مُهلة فكرية
بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى
أقسى إحساس يُمكـن أن يشعر به الإنسان هو شتات فكره بين كلمة نعم وكلمة لا ، بين أريد ولا أريد ، بين أحب وأكره ، بين كل المعاني ونقيضها .
فللأسف ، أصعب لحظة تمر على أي إنسان هي التي يكتشف فيها وجود خلاف كبير بين قلبـه وعقله ، ولا يُدرك مع أيهما يسير ، فهنا يشعر وكأن الأمواج تتقاذفه يُمنة ويسارًا ، ولا يجد البر الذي يرسى عليه .
ولا خلاف على أن الإنسان إذا شعر بهذه الأحاسيس ، فإنه يكون في حالة انعدام وزن ، فهو تارةً يضحك ، وأخرى يبكي ، وتارةً يشعر وكأنه أقوى البشر ، وأخرى وكأن الضعف قد تجسد في شخصه ، ويظل مترنحًا لا يدري ماذا يفعل وماذا يقول ، وكيف يتخذ القرار ، وهل قراره هذا صائبًا أم خائبًا ؟
وبالقطع ، إذا وصل إنسان إلى هذه الحالة من الشتات الفكري ، فلا محالة أن شتاته هذا سيتحول لاإراديًا إلى شتات نفسي ، فما أصعب أن تقبل الشيء وترفضه في ذات اللحظة ، ولكن مهما كانت الصعوبات التي يُعاني منها الإنسان في هذه اللحظات القاسية ، فلابد من أخذ مُهلة فكرية ، يستعيد من خلالها توازن أفكاره ، ومنح الأجل لأحاسيسه لكي تستقر وتعرف ماذا تريد ، فاتخاذ قرار في هذه اللحظة يكون بمثابة كتابة كلمة النهاية ، حتى ولو كان هذا القرار يبدو في ظاهره صائبًا ، إلا أن صوابه هو مجرد صدفة غير مدروسة ، وغير مبنية على عناصر وأسانيد قوية ، ولذا سيكون هذا القرار قابلاً للتراجع عنه في أي لحظة ، أو الندم على اتخاذه ، وكليهما ضياع .
لذا ، فالقرار الأوقع في هذه الحالة ، هو أخذ مُهلة إجبارية لاستيعاب النفس ، وتضميد الجراح ، والتصالح مع الأزمة .