عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الشمول المالى وديمقراطية الأموال
بقلم
محمد نجم

الشمول المالى وديمقراطية الأموال

بقلم : محمد نجم

 



لم تعد البنوك تكتفى بتجميع الأموال من المواطنين وإعادة ضخها فى شرايين الاقتصاد القومى من خلال تمويل متطلبات الحكومة أو نشاط رجال الأعمال أو واردات المستوردين من الخارج، ولكنها بدأت فى تطبيق ما يسمى “ديمقراطية الأموال” أى أن تتيح أموالها إلى جميع أفراد الشعب، أيًا كانت طبيعة عمله أو محل إقامته.

وإذا كنا فى حاجة ملحة إلى توسيع شرايين الاقتصاد فلا سبيل لذلك إلا بتوسيع قاعدة المتعاملين مع البنوك وعدم قصر الاستفادة من أموالها على الحكومة ورجال الأعمال فقط.

وليس سرًا أن البنوك المصرية وبقيادة البنك المركزى تحاول تنفيذ هذا التوجه الجديد فى الفترة الأخيرة تحت شعار “الشمول المالى” والذى يستهدف جذب المواطنين للتعامل مع الوحدات المصرفية فى جميع أنشطتهم الحياتية.

والشمول المالى ببساطة شديدة يعنى تقديم كل الخدمات المصرفية إلى جميع المواطنين وإقناعهم بتغيير ثقافتهم المصرفية، وأن البنوك هى الوسيلة والأداة الأكثر أمانًا لمدخراتهم وتعاملاتهم المالية.

وبمعنى آخر.. بدأت البنوك المصرية - وكما يحدث فى جميع أنحاء العالم - الانتقال إلى المواطنين فى أماكن تجمعاتهم فى النوادى والنقابات والاتحادات وغيرها وعدم الانتظار لأن يذهب المواطنون إليها، فلا يمكن أن يصل تعداد السكان فى مصر إلى أكثر من تسعين مليون مواطن ولا تتعدى نسبة المتعاملين مع البنوك نسبة الـ 15% منهم!، وعلى سبيل المثال فالبنك الأهلى المصرى لديه 5 ملايين عميل فقط، والطريف أن نسبة 50% منهم لا تتجاوز أرصدتهم ألف جنيه فى كل حساب.

ولا يختلف الأمر كثيرًا مع بنك مصر - مؤسس نهضة الصناعة المصرية فى الثلاثينيات من القرن الماضى على يد الرائد طلعت حرب - مع أن البنك لديه حاليًا 580 فرعًا ويستهدف إنشاء 270 فرعًا جديدًا خلال العامين القادمين.

والطريف أيضًا أن لديه حوالى 2.5 مليون بطاقة مرتبات وبدلًا من أن يقوم أصحابها بالتعامل بها فى الأسواق ويتولى البنك السداد - كما يحدث فى بطاقات الائتمان - يقوم أصحاب هذه البطاقات بسحب مرتباتهم بالكامل فى أول كل شهر ثم يتعاملون بالكاش فى الأسواق.

هذا فى الوقت الذى أتاحت فيه جميع البنوك المصرية منتجات وخدمات جديدة، مثل التعامل من خلال الإنترنت، وتحويل الأموال بالتليفون المحمول والسداد الإلكترونى للضرائب والجمارك، وما يسمى بالبطاقات المالية للشباب وكذلك بطاقات الإنترنت و«المحفظة» التى أصدرها بنك مصر.

وبصراحة شديدة.. بعض «فئات» المجتمع لديها مدخرات كبيرة ولكنها ترفض وضعها فى البنوك، إما خوفًا من الحسد، أو خوفًا من أن يشاركها فيها بعض الورثة الآخرين، وإما أن مصدرها غير سليم، والغريب أن هذه الأموال سرعان ما تظهر إلى العلن عند حجز قطع أراضى للبناء أو لشراء فيلات فى كمباوند جديد، أو تظهرها المبالغة فى المصروفات على أفراح الأبناء والأحفاد.

والأغرب من ذلك أن بعض هؤلاء يقعون ضحايا لبعض النصابين الذين يغرونهم بتوظيف أموالهم لديهم مقابل عوائد مرتفعة نسبيًا، وواقعة الأخ «المستريح» وغيره ليست سرية ولا بعيدة!

هذا بخلاف احتمالات تعرض تلك الأموال للسرقة أو الحرق أو تأكلها الفئران.. كما كنا نشاهد جميعًا فى الإعلان الظريف - الذى توقف بدون سبب - على شاشات التليفزيون والذى كان شعاره «قوم اطمن على فلوسك».

ولاشك أن حجم السيولة الضخم فى الأسواق هو الذى يقف خلف جرائم التهريب والاتجار فى المخدرات أو السلاح وكذلك علميات غسيل الأموال.. وكل هذه النوعية من التعاملات تمثل جرائم جنائية تقوم الأجهزة المختصة بمكافحتها والتعامل القانونى مع مرتكبيها.

أضف إلى ذلك عمليات التهرب من الضرائب المستحقة، وتكشف الأرقام المعلنة أن إجمالى ما سدده أصحاب المهن الحرة لم يتجاوز 1.4 مليار جنيه العام الماضى،فى حين أن ضرائب الموظفين تجاوزت 23 مليارًا!

وهناك أيضًا تحويلات المصريين فى الخارج والتى يفضل البعض منهم الاحتفاظ بها تحت البلاطة إلى حين ظهور فرصة مناسبة لاستثمارها أو يظهر «مستريح» جديد يستولى عليها!

وكذلك مايسمى بالاقتصاد غير الرسمى، حيث الكثير من التعاملات غير المسجلة والتى تتم بشكل مباشر بين المواطنين فى البيع والشراء بالكاش وبعيدًا عن وحدات الجهاز المصرفى.

نعود إلى أهمية التعامل من خلال البنوك وكما يحدث فى كل دول العالم.. حيث الحفاظ على سلامة العملة ونظافتها، فضلًا عن الأمان للمتعاملين وتأمين المجتمع ضد عمليات غسيل الأموال أو التهريب أو الإتجار فى الممنوعات، إلى جانب تجفيف المنابع لكل الأعمال غير المشروعة.

وأعتقد أن الجميع يعلم أن أموالهم فى البنوك مضمونة خاصة وأن لدينا رقيبًا صارمًا هو البنك المركزى والذى بادر بتوفير التمويل للمشروعات متناهية الصغر من خلال 754 جمعية أهلية و3 شركات لديهما أكثر من 1400 فرع فى 27 محافظة، وقد بلغ حجم التمويل فى سبتمبر الماضى الذى حصلت عليه تلك المشروعات حوالى 4 مليارات و 500 مليون جنيه، استفاد منها حوالى 2 مليون مواطن، كما لدينا أيضًا هيئة الرقابة على الخدمات المالية غير المصرفية والتى تراقب أنشطة سوق المال والتأجير التمويلى، والتحويل العقارى، والتأمين ونشاط التخصيم.

والمعنى أنه لا خوف على أموالكم إذا استثمرتموها من خلال البنوك أو الأنشطة الأخرى.

 

ختامًا.. البنوك ترفع الآن شعار ديمقراطية الأموال وإتاحتها للمهمشين ماليًا، من خلال «حساب لكل مواطن» فبادروا بوضع أموالكم فى البنوك حيث الأمن والأمان.

حفظ الله مصر وألهم أهلها الرشد والصواب..

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز