عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
علي وجيه والمغضوب عليهم!

علي وجيه والمغضوب عليهم!

بقلم : د. طه جزاع

في مفتتح مجموعته الشعرية الجديدة (دفتر المغضوب عليهم والضالين) – منشورات المتوسط ، ميلانو ، ايطاليا 2017 -  يحقق الشاعر العراقي الشاب علي وجيه (28 عاما) حلمه في استخدام آلة الزمن ، الآلة التي سبق له ان تمنى امتلاكها في احدى قصائد مجموعته الشعرية الأولى (منفائيل) ليعود الى الوراء متسلسلاً عبر التاريخ الاسترجاعي ليفجر معالم ذات دلالات رمزية في التاريخ الاسلامي ثم يغور في تاريخ أعمق ، الى فلك نوح ، ليربط (من كل قنبلة زوجين اثنين) وصولاً الى العلة الاولى لوجود الجنس البشري (كلا  ... لا ينفع .. سأفجر منزل آدم .. فبهذا .. سأقطع أحزاننا من المنبع) !



في 36 مقطوعة وصورة شعرية موزعة على أربعة عناوين (جمجمةٌ تضحكُ تحت سدرة المنتهى) ، (أؤلّفُ حياتي ... أحقّقُ المقبرة) ،(كولاجات عراقية على قماش أخضر) و(نسخةٌ مُصحّحة لغوياً من قميص نوم) يرسخ علي وجيه مفرداته التي تفصح عن هموم وأحزان ورؤى ومفاهيم جيله الشعري (جيل العقد الأول من الألفية الثالثة) الذي ولد ونشأ بين نهاية حرب طويلة وبداية حرب أخرى تبعها حصار طويل فحرب وتدمير وصدمة وترويع ، وتشكل وعيه على مشاهد الخوف والعوز والحرمان والموت والجثث والدماء والاقتتال الأهلي والقصف والعصف والتفجيرات ، مثلما تشكل على حقبة من التناحرات السياسية والنزاعات الحزبية والخلافات المجتمعية ، وفساد المؤسسات وسرقة الأموال العامة وهدر فرص التقدم التي أطاحت بآماله وأحلامه في الحرية والرفاهية والأمن والاستقرار، لذلك لا غرابة في تكرار الشاعر لمفردات لغوية بعينها مثل الجماجم ، الموت ، الاعدام ، الخوف ، الدم ، البكاء ، الحشرجات ، الكفن ، المقبرة ، وتكرار مفردات أخرى بتصاريف لغوية متعددة مثل مفردة الجثة التي تكررت 17 مرة في سبعة قصائد فقط من قصائد المغضوب عليهم والضالين!

علي وجيه في الكثير من قصائده لا يقول شعراً فحسب ، انما يرسم لوحة تشكيلية ، ويؤلف مقطوعة موسيقية ، ويركب جملته الشعرية برؤية فلسفية وروح صوفية وثقافة واسعة أكبر بكثير من سني عمره الفتي ، ويصوغ التاريخ كما يشتهي ومثلما يتذوقه ويحسه ويشعر به ويتمناه ، حتى لتظن انه ليس أكثر من كائن تاريخي جاء مصادفة الى زماننا هذا ، بل وربما انتزع عنوة من القرن الأول الهجري ليلقى به الى القرن الرابع عشر الهجري من أجل أن يعيد النظر بأحداث ومفاهيم الماضي في ضوء أحداث ومفاهيم الحاضر!  هو أيضا كائن عاطفي حساس بلا حدود في علاقته مع طفولته وأهل بيته وأصدقائه وأماكنه الحميمة كما في قصائده الجميلة (لاهوت) و (هذا ما حدث ياوجيهة) و (اقبال) و (معنى علي وجيه) و ( 1994) و (نور ذهبت لبيت اهلها فتركت القصيدة دون عنوان)  . أما قصيدته ( نحن ثلاثة في فيسبوك ) فتحكي عن صديقه (الذي ثقبت رأسه رصاصة قرب منزل السيد رئيس الجمهورية) !

(دفتر المغضوب عليهم والضالين) شأنه شأن مجموعات علي وجيه الشعرية (منفائيل  2008) و (أصابعي تتكلم ... جسمك يستمع 2010 ) و(سرطان .. نثر أسود 2013) يؤسس لملامح جيل شعري عراقي جديد ،  جيل كان على شفا حفرة من اليأس .. فلم ينقذهم أحد منها !

[email protected]

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز