عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أن تكون زملكاوياً

أن تكون زملكاوياً

بقلم : د. أحمد الديب

أن تكون زملكاوياً من قال أن جمهور الزمالك هو الجمهور الأكثر عرضة لأمراض الضغط والسكر والشريان التاجي ، هذه أبعد ما تكون عن الزملكاوي الذي ألف الهزائم فأصابته حالة مزمنة من الفتور والبرود واللامبالاه من جراء الهزيمة تلو الهزيمة والتعثر تلو التعثر والمدرب تلو المدرب والخطة تلو الخطة .



 

فالأمراض العضوية ابعد ما تكون عن الزملكاوي والذي لا يزال ضحية للأمراض النفسية.!الشيء الوحيد الإيجابي في الهزائم المتلاحقة هو أنك تعتاد علي النقد والسخرية والقلش والغمز واللمز أو حتي الشتيمة ، تنمو هذه الإيجابية شيئاً فشيئاً حتي تتعدي كونها إيجابية تخص هزائم الزمالك المتلاحقة لتكون إيجابية عامة يستخدمها الزملكاوي الفطن في شتي مناحي الحياة مع زوجته أو مع أولاده أو مع اصدقائه ، فتصبح ردود أفعاله أبطأ مما ينبغي ويتلقي الهزائم بصدر رحب .

 

دعني أزيدك من الشعر بيتاً ، كلما أقبلت علي مهمة وأنت تعلم مسبقاً أنك لن تنجزها سيكون وقع إنجازها الاستثنائي شديد السعادة والبهجة ، فتحتفل كأنه آخر احتفالاتك وتبتهج كأنها آخر لحظات ابتهاجك . هكذا يفعل الزملكاوي المسكين كلما نافس علي بطولة ولسان حاله يقول " والله كده كده إحنا اتعودنا علي تحفيل الإهلاوية علينا وبنعرف إما نختفي أو نرد ردود مالهاش أي مناسبة ، أما إذا نجحنا فهتبقي ليلة علي الإهلاوية ولا الف ليلة وليلة.

 

عندما يغوص الزمالكاوي في أعماقه ويواجه نفسه بالحقائق وهو ما يستحيل أن يظهره أمام أعدائه التاريخيين من الأهلاوية ، يتداخل في أعماقه صوتان أحدهما يشبه صوت الفنان الرومانسي عمر الشريف  .."إنت بتشجع نادي النخبة ، نادي المثقفين والمتعلمين إلي بيشتروا جرايد علي طول واالي كانوا بيشوفوا برنامج نادي السينما ونشرة أخبار السعة تسعة ، مش مهم تكون رقم إتنين في الشعبية ورقم إتنين في النتائج المهم تفضل طول عمرك متميز عن الدهماء والغوغاء والعوام...... "! يتوقف فجأة صوت الفنان عمر الشريف ليحل محله صوت الفنان توفيق الدقن " كل الفاشلين كده ، لازم يجيبوا المبررات إلي تقنعهم وتقنع الآخرين إنهم مش فشلة .

 

بص يا بني يا حبيبي طول ما انت ماشي في سكة إلي بيتغلبوا علي طول ومش عايز تقتنع إنك ماشي في سكة غلط يبقي تستاهل كل إلي يجرالك .....يا فاشل!".

 

عندها يعرف الزملكاوي ويوقن أن صاحب المقولة الشعبية الشهيرة " يا بخت من بات مغلوب ولا باتش غالب" ..زملكاوي أصيل.!الزملكاوي موسوس بطبعه ، شكاك بفطرته ، بينما تتفاقم اعراض هذه العلل كلما تقدم في السن ، قد يحرز الزمالك هدفين في الأهلي "وهذا فيما ندر" حتي تصل المباراة إلي الدقيقة 88 ولا زال الزملكاوي يقضم أظافره ويحك رجليه ويعض علي شفتيه وتتسارع ضربات قلبه كلما قاربت المباراة علي النهاية خوفاً من أن يتحول الحلم إلي كابوس بغيض فيحرز الاهلي هدفين في الوقت بدل الضائع والذي يكون في أغلب الأحوال النحسية خمس دقائق فإذا أطلق الحكم صافرته بفوز الزمالك تخلي الزملكاوي عن وقاره وصرخ بشكل هستيري وبقي وجهه متهللاً حتي موعد المباراة القادمة ، ناهيك عن البارانويا والإحساس بالمفرط بالذات واللتان يمارسهما عي كل من حوله لفترة ليست بالقصيرة بعد الفوز.الزملكاوي هو المشجع الكروي الوحيد الذي لا يتذكر إسم مدربه من كثرة تغيير المدربين ، وهو الإنسان الوحيد الذي يعاني من"الحمرافوبيا "وأعراضها أن يخاف من اللون الأحمر لدرجة الرعب ، البطيخ الأحمر ، الزهور الحمراء ، يمقت الشيوعية وجيشها الأحمر . الزملكاوي هو المشجع الوحيد الذي يفتح التلفاز ليشاهد مباراة الزمالك مع فريق آخر فإذا بالفريق الآخر متواجد في الملعب أما فريقه فلم يحضر .

 

الزملكاوي هو المشجع الوحيد الذي يمكن أن يضع خطة اللعب لفريقه محام بالنقض.!حكي لي صديقي الزملكاوي أنه توجه مصطحباً إبنه إلي استراحة في مدينة الرياض مع مصريين آخرين تضم ملعبين أحدهما للآباء والثاني للأطفال ، وبحسن نية شديدة ارتدي إبنه تيشيرت الزمالك الأبيض التقليدي بخطين حمر وتوجه إلي ملعب الأطفال ليمارس اللعب معهم فإذا بالأطفال ينظرون إليه بسخرية ويتعاملون معه بالرفض ويطالبونه أن يغير هذا اللون كشرط أساسي ليلتحق باللعب معهم .

 

وبعد محاولات ومداولات ومشاورات تدخل فيها الكبار ، اقتنع الأطفال ان يشركوه في اللعب فإذا بهم لا يمررون له الكره وكأنه غير متواجد تماماً .وهكذا تنمو عقد الإضطهاد والعنصرية في نفس الزملكاوي منذ نعومة اظافره وتمارس عليه الأكثريات سطوتها ، فيمتنع عن مشاهدة مبارايات الزمالك في التجمعات التي دائما ما تكون ذات أغلبية حمراء ويكون الوحيد الذي ينتمي إلي المعسكر الابيض وفي أحسن الظروف مع واحد فقط من اصدقائه البائسين .

 

فيغلق عليه بابه ويتابع المباريات في الخفاء فإذا ما انهزم الزمالك كالعادة ، ثم ذهب إلي عمله في الصباح وهمت طائفة من الموالين للمعسكر الأحمر أن يفتكوا به سخرية وإذلالاً ، إدعي أنه لم يعد يشاهد الكرة المصرية ذات المستوي الهزيل وأنه يشجع ريال مدريد العالمي ومباريات الدوري الاسباني .!  الزملكاوي ذكي بطبعه ، يمشي في الناس علي أنه زملكاوي منذ الطفولة لكنه ليس متعصباً عليالإطلاق وأنه ليس ككل المشجعين ذلك لأنه يتحلي بروح رياضية وأنه يشجع الأهلي دائماً إذا ما كان منافسه أجنبياً فإذا شققت عن قلبه اكتشفت أنه يتوق إلي هزيمة الاهلي هزيمة ساحقة تشفي غليل السنين وتريح الأعصاب فينام نومة هنية ، فإذا انسحق الأهلي صعدت روحه محلقة في الفضاء من فرط الفرحة لكنه يظل متماسكاً أمام الإهلاوية فلا يبدي إلا الحزن وعدم الرضاوالكآبة .

 

الزملكاوي عاقل جداً فهو يحارب بشده من أجل أن لا يخيب أولاده خيبته ويدعو لهم بان يجعل حظهم أحسن من حظه فيشجعون الأهلي فينضمون إلي الفئة الغالبة.

 

هذا هو المنطق بعينه فكيف يطلب من إبنه أن يجد ويجتهد في التحصيل الدراسي ليكون الأول علي أقرانه بينما يشجع أبوه ، مثله الأعلي الفريق رقم اتنين في الشعبية والبطولات .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز