عاجل
الأربعاء 15 مايو 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
قبل رمضان ..! (1)

قبل رمضان ..! (1)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

تلاحقني هذه الأيام عبارة "قبل رمضان" أكثر من أي شيء آخر، سواء من الأشخاص أو المؤسسات أو حتى الحكومة التي وعدت الموظفين بصرف العلاوة قبل رمضان، وكأن عجلة الحياة سوف تتوقف في رمضان إلى أن نصحو من رقدتنا الرمضانية بعد إجازة العيد، لببدأ في حساب إجازة عيد الأضحى متى تأتي وكم عدد أيامها، وهل يمكن أن "نلضم" فيها أيامًا أُخَر لكي نحصل على أسبوع كامل أو أكثر إجازة.



هكذا دائمًا الإنسان المصري يبحث عن الإجازات ويحتفي بها، ربما أكثر من العمل نفسه، فالإنسان المصري الذي يحصل على 104 أيام في السنة هو حاصل ضرب الجمعة والسبت (يومان) في 52 أسبوعًا، لا تكفيه أكثر من مائة يوم إجازة، لذا فإنه يظل يبحث عن إجازات عيد الفطر وعيد الأضحى وعيد القيامة المجيد وشم النسيم وعيد العمال وعيد 23 يوليو و25 يناير و30 يونيو وغيرها من الأعياد، علاوة على الإجازات العارضة والمرضية وإجازة الوضع ورعاية الأسرة ومرافقة الزوج أو الزوجة.. إن المواطن المصري القاعدة لديه الإجازات وتأتي أيام العمل لديه على سبيل الاستثناء.

هل يمكن أن نتصور أن نبني وطنًا جديدًا يسعنا جميعًا فيه سمات الحضارة الحديثة، لا يستجدي الماضي التليد والحاضر العصيب والمستقبل الذي في علم الغيب؟، هل يمكننا أن نبني هذا الوطن ونحن لا نعمل ونتسول الإجازات ليل نهار؟. كيف نتطلع إلى غدٍ أفضل ودخلٍ أوفر وظروف أحسن، ونحن نغط في هذه "الأنتخة" التي لا نهاية لها؟. هل تتحقق التنمية لشعبٍ قرر أن يعمل لمامًا؟ .. العمل لديه هواية وليس احترافًا.. العمل لديه فرض كفاية وليس فرض عين.

هل وجدتم شعبًا يحصل على إجازة لمدة شهر كامل .. شهر رمضان .. شعب يعلق كل شيء على ما قبل رمضان أو ما بعد رمضان؟. كل شيء الآن يجب أن يتم إنجازه قبل شهر رمضان، وكأن رمضان إجازة رسمية تغلق فيها الجامعات والمؤسسات والشركات.

هل تصدقون أنه قبل شهر رمضان يجب أن أناقش أربعة رسائل علمية ثلاثة للماجستير ورسالة دكتوراه، وإحدى هذه الرسائل خارج القاهرة؟، هل تصدقون أنه يجب أن أقوم بتدريس الماجستير الإلكتروني والتعليم المفتوح وأقوم بتصحيح أوراق إجابة مادتيْن للتعليم المفتوح أيضًا قبل رمضان؟، هل تعلمون أنه يجب أن أشارك في ندوة علمية موسعة عن أستاذنا الراحل العظيم الكاتب والمفكر السيد يسين قبل رمضان؟، هل تعلمون أنه يجب أن أحضر الملتقى العلمي لقسم الصحافة الذي يديره الأخ الأكبر العزيز الأستاذ الدكتور محمود علم الدين نظرًا لإشرافي على إحدى تلميذاتي في مرحلة الدكتوراه قبل رمضان؟.

هل تعلمون أنه يجب أن أحضر مجلس خدمة المجتمع وتنمية البيئة بجامعة القاهرة بصفتي وكيلاً لكلية الإعلام ثم أهرول بعده مسرعًا لحضور اجتماع مجلس كلية الإعلام، ثم أنزل من الدور الأول بالكلية إلى الدور الأرضي الذي يوجد به قسم الصحافة لأحضر السيمينار؟.

ليس أنا وحدي في هذا السيرك الكبير، بل مصر كلها تخضع لقواعد السيرك من حيث القفز و"التنطيط" والُلهاث والهرولة، والجري و"الحنجلة" لإنجاز أكبر قدر ممكن من المهام والأعمال قبل رمضان، على أساس أن بزوغ هلال رمضان يصبح إيذانًا بشهر "الأنتخة" العظيم، وياريت الناس حتى يعملوا لربهم من الصلوات والصيام والتسابيح وتلاوة القرآن، بل أن معظمهم يفعلون غير ذلك إلا ما رحم ربي.

فرمضان عند البعض أنتخة وخيم رمضاني من الفطار للسحور، ومقاهي الحسين والفنادق الخمس نجوم، وأطايب الطعام، والعزومات والدعوات التي تنفق فيها المؤسسات والشركات والأسر مليارات الجنيهات، هذا عد دراما رمضان التي تلح علينا قبل قدوم رمضان بشهرين، نتابع تفاصيل إنتاجها وأسعار نجومها ومواعيد وقنوات عرضها، وننتظر عرضها بفارغ الصبر مع أكوام الياميش والمكسرات والحلويات والكنافة بالنوتيلا.

أما أنا ماذا أفعل في رمضان.. فهذا ما سوف أُفشيه لكم في المقال القادم.. انتظروني..!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز