عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
البرلمان والشعب .. أولويات مختلفة !

البرلمان والشعب .. أولويات مختلفة !

بقلم : محمد يوسف العزيزى

لا أعرف كيف يحدد البرلمان أولوياته فيما يتعلق بتعديل أو تشريع القوانين ؟ ولا أعرف إذا كان كثير من  نواب البرلمان يدركون ما تمر فيه مصر الآن أم لا ؟ ولا أعرف إذا كان غالبية نواب البرلمان يسمعون ما يقوله الشعب باعتبارهم نوابا عنه .. أم لا ؟ ولا أعرف إذا كان نواب البرلمان لديهم قدرا كافيا من الاستيعاب لمعرفة كيف يفكر الرأي العام أم لا ؟ ولا أعرف إذا كان البرلمان لديه قياس حقيقي للرأي العام علي بعض ما يطرحه النواب علي شاشات الفضائيات من معلومات أو أفكار لمشروعات قوانين أو مشروعات قوانين قيد المناقشة داخل اللجان قبل عرضها علي اللجنة العامة صاحبة القرار النهائي في الموافقة أو الرفض .. أم لا ؟ ولا أعرف إذا كان مسموحا لأي نائب أن يتحدث في طرح مشروعات قوانين تتعلق بالأمن القومي بشكل مباشر قبل دراسة تأثيرها علي الرأي العام .. أم لا ؟



الحقيقة أن البرلمان كثيرا ما يلعب في غير ملعب الشعب الذي اختاره ليمثله ويعبر عن طموحاته ويسعي لتحقيق أولوياته ، والحقيقة أيضا أن البرلمان في جانب والشعب في جانب آخر بسبب اختلاف الأولويات بينهما فلا النواب يسمعون مطالب الشعب ، ولا الشعب راض عن أداء النواب .. !

فبينما يري الرأي العام أن قضية الأسعار وارتفاعها المستمر أولوية يجب علي البرلمان مناقشتها والبحث مع الحكومة عن حلول ترفع الضغط المتزايد من فوق كاهل طبقة عريضة من الشعب هي التي أوصلت هؤلاء النواب إلي مقاعدهم تحت القبة .. يري نواب البرلمان أن مشروع قانون الإقامة والجنسية هو الأهم فيحشدون له علي كل الفضائيات رغم رفض الرأي العام له !

وبينما يري الشعب أن الرقابة علي أداء الحكومة كوظيفة أساسية من وظائف البرلمان ضرورة ملحة حتى تقوم الحكومة بواجباتها نحو رعاية الفئات الكبيرة التي تضررت من برنامج الإصلاح الاقتصادي .. يري نواب البرلمان أن قانون الخطوبة له أهمية تفوق أهمية قانون الاستثمار المتعثر منذ مؤتمر شرم الشيخ الاقتصادي !

وبينما يري الشعب وخصوصا أهالي الشهداء من الجيش والشرطة والمدنيين الذين يسقطون كل يوم ، ويموتون بدم بارد في الكنائس وأمام المساجد وفي الشوارع ضرورة سرعة القصاص من القتلة والإرهابيين الذين ينعمون بالطعام والشراب علي نفقة الدولة ويمكثون سنوات في المحاكمات مما يستدعي تعديل قوانين وإصدار تشريعات تؤدي إلي سرعة في التقاضي وتغليظ عقوبات حتى يشفي أهالي الشهداء والضحايا غليلهم .. يري نواب البرلمان إجراء تعديل في قانون السلطة القضائية ، ونري علي الشاشات ونقرأ علي صفحات الصحف تصادمات بين السلطة التشريعية والسلطة القضائية ويحدث الجدل غير الصحي وتشوب هيبة مؤسسات الدولة السيادية شوائب تأخذ وقتا طويلا في إزالتها فضلا عن الكلمات الشاردة غير المحسوبة التي تطال سلطات أخري يلوكها الرأي العام بلا وعي أو ضوابط .. !

وبينما يري الشعب الذي يعاني من التطرف والإرهاب المتستر بالدين أن هناك أولوية لتصحيح أو تجديد أو تطوير أو ضبط الخطاب الديني بسبب تصاعد ظواهر العنف والإلحاد والفساد وتدهور الأخلاق ، وأن هناك مسئولية دستورية وأخلاقية ودينية علي الأزهر الشريف ويجب دعمه للنهوض بها وتقويته بكل الوسائل للتصدي لها .. يري بعض نواب البرلمان أهمية عمل قانون للأزهر وشيخه يفت في عضده ويسلبه استقلاله ، ويعرضه لأنواء التحقيق والعزل وبدلا من البحث في القضية الأهم ينقسم الرأي العام ونفتح بابا للتعصب الذي نحاربه ونقدم فرصا سانحة لأصحاب دعاوي التطرف والتشدد ويعيش المجتمع في حالة جدل لا عمل !

كان من الطبيعي أن يكون مجلس النواب ( البرلمان ) معبرا عن مصالح الشعب ومتوافقا معه في أولوياته في إطار المصلحة العليا للوطن ، وحريصا علي تماسك مؤسساته الوطنية ، وداعما لكل ما يحقق الاستقرار والسلم الأهلي في طول البلاد وعرضها لكن ما يحدث وما يستجد كل يوم يدعونا أن نقول بصوت عال .. الصدام بين مؤسسات الدولة يعرضها للخطر ، واختلاف الأولويات بينها وبين الشعب تتفاقم معه الأزمات ولا يقدم حلولا لها ، ويأكل في جدار الثقة ويهدد السلم الأهلي ويصدع قواعد جسور التماسك الذي تحتاجه مصر للعبور من أزمتها والانطلاق للأمام .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز