عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
توظيف النسل!

توظيف النسل!

بقلم : جورج أنسي

أكثر من ثلاثة عقود وأنا أسمع دائمًا من جميع الحكومات توبيخًا ونقدًا بسبب الزيادة السكانية فى المجتمع المصرى والتى تلتهم كل خطط التنمية بل وتؤثر بالسلب على جودة الخدمات المقدمة للمواطن .. !



من الناحية النظرية فإن هذا الكلام سليم جدًا، ولكن يظل السؤال يتردد دائمًا: لماذا لاتبذل الحكومة جهدًا بصورة أخرى للحد من الزيادة السكانية، وفى نفس الوقت إستثمار هذا النسل وتوظيفه لصالح المجتمع والوطن والتنمية !

فإذا أخذنا الشق الأول من السؤال وهو الحد من الزيادة السكانية والذى يكون من خلال تشجيع إستخدام وسائل منع الحمل بتوفيرها للجمهور بأسعار مناسبة خاصة بعد الزيادة الرهيبة فى أسعار جميع السلع والخدمات بعد تعويم الجنية المصرى ، أو عن طريق  تحديد عدد الأبناء  المستحقين لدعم الدولة وما زاد على ذلك خرج من مظلة الخدمات المدعمة من جانب الحكومة ، وبذلك تأخذ الدولة فى الاعتبار أولئك البشر الرافضين لفكرة تحديد النسل لأسباب عقائدية أو قبلية.!

بطبيعة الحال فإن النموذج المجسد أمام جميع الحكومات التى تعاني من تخمة سكانية هى جمهورية الصين الشعبية ، والتى يتخطى تعدادها ربع سكان هذا الكوكب أى أكثر من مليار ونصف المليار نسمة ، حيث قامت بالسير فى الاتجاهين اللذين ذكرتهما فى بداية مقالى بإتباع  سياسة الطفل الواحد، و هي سياسة لتحديد للنسل انتهجتها الحكومة منذ عام ١٩٧٨ وتتلخص  في عدم السماح بأكثر من طفل لكل زوجين في المناطق الحضرية، ولكن يوجد عدة حالات للإعفاءات منها مثلًا الأزواج في المناطق الريفية والأقليات العرقية، والآباء والأمهات الذين ليس لهم أشقاء، ولا تطبق هذه السياسة على المناطق الإدارية الخاصة لهونج كونج وماكو، وإقليم التبت،و في حال انجاب طفل ثان فإن الحكومة ستضطر لحرمانه من جميع حقوق المواطن، وتجرده من  الامتيازات كافة، فهو مثلاً لن يتمكن من الاستفادة من خدمات الدولة، كالتعليم والصحة ..الخ ولا يحق له الانتخاب وغيره،وإن كان يتاح دفع ضريبة مالية عالية للحصول على تلك الخدمات وهو أمر صعب عمليًا للطبقات الفقيرة والمتوسطة .

وليس بغريب أن الصين وغيرها مثل (فيتنام، أندونيسيا ، بنجلاديش ....)قد أحسنت توظيف النسل وإستثمار الطاقات الموجودة والذى يظهر جليًّا  سواء على مستوى كم المنتجات التى يتم إنتاجها فى مصانع (بير السلم) بالصين- على سبيل المثال- او تلك العالية الجودة التى تندرج ضمن أعلى الماركات العالمية والتى وجدت فى الصين وغيرها من دول جنوب شرق آسيا معقلاً متميزًا للإنتاج ، لرخص الإيدى العاملة وكفاءتها ودقتها فى إخراج منتجات الماركات العالمية بنفس الجودة والحرفية وتصديرها للدنيا كلها بكميات ضخمة وبأسعار شبه مناسبة لطبقات مختلفة فى جميع دول العالم .

إن مصر هى صاحبة التعداد السكانى الأكبر فى المنطقة ولديها من الإمكانيات على جميع المستويات التى تؤهلها لتكون دولة صناعية ومركزًا لجذب الإستثمارات الضخمة ، ولعلنا جميعًا لا يمكن أن ننسى أن واحدة من أكبر شركات صناعة السيارات  فى العالم وهى الألمانية "مرسيدس بنز" قد أعلنت أن سياراتها الملاكى المنتجة بالقاهرة تتساوى تماماً مع تلك المنتجة فى ألمانيا نفسها- من جميع النواحي - وذلك قبل أن تتحول أخيرًا الى إحدى الدول الشقيقة فى شمال إفريقيا...وهو ما يعنى أننا نستطيع أن نستثمر القوة البشرية بشىء من تنفيذ القانون وتوظيف الطاقات بما لايخل أبدًا بالقوانين المنظمة فى هذا الإطار، وذلك بدلاً من إعتماد سياسة التبرعات والمعونات سواء الداخلية أو الخارجية!.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز