عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الطواريء والباتريوت

الطواريء والباتريوت

بقلم : طارق العكاري

بعد هجمات 11 سبتمبر 2001 تم إقرار قانون باتريوت آكت في الولايات المتحدة الأمريكية وهو خاص بمنح أجهزة الشرطة صلاحيات واسعة في الاطلاع على المقتنيات الشخصية للأفراد ومراقبة اتصالاتهم والتصنت على مكالماتهم بغرض الكشف المبكرعن المؤامرات الإرهابية، ويعطي باتريوت آكت الحق في تفتيش المشتبه بهم من قِبل مكتب التحقيقات الفيدرالية دون أن يكون لديهم أدلة اشتباه ملموسة بشكل مباشر ودون إستصدار إذناً قضائياً، وأعطى أيضاً صلاحيات للقضاء الأمريكي في مراقبة عمل أجهزة الشرطة. وأٌنشِئت وكالة مستقلة للحريات المدنية تعمل على مراقبة مكتب التحقيقات الفيدرالية وتم التصويت على هذا القانون في الكونجرس وإقراره بالموافقة من 257 عضو وعدم الموافقة من 171 عضو. وقوانين أخرى فى نفس السياق تم إقرارها لاحقاً لمزيد من الرقابه كالبريزم وإيشلون وغيرها.



وبعد آلاف الشهداء في مصر تم إقرار قانون الطواريء وهو لا يتيح صلاحيات واسعة كما التي أُتيحت من باتريوت. الفرق هو ثقة الشعب في دولة المؤسسات وثقته في مجلس نوابه وقضائه وثقته في عدم إساءة إستخدام هذه الصلاحيات لأغراض شخصية إنتقامية أو توسيع دوائر الشبهات من مبدأ الأخذ بالأحوط. كل ما سبق يمكن أن يحدث طالما تُركَت السلطة والصلاحيات بدون رقابه حقيقيه على كيفيه تطبيقها. فالسلطة المطلقة مَفسَدة مطلقة.

الفروق كثيرة فى التطبيق ومن يقوم بالتطبيق وأيضاً ثقافة من يتم التطبيق عليهم ونجد هذه الفروق هى أكبر العوامل التى ينحاز لها مُتخِذ القرار، وبالقياس على نفس المبدأ عندما تم إقرار قانون التظاهر إعترض الكثيرون رغم أنه مُشابه لمعظم القوانين في الخارج فما أسهل أن نأخذ تصريحاً بمظاهرة في فرنسا ونلتزم بقوانين عدم تعطيل المرور وغيرها من الإلتزامات و تلتزم الشرطة بالتأمين وضبط النفس. هل نخاف من المتظاهرين أم عليهم؟ هل أصبح لدينا  يقين من اندساس أصحاب الأفكار الهدامه بين المتظاهرين ليصبحوا طرفاً ثالثاً وتُلصق الجريمة بالشرطة وتشتعل الشوارع غضباً لدماء الأبرياء؟ هل نخاف من تعامل الداخلية بعنف أم من فساد أمناء الشرطة؟ الإجابة نخاف من الجميع ومن أنفسنا.

دعونا لا ندفن رؤوسنا فى الرمال كالنعام ونعترف أن الافكار الهدامة فى مجتمعنا كثيرة وموجودة ونحن نخشى بعضنا البعض، السؤال إذن كيف نعمل على تغيير تلك الأفكار الهدامة؟ فلقد عشنا مع العقول المريضة عقوداً وعقوداً دون أن نفطن لنواياهم في هدم الدولة وقتل الأبرياء، عشنا كالنعام مع من يشتري مزرعة ثلاثون فداناً بملايين الجنيهات ليدفن فيها كيماويات لصنع المتفجرات وأسلحة وذخيره تكفى لقتل آلاف الأبرياء، عشنا صامتون على المنتفعين فى سيناء من تجارات غير مشروعة في المخدرات والسلاح والأعضاء البشرية والبضائع المهربة. فهل يمكن معالجة هؤلاء أم لا؟ هل يمكن أن يعيشوا معنا مسالمين أم أن البتر هو الحل؟ عندما نشاهد أفلام الجرائم المتسلسلة الأمريكية، نجد أنهم يستشيرون دائماً أطباء نفسيين وفي بعض الأحوال يذهبون إلى المجرمين في السجون لمحاولة معرفة كيف سيفكر المجرم في تنفيذ الجريمة التالية محاولين توقع أى تغيير يمكن أن يحدث على أنماط تفكيرهم وبالتالى تُتخذ الأجراءات الاحترازية. فأنماط السلوك الإرهابي تتطور ويتحور تفكير مدبروها. فمن ضرب كمائن الجيش والشرطة لسقوط الطائرة الروسية لمحاولة إغتيال وزير الداخليه لاغتيال المرحوم هشام بركات لضرب الكنائس بالأحزمة الناسفة والعربات المفخخة وتعديل البلي في القنبلة إلى زوايا تُزيد من حدة الجرح ويصبح عدد الوفيات أكبر. نحترز ونحتاط ونعزز التأمين بعد كل حادثة منعاً لتكرارها ولا نتخذ إجراءات احترازية لغيرها مما يمكن أن يفكر فيه هؤلاء الخنازير.

 

أعتقد أنه آن الآوان لتحليل سلوك مصنعى ومستخدمى الأحزمة الناسفة ومن يشتريها ويبيع أفكارها كما فى كتب التسويق حيث يوجد علم واسع يسمى تحليل سلوك المستهلك Consumer behavior analysis. نحن نحتاج لإنشاء وكالة للتحليلات النفسية تتضمن عظماء علم النفس كالدكتور أحمد عكاشة ومخرجي افلام الاكشن وأسامة الأزهري ومشاهير المجتمع، مجموعة مختارة من مختلف التخصصات المرتبطة بعلم الجريمة فى زمن العولمة لتوجيه الأجهزة الأمنية بما يمكن أن يتحور إليه فيروس أنفلونزا الإرهاب لتحديد من هم الطبقة المستهدفة للاستقطاب والفئة العمرية المشتركة وما هي القواسم المشتركه العظمى لهولاء الكفار الذين لا دين لهم. يجب ان تُعقد جلسات نفسية واجتماعية مع من يتم القبض عليهم وعائلاتهم بعد التحقيق سواء من ارهابيي سيناء أوغيرهم لمعرفة كيف تم إستقطابهم وبماذا وٌعدوا؟ بالتأكيد يوجد في كل الأجهزة الأمنية أطباء نفسيين ومتخصصين فى علم الاجتماع والجريمة ولكن هل يتم الأخذ في الاعتبار بما يقولون أم هم كالأخصائيون النفسيون في المدارس مجرد وظيفة؟ هل هؤلاء المستقطبون والهادمون هم منتج العولمة وثورة تكنولوجيا الاتصالات؟ نحن في أشد الحاجة إلى دراسة تأثير الست سنوات السابقة على المصريين في شتى جوانب ومناحي الحياة وعلى الأطفال خاصة، حتى نعرف ما الذي يجب علينا أن نفعله مع الأجيال القادمة وحتى لا تفقد الدولة هويتها فى يوماً من الأيام وتزيد الأفكار الهدامة أكثر ونحن مازلنا ندرس علوم اجتماعية ونفسية لا تتناسب مع زمن العولمة.

هل يعيش داخل أوروبا من يريد هدم دولته؟ نعم ولكن إختلاف النسبة بيننا وبينهم مخيف. وهل يصدّق من يريد هدم دولته في أوروبا إمكانية حدوث هذا؟ نعم ولكن فارق اختلاف النسبة هنا مرعبا وليس مخيفا فقط.  حفظ الله مصر من شرور اعداءها من الداخل والخارج ورحم الله شهداء الوطن.

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز