخر بالنسبة لنا مهم جداً لاننا جزء من هذا العالم الكبير ، ولأنه يملك العديد من العلوم والتقنيات .

5 – حين نتعامل مع الآخر علينا أن نعي اننا نملك جزءاً من هذه المعرفة والثقافة ولدينا كينونتنا الخاصة واننا لا نأتي من فراغ ، فنحن كنا اصحاب هذا العلم وهذه المعرفة ولكن مرت علينا فترة من الركود ، واننا نملك الجزء المهم الذي كان قد صنع عصرنا الذهبي حين كانت أوروبا في عصر الظلام .

هذه هي مرتكزات مشروع الأمل القاسمي الذي انطلق من العاصمة الفرنسية باريس ، ومن فعالية ذات مغزى لهذا الحديث هي معرض باريس للكتاب ، وهو حديث موجه للعرب بأجمعهم ولاسيما النخب الفكرية والثقافية والسياسية التي تمتلك القرار ، كما انه موجه للأوربيين الذين اختلطت عليهم صورة العرب والمسلمين ، فنسوا شمس الحضارة العربية التي سطعت عليهم وهم في ظلامهم المؤقت ، وبالغوا في معاداتنا ونحن في ظلامنا المؤقت !

[email protected]

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز