عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مصر .. فى مرمى نيران" مناخ" لايرحم!

مصر .. فى مرمى نيران" مناخ" لايرحم!

بقلم : جورج أنسي

لطالما رددنا وحفظنا جملة شهيرة منذ نعومة أظافرنا تقول:"حار جاف صيفًا دفىء ممطر شتاء"، وهى تلخص بحال من الأحوال  مناخ مصر المعتدل الذى ظل لفترة طويلة مثار إفتخار، بل وربما إعجاب وإنبهار لكل زوار المحروسة.




.. كلام جميل يتسق مع مايفترض تناسبه مع المناخ المشهور به كل فصل من فصول السنة الأربعة "االشتاء،الربيع،الصيف والخريف"، الإ أنه على مايبدو فإن الأمور تسير نحو إنتهاء شهر العسل بين مصر والمناخ المعتدل الذى رافقها طيلة قرون بعيدة !


بطبيعة الحال فإننى لست متخصصًا فى هذا المجال ولا أريد أن أصعب الأمر على القارىء العزيز،كما أننى لا أريد أن أكون سوداويًا أو متشائمًا،ولكن هذه القضية لاتعنى فقط المتخصصين والمهمومين بقضايا تغير المناخ،ولكنها قضية أمن قومى وإقتصادى تمس حياة البسطاء قبل الحكومات والأنظمة..وعلينا أن نسمع ونتعلم ونعيد قراءة الدراسات والتقارير التى أعلنت مرارًا وتكرارًا أن مصر ستكون من أكثر الدول تضرراً من هذا التدهور المناخى، وأن هذه الأضرار يمكن أن تصل إلى غرق أكثر من ثلث دلتا النيل ونحر مياه البحر الأبيض المتوسط،، وفى حالة حدوث هذا السيناريو الكارثى سيتعين على مصر تهجير عدد يتراوح بين 15 و20 مليون نسمة، كما سيتعين عليها مواجهة تبعات خسارة  أكثر من 15% من أخصب أراضيها ومنتجاتها الزراعية، وما يتبع ذلك من خسائر إقتصادية رهيبة !


ولعلنا جميعًا نذكر أحد أهم  التقارير والدراسات التى أشرفت عليها وحدة التغيرات المناخية بجهاز شئون البيئة -وتداولتها وسائل الإعلام المحلية المختلفة- التى تقول أن ارتفاع مستوى سطح البحر يمكن أن يؤدى على المدى المتوسط والبعيد إلى تعرض مساحات متفاوتة من دلتا النيل ومحافظات الوجه البحرى لاحتمالات الغرق مما يهدد بفقدان مساحات ضخمة من الأراضى الزراعية الخصبة الآهلة بالسكان ويسبب هجرة الملايين من ساكنى هذه المحافظات إلى الجنوب وضياع العديد من المنشآت الصناعية والسياحية،كما أن تذبذب إيراد نهر النيل من المياه بحيث يمكن أن يرتفع فجأة بنسبة تصل إلى 28% كما أنه يمكن أن يتناقص فجأة -أيضا- بنسبة تصل إلى حوإلى 76% وذلك بسبب اختلال توزيع أحزمة المطر كميًا ومكانيًا وخاصة فوق حوض نهر النيل.


 كما تشير السيناريوهات المختلفة لانعكاسات التغيرات المناخية على مصر إلى احتمال حدوث انخفاض ملحوظ فى الناتج القومى من الحبوب،هذا بالإضافة إلى الآثار السلبية لارتفاع درجة حرارة مياه البحار والتى تؤدى إلى أضرار للشعاب المرجانية الموجودة فى البحر الأحمر مما ينعكس على حركة السياحة- والتى تواجه منذ فترة ضربات أرهابية- أفقدت مصر أحد أهم مصادر الدخل القومى.


أيضًا حذر الصندوق العالمى لحماية الطبيعة والبنك الدولى من أن الاحتباس الحراري والذى يعنى زيادة درجات حرارة الغلاف الجوى القريبة من سطح الأرض نتيجة زيادة انبعاث غازات الناتجة عن حرق الوقود فى المصانع ومحطات توليد الطاقة ووسائل النقل، يهدد الدلتا بالزوال نتيجة للارتفاع المتوقع حدوثه فى مستوى سطح البحر،ففى منطقة الإسكندرية يتوقع غرق نحو30% من الأراضى تحت مستوى سطح البحر وهى مناطق تأوى حاليا نحو مليونى نسمة من سكان مصر وتشتمل على مساحات زراعية كبيرة.


.. ويبقى فى نهاية هذة السطور المبسطة، أننا فى مرمى نيران مناخ لن يرحمنا فى المستقبل، ولعل استعراض المخاطر التى تهدد دلتا نهر النيل –بإعتباره منبع الحياة فى مصر وصانع حضارتها منذ قديم الأزل- من جراء ارتفاع درجة الحرارة، يتطلب منا ضرورة التأكيد على أن خطر غرق الدلتا لا يمكن مواجهته والحد منه إلا عن طريق بذل أكبر جهد ممكن على مستوى دول العالم جميعًا، وذلك من أجل ممارسة ضغوطًا كثيفة على الدول التى تتسبب فى حدوث ارتفاع درجات الحرارة وفى مقدمتها الولايات المتحدة الأمريكية التى انسحبت من "بروتوكول كيوتو الخاص بتغير المناخ فى مارس عام 2001" مما عرض الجهود الدولية التى استمرت عقد كامل من الزمان لحماية العالم من أضرار تغير المناخ للخطر، وكذلك الصين التى  تُعد من الدول التى تعرقل جهود تقليل انبعاثات الغازات المسئولة عن حدوث التغير المناخى، حيث تتحمل الولايات المتحدة الأمريكية وحدها-وهى تمثل نسبة 4% من سكان العالم - حوإلى 25% من الغازات المسببة للاحتباس الحرارى، بينما تتحمل الصين 14% منها، وهو ما يستدعى وقفة جادة من جميع دول العالم خاصة مع دول العالم الأول أو النامى، لعلها تكون البداية الحقيقية نحو وقفة جادة مشفوعة بإجراءات على أرض الواقع .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز