عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
يوم صار أبو علاء عميلاً لألمانيا الشرقية!

يوم صار أبو علاء عميلاً لألمانيا الشرقية!

بقلم : د. طه جزاع

في كتابه الجديد ( صور من الماضي البعيد  ... ستون عاماً صحافة ) يأخذنا الصحفي العراقي المخضرم محسن حسين ( أبو علاء ) في رحلة صحفية تاريخية ممتعة تليق بهذا الرجل الذي أفنى سني شبابه وحياته الطويلة في صناعة الخبر وملاحقة الحدث ومقابلة شخصيات سياسية وزعامات لعبت دوراً مهماً في صناعة التاريخ الحديث ، ولا سيما تاريخ العراق منذ العهد الملكي ثم العهد الجمهوري بمراحله المختلفة وزعاماته المتعاقبة ، وصولاً الى وقوع العراق تحت الاحتلال الأميركي وما رافق ذلك من ظواهر سياسية واجتماعية وأحداث مأساوية أصبح فيها  "  كل عراقي هدفاً لعراقي آخر يريد قتله ، وفقدنا الأمل في حل يحقق الأمن  " و  "  أخيراً وأنا في الـ 82 من العمر بعتُ بيتي وهو من 600 متر مربع وأشتريتُ بنصف سعره شقة في لبنان من 100 متر مربع لأعيش من النصف الآخر باقي العمر بعيداً عن القتل والقتلة  " !



ولأن محسن حسين الذي يصفه حسن العلوي في مقدمته للكتاب بأنه  " صانع الخبر ومؤسس الأنباء العراقية " قناص ماهر في اصطياد مفارقات تاريخ بغداد القديم والحديث نجده يبدأ بأرقام عن عدد حكام بغداد منذ تأسيسها ، وكيف أن ثلثهم قتلوا ، كما يخصص مقالاً عن السلطانة دوندي المرأة التي حكمت بغداد، ومقالاً آخر يسرد فيه قصة سارة خاتون مع الوالي ناظم باشا، ويشير في مقال ثالث الى رسالة الزعيم الهندي نهرو الى ابنته انديرا التي يصف فيها بغداد بمدينة الجمال والحب والمغامرات ، ثم يخصص صفحات من الكتاب لثورة المشخاب ( أبو علاء من مواليد ناحية المشخاب –  محافظة النجف في 12 حزيران 1934 ) ومعركة الرارنجية والباخرة بترفلاي ، ويحكي قصة الطيار عبد الجبار محمود ابن الخياطة الذي تزوج الأميرة راجحة ابنة الملك فيصل الأول بعد ان تقدم رئيس اركان الجيش بكر صدقي وقائد القوة الجوية محمد علي جواد لخطبتها له من شقيقها الملك غازي ، ويختتم حكايات العهد الملكي بافتتاح تلفزيون بغداد عام 1956 ليكون العراق أول بلد عربي أنشأ محطة تلفزيون قبل 60 عاماً !

الكتاب الذي ضم بين دفتيه أكثر من أربعين مقالاً وحكاية ، وضعف هذا العدد من الصور التاريخية والتوضيحية ، مع شهادات للزملاء كامل الشرقي وحامد شهاب وصادق فرج التميمي ، يخصص صفحاته اللاحقة لذكريات العمل الصحفي التي عاشها أبو علاء بحكم مهنته في عهود عبد الكريم قاسم وعبد السلام عارف وعبد الرحمن عارف وأحمد حسن البكر وصدام حسين ، إذ رافق معظمهم في جولاتهم داخل العراق أو رافقهم في زياراتهم الرسمية الى خارج العراق  ، والتقط بحسه الصحفي من تلك الجولات والزيارات حكايات ومواقف مع رؤساء وسياسيين عرب واجانب أمثال جمال عبد الناصر _ أقام أبو علاء في مصر 4 سنوات وزارها مرات عديدة - ومعمر القذافي وحسين آيت احمد وسلطان لحج والامام غالب بن علي ، وخروشوف وشو إن لاي ، فضلاً عن شخصيات عراقية سياسية وفنية وشعبية أمثال فؤاد الركابي وعصمت كتاني ويوسف العاني وصديقة الملاية و.... حسون الأمريكي!

ولعل أطرف ماحصل لأبي علاء في حياته الصحفية عندما كان مديراً للاخبار الداخلية في وكالة الانباء العراقية ، فبعد 8 شباط 1963 بيومين اتصل به صحفي من المانيا الغربية ليحذره بانه سيقتل بين لحظة واخرى وانه حصل على معلومات من سفارة بلده تفيد بان حكومة المانيا الشرقية تريد قتله ! ثم اوضح له انه كان السبب في ابعاد الملحق الصحفي لالمانيا الغربية من العراق عام 1961 بناء على طلب من المانيا الشرقية ، ولذلك فأن سفارة المانيا الغربية تقول انه ( عميل للشرقية ) ومن عادة الشيوعيين الألمان - ويقصد ألمانيا الديمقراطية - انهم يقتلون عملائهم في الدول التي تقوم فيها ثورات وانقلابات خوفاً من افتضاح أمرهم !

وقد عاش أبو علاء ليشهد انهيار جدار برلين بين الالمانيتين لتعود المانيا موحدة ، ولم تقتله ألمانيا الشرقية لأنه لم يكن عميلاً لها ولا لغيرها كما ظن الصحفي الألماني الغربي ، كما نجاه الله من حوادث مميتة عديدة في سنوات لاحقة كانت احداها مع رفيقة مشواره الطويل الصحفية نوال الوائلي حين تأخرا في الوصول الى بيت اسرة شقيق أم علاء في منطقة المنصور ببغداد ، إذ دمرته غارة أميركية وقتلت كل من فيه قبل خمس دقائق من وصولهما اليه في السابع من نيسان 2003 .  وكان حفل توقيع كتابه في قيصرية المتنبي يوم الجمعة 14 نيسان المنصرم ، عندما مكث في بغداد لثلاثة أيام ، مناسبة صحفية سعيدة حين التف حوله بمحبة وألفة ووفاء زملاء وأبناء الأمس من الصحفيين والكتاب في مجلة " ألف باء " و " وكالة الأنباء العراقية " وجمع غفير من محبي أبو علاء ، سيد الخبر الصحفي .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز