عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
استعذاب العذاب

استعذاب العذاب

بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى

لماذا يتلذذ الكثيرون بعذاباتهم ؟! لماذا يستمتعون بشعور العذاب ، وكأنهم لا يجدون السلوى في تذكر الماضي وآلامه ، بخيره وشره ، وكأن الماضي مُصِرّ أن يفرض نفسه على الحاضر ، وربما أيضًا على المستقبل .



أظن أن أغلب من يفعلون ذلك ، يجدون لذة غير عادية في استعذاب العذاب ، فهم يجدون أنفسهم فيـه ، لاشك أن هذا الكلام لن يروق للكثيرين ، فبالطبع سيتساءلون ، وهل يمكن لإنسان أن يحب عذابه ويتلذذه ، ويجد نفسه فيه ؟! والإجابة هي "نعم" ، فالإنسان أحيانًا يشعر أن عذابه يمنحه قيمة بين البشر وأمام نفسه ، وأحيانًا يتلذذ بشعور أنه ضحية الآخرين ، ربمـا يعتقد أنه بذلك سيجد اهتمامًا وشفقة من المحيطين به ، أو أنه سيكون نموذجًا ومثالاً للإنسانية والعاطفة .

وأيًا ما كان ، فهؤلاء بالقطع مُخطئين ، فالعذاب لا ولن يُصيب إلا صاحبه وفي مقتل ، واستعذاب العذاب هو من الأمراض المزمنة ، التي لو لم يتم القضاء عليها ، ستتحول إلى مرض خبيث ، سيقضي بالقطع على صاحبه ، وأهم وسيلة للخروج من هذه الحالة المرضية ، هي أن يستعذب الإنسان الحياة والنجاح والإيمان والإرادة ، وكل ما هو إيجابي ، ولابد أن ينفر من عذابه ، فهو دليل على ضعفه وقلة حيلته ، وعمى بصيرته ودمار لصحته ، وضياع لعمره . فهل يُعقل أن يستمتع الإنسان بكل هذه الحالات المرضية المزمنة ، وإذا كان هذا الشخص يظن أن من تسبب في عذابه ، سيتألم مما تسبب فيه لضحيته ، وبناءً على ذلك ، تزيد الضحية من الألم ؛ حتى تُصحي وتُوقِظ ضميره ، فبالقطع ، هذا الشخص مُخطئ ، فسواء يَقِظَ الضمير ، أم ظل غافلاً ، فما الداعِ لأن نقتل أنفسنا ونضعها تحت رحمة قلوب وأحاسيس وضمائر الآخرين .

وفي النهاية ، لن أقول سوى من يستعذب عذابه ، فهو يسير في طريق انتحاره ، ولكن بالبطيء .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز