الحظ الدائم
بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى
الذكاء ، هو من أعظم النعم التي يهبها المولى عز وجل للإنسان ، فالشخص الذكي هو وحده من يستطيع أن يصل وأن يُدرك ما لا يستطيع غيره إدراكه ، علاوة على أنه قادر على اختصار الخطوات والسنوات ، فهو صانع للأفكار ، وقادر على تسخير الأدوات لخدمته .
وأندهش بشدة من الذين يُصرون على أن الحظ قد غلب الذكاء ، فكيف هذا ، وهل هذا منطق ؟! فانعدام الذكاء يُقيل الحظ ، أما الذكاء فهو يولده ، وعلاوة على مقدرته على استغلال الفرص ، وخلقها إن احتاج الأمر لذلك .
فللأسف ، نحن في الآونة الأخيرة بدأنا نُعول وبشدة على عنصر الحظ ، وهذا جعلنا نُنحي ذكاءنا وقدرتنا على استغلال عقولنا ، وليتنا نعلم أن من يملك الذكاء والتفكير المُمنهج السليم ، هو من له القدرة على الاستمرارية ؛ لأن ذكاءه غير خاضع لظروف معينة ، أو لعبة حظ قابلة للتغيير في أي زمان ، فمعايير الحظ مُتغيرة ومُتباينة ، ومن يعتمد عليه يُصبح نجاحه مرهونًا بلعبة شبيهة بالقمار ، وفكرة جلب الحظ فكرة في أساسها بدعة ، أما من يعتمد على ذكائه في الإبداع والتصور والتعمق في ثنايا الأمور يكون قد خرج من هذه البوتقة ، وصنع لنفسه حالة من المجد المستمر ، فالعقل يا سادة نعمة جليلة ، ومن يُريحه من التفكير والتطور ، فهو في الواقع يجعله في حالة صدأ وتأكسد ، وليتنا نُدرك أن هذه الحالة هي بداية النهاية لأي إنسان ، فالذكاء هو الأداة التي لو توافرت لدى الإنسان يستطيع أن يصنع حالة من التميز والابتكار ، فكم من أشخاص ملكوا أدوات النجاح ، ولكنهم فشلوا في استغلالها بسبب افتقادهم لهذا العنصر القوي الذي يملك إحالة أي حالة من الإخفاق إلى حالة نجاح باهر ، ولكن كم من شخص يُدرك قيمة هذه النعمة ويحاول استغلالها في الطريق الصحيح ، وكم من شخص يُدرك أن هذه النعمة هي تميمة الحظ الحقيقية له ، أو بمعنى أدق هو الحظ الدائم .