عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ومن يدافع عن المريض !؟

ومن يدافع عن المريض !؟

بقلم : د. أحمد الديب

تقدم بسام فليفل، عضو مجلس النواب، ، بمشروع قانون يمنع الطبيب من الجمع بين العمل في المستشفيات الحكومية والعيادات الخاصة معًا مع منح الطبيب المقابل المادى المناسب، ، كما يلزم القانون الحكومة بربط كافة المستشفيات بشبكة إلكترونية واحدة تنظم الكوادر وتوزعها حسب احتياجات كل مستشفى من الوظائف والتخصصات والفائض في المستشفيات الأخرى.



 لاقى المشروع موافقة من لجنة الاقتراحات والشكاوى بمجلس النواب ، ومن ثم قررت أحاله المشروع إلى لجنة مشتركة من لجنة الشئون الصحية ومكتبى لجنتى الخطة والموازنة والتشريعية، الأمر الذى أثار الجدل بين الأطباء وأعضاء مجلس النواب بين مؤيد ومعارض للمشروع.

ليس من المعقول أن نحاسب الناس علي النوايا ، فلا نستطيع أن نستكشف نية النائب في تقديمه لهذا المشروع ، قد يكون الهدف بحثاً عن شهرة من فرقعة إعلامية وقد يكون محاولة حقيقية لإصلاح المنظومة الصحية والتي يقع الطبيب دائماً في محورها .

الطبيب الذي بدأ رحلة معاناته مع أول قدم وطأت كلية الطب ثم استمرت هذه المعاناه ولن تنتهي قد أصابه الفصام ما بين  كيف ينظر لنفسه وكيف تنظر الدولة إليه ،فبينما ينظر الطبيب حديث التخرج لنفسه بأنه من الصفوة علمأ ومكانة وهيبة تعتبره الدولة موظفاً من الدرجة الثالثة وها هي مفردات مرتبه يكاد كل بند فيه أن يقتل كل امل حافظ عليه خلال السنوات السبع.

القانون يبدو منطقياً ومنصفاً في حال الموافقة عليه  إذا ما كانت الدولة ستوفر للطبيب المقابل المادي المناسب شرط التفرغ ، كما أنه سيكون عدلاً إذا ما كان القرار إختيارياً ليستطيع الطبيب أن يختار الطريق الصحيح طبقاً لمصلحته كما يراها . فكرة مشابهة قد تم طرحها من قبل الطبيب القدير الدكتور حسام موافي عندما سأله أحدهم عن الحل  لمشكلات القطاع الصحي فأجاب بأنه لا بد أن يخير أستاذ الطب ما بين التدريس والعمل الإكلينيكي .

عموماً ، كان هناك ردود أفعال من نقابة الأطباء والتي تعني بالدفاع عن الطبيب ، وردود أفعال من الأطباء أنفسهم والذي كان دفاعاً موضوعياً تارة ويفتقد إلي الموضوعية تارة أخري ومدفوع بالهوي تارة ثالثة . في كل مرة يثار الجدل حول موضوع يخص الأطباء، تجد المخلصين من النقابيين وغير النقابيين يتصدون للدفاع عن حقوق الطبيب ، وبغض النظر عن نجاعة ذلك التصدي في تحقيق نتائج علي الارض لكنها جهود مشكورة علي أية حال .

وهكذا يجد الطبيب من يدافع عنه في كل مرة بينما لا يجد المريض أحداً . دعني أكون أكثر صراحة عندما أجزم بأنه لا يوجد في مصر من يدافع عن المريض بشكل فعلي لا علي المستوي الدولتي ولا علي أي مستوي مؤسساتي آخر ، اللهم إلا بعض المحاولات المشكورة من منظمات المجتمع المدني .

دعك من الفرقعات الإعلامية والأحاديث التليفزيونية والتصريحات الصحفية ، المريض هو الحلقة الأضعف في المنظومة الصحية وليس من المنطقي أن يقف أحد مع الضعيف في هذا العالم حتي وإن أبدي احدهم تعاطفاً وإهتماما شكلياً لا يتعدي كونه ذراً للرماد في العيون وحفاظاً علي ما تبقي من ماء الوجوه .

لجنة الصحة في مجلس الشعب والتي من المفترض أنها تتكون من نواب عن الشعب وبالتالي فهي مع المريض قولاً واحداً ، المريض الذي يفترض أنه يملك الأصوات التي تبقي كل نائب في موقعه في البرلمان ، لا يمكن ان توصي بقرار في صالح المريض يتعارض مع مصلحة الدولة أو مصلحة رجال الأعمال الذين يهيمنون علي المستشفيات الخاصة ومستوردي الأجهزة الطبية ، وشركات الدواء العالمية .

أقصي ما يمكن ان يفعله نائب الشعب يتجلي قبل الإنتخابات في شكل عدد من قرارات العلاج علي نفقة الدولة وبضع زيارات للمستشفيات العامة والمركزية بصحبة التنفيذين أو بغير صحبتهم ، الحقيقة الصادمة وبمنتهي الصراحة أنه لا أحد يدافع عن المريض في مصر.

إن الدفاع عن المرضي هو دفاع عن الطبيب بشكل غير مباشر فالطبيب ليس في مناعة من المرض ولا يعني مطلقا أنني لست مع حقوق الأطباء فقد كتبت في ذلك في غير ذات مرة .

بالعودة إلي قانون تفرغ الأطباء ، دعنا نطرح سؤالاً في غاية الأهمية ونجيب عليه بمنتهي الموضوعية وهو "هل يهتم الطبيب بمريضه القادم إليه في العيادة أكثر من اهتمامه بمريضه في المستشفي الحكومي ؟" ..سأجيب علي هذا السؤال علي خلفيتين احدهما مهنية كطبيب وباحث وأخري كالمشاهد والمراقب العادي . الإجابة بكل تاكيد هي "نعم يهتم الطبييب بمريض العيادة أكثر من إهتمامه بالفقير الذي يتردد علي المستشفيات وهذا في أحسن الأحوال ، فقد استخدمت "أكثر" التفضيل علي أساس أن هناك إهتمام فعلي بمريض المستشفي الحكومي لكن الإهتمام بمريض العيادة اكبر.

الإجابة السابقة لا بد لها من استدراك حتي لا توقعنا في شرك التعميم ، فالإنصاف يقتضي أن ننوه إلي حقيقتين أولهما أن الكثير من الأطباء ، ومنهم من أعرفه معرفة شخصية يولون إهتماماً بمريض المستشفي الحكومي ربما يتجاوز إهتمامه بمريضه الخاص ، بل إن من الأطباء من تفرغ فعلياً لخدمة المرضي في المستفيات الحكومية فقط دون العمل في عيادات . في المقابل ، تجد الكثير من الأطباء الذين تقتصر علاقتهم بالمستشفي الحكومي فقط علي استلام رواتبهم الشهرية.

في مقال سابق في جريدة الأخبار ، ولحل مشكلات المستشفيات المركزية ، اقترحنا فيما اقترحنا أن ترتبط كل مستشفي مركزي بجمعية أهلية تكون بمثابة همزة الوصل بين مريض المستشفيات المركزية وهو من الفقراء غالباً وبين رعايته الصحية وتتولي مهمة الدفاع عن المريض ودعمه مادياً ومعنويا (جمعية أصدقاء مرضي المستشفي المركزي) ولكن يبدو أن الفجوة تتسع وتتسع بين كل اقتراح وامكانية تنفيذه .
PATIENT ADVOCACY الدفاع عن المرضي هو تخصص في مجال الرعاية الصحية للأفراد والمؤسسات يتنبني أنشطة الدفاع عن المرضي عموماً أو المرضي الذين يشتركون في مشكلة مرضية واحدة مثل مرضي السرطان.  

تتمثل هذه الأنشطة في الدفاع حقوق المرضى، ومسائل الخصوصية، والسرية  وتمثيل المرضى، وبناء الوعي، ودعم وتثقيف المرضى ومقدمي الرعاية لهم. يمنح المدافعون عن المرضى صوتا مرتفعاً للمرضى في المؤسسات ذات الصلة بالرعاية الصحية، والإعلام الجماهيري، والقطاع السياسي والتنفيذي، ومقدمي الرعاية الصحية (المستشفيات وشركات التأمين وشركات الأدوية وغيرها)، ومنظمات الصحة، والعاملين في مجال الرعاية الصحية، والمجتمعات البحثية الطبية والصيدلانية.

ثمة حقوق للأطباء لا بد من أن تكون مكفولة ومحققة في علاقتهم بمرضاهم ، وللمريض أيضاً لائحة موازية من الحقوق أهمها الحق في تلقي الرعاية الرحيمة والمحترمة  التي تتناسب مع مرضه مع عدم وجود أي تمييز في تلقي الرعاية الصحية وأن يتم إبلاغه بشكلٍ وافٍ عن تشخيص مرضه ، وخطة علاجه وأن يتم الحفاظ على خصوصيته وأن تتم رعايته في جو آمنٍ خالٍ من أي شكل من أشكال الاعتداء ومن حقه الموافقة أورفض المشاركة في البحوث الطبية التي من الممكن أن تؤثر على رعايته الصحية.
وبعد،..

 يحتاج المريض في مصر إلي من يدافع عنه بحق ، وعلي الذين لا يرون أن هناك ثمة مشكلة في الرعاية الصحية للفقراء من البهوات والبشوات في أبراجهم العاجية ، أدعوهم جميعاً أن يقوموا بزيارة استثنائية لمستشفي مركزي في الصعيد أو لوحدة صحية في منطقة نائية ، أدعوهم أن يفيضوا علينا من كرمهم بأن يستمعوا لقصة مريض باع ما وراه وما أمامه ليعالج إبناً له من مرض مزمن حتي يري الواقع علي أرض الواقع لا علي صفحات الجرائد أو شاشات التليفزيون ، ولا مانع أن يصطحب كل بيه من البهوات أو باشا من البشوات مصوره الخاص لزوم التوثيق أوتسجيل الذكريات !!.  
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز