عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ضحكنا وكان الضحك منا !

ضحكنا وكان الضحك منا !

بقلم : د. طه جزاع

يقال إن الضحك علاج فعال للكثير من أمراض النفس والجسد معاً ، ومن الذين خضعوا للعلاج بالضحك صحفي أميركي شهير في الستينيات من القرن الماضي اسمه نورمان كوزنز كان قد أصيب بمرض نسيجي في مراحله المتقدمة حتى ظن الأطباء أن لا أمل في شفائه ، غير انه أهتدى ذات يوم إلى إن الضحك يحفز على الإقلال من كمية السموم المسببة لمرضه ، ثم تأكد من ذلك بعد نتائج التحاليل المرضية التي كانت تشير إلى انخفاض كمية السموم في جسمه بعد كل جلسة ضحك ، وبعد تماثله للشفاء الذي حصل بعد سماعه لمئات النكات ومشاهدته لمجموعة من الأفلام الكوميدية ، هجر كوزنز الصحافة ليعمل في إحدى كليات الطب لمدة عشر سنوات توجها بتأسيس قسم طبي علاجي في الكلية أطلق عليه تسمية قسم قوة الدعابة!



وفي العام 1979 أصدر كوزنز كتاباً عن تجربته المثيرة تلك تحت عنوان (تحليل مرض كما يراه المريض) قال فيه ( لقد قمت بالاكتشاف الممتع وهو إن عشر دقائق من الضحك العميق لها أثر مسكن وتمنحني ما لا يقل عن ساعتين من النوم بلا ألم ) وهو كلام أكده خبراء في العلوم الإنسانية بقولهم إن للبهجة بمفهومها الكامل تأثير السحر على الإنسان ، وان وضع برنامج من المشاعر الايجابية كالحب والأمل والبهجة والضحك يزيد من خلايا المناعة التي تساعد على مقاومة المرض.

لقد شغل موضوع الضحك الناس والحكماء والفلاسفة والأدباء والأطباء على مر الزمان ، بل إن بعضهم مثل الفيلسوف الفرنسي هنري برجسون وضع كتاباً خاصاً عن الضحك الذي يثيره الهزل ، والهزل هو الإنسان بحسب فلسفته ، وان هناك من كرسوا جزءاً من حياتهم وعلمهم ووقتهم وبحوثهم لهذا الموضوع مثل العالم آرثر ستون أستاذ علم المناعة النفسي والعصبي الأميركي الذي أنجز بحثاً مثيراً عن كيفية تقوية جهاز المناعة لدى الإنسان عن طريق الضحك ، مؤكداً فيه إن الضحك هو الدواء الشافي لأمراض هذا القرن ، وان ضحكة واحدة من القلب لها القدرة على شفاء الكثير من الأمراض المعقدة مثل الضغط والسكر والروماتيزم , وفي لقاء صحفي أجرته صحيفة عراقية منذ سنوات مع أحد الدكاترة المشايخ المتفقهين نبه فيه إلى ضرورة الفرز بين نوعين من الضحك ، ضحك يقودنا إلى الجنة , وضحك يقودنا إلى النار ، وقبل هذا الشيخ كان فيلسوف معرة النعمان الشاعر المتشائم أبو العلاء المعري قد استنكر الضحك على نفسه وعلى الناس بقوله (ضحكنا وكان الضحك منا سفاهة)!

ولما كان كل ما حولك يثير الضحك الذي هو ضحك كالبكا على رأي المتنبي ، دع نفسك تأخذ راحتها ، ودع جسدك يجد سبيلاً مجانياً للعلاج بالضحك ، لكن حاذر من أن تقودك ضحكة إلى النار لا إلى الجنة ، أو أن تضحك بلا سبب ، لأن ذلك من علامات السفاهة أو الهلوسة والجنون ، أو – حاشاك - من قلة الأدب !

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز