عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
في المقهى

في المقهى

بقلم : أمل حجازي

أخيرا تواعدا على اللقاء...اختارا ذلك المقهى الهادئ الذي رآها فيه لأول مرة...كانا على موعد...تواعدا على اللقاء وتركا عقليهما في المنزل وسمحا فقط لقلبيهما بالذهاب معهما!



في المقهى...

كان للقائهما رائحة زكية...اختلط شذا عطرها الياسميني الساحر برائحة عطره الباريسي المجنون...ومع نبضات قلبيهما المتسارعة انتشر العطر فامتلأت الأجواء بالحب المغلف بالشغف.

في المقهى...

ولما جاء وقت الحديث هربت كل الكلمات من اللغات، وهربت كل المعاني من العقول، ربما بدا الأمر مضحكا، ولكن كان الأمر مسليا أن يري تلعثمها في الكلام، وهمهمتها في الحديث، وارتباكها الواضح من نظراته! ولهذا كان يطيل النظر!

                                                                                                                                            في المقهى...

وما حاجة العشاق للكلمات إذا كانت العيون تقول كل شيء؟ ما حاجتك للكلمات إذا كانت النظرات تفضح ما يهمس به القلب؟ ما حاجتك لكلمة ولديك سلاح يصيب فيقتل في الحال؛ نظرة العين لغة بارعة لا يجيد قراءتها إلا من يقع في غرام تلك العينين!

في المقهى...

ماذا سيقول لها يا ترى؟ فبها تحلو الحياة. فمن اجلها أصبح يستيقظ كل يوم. من اجلها أصبح للصباح معنى وصار لقصائد الشعر مغزى. لقد عرف معنى الطمأنينة. عرف ماذا يعني الارتياح. عرف معنى الغرق، أنه غرق من نوع آخر، غرق في بحر الحب بدون سترة نجاة!

في المقهى...

  ماذا ستقول له هي؟ هل ستبوح له بحبها، أم ستكتفي بكل تلك النظرات التي تقولها عيناها؟ أو هل ستكتفي بكل تلك النبضات التي يقولها قلبها بأعلى صوت؟ هل من مهرب الآن؟ لن تفلت أبدا من الهجوم الذي يشنه قلبها عليها لتنطق، وإن فلتت فلن تفلح ابدا من غزو كلمات الحب التي تتكدس في عقلها من أجله هو فقط!

في المقهى...

 جلسا يتحدثان، يستمعان لما يقوله الصمت بين الكلمات، يستمعان لما يقوله كلام العينين. كان المكان حولهما يعج بالناس. ولكن عالمها كان مكتظا بمشاعر فياضة، لا يحتوي إلا على قلبين أثنين تبادلا دقات القلب، فأصبح كل منهما يدق من أجل الآخر.

في المقهى...

كان يتابعها خلسة وهي تقطم قطعة صغيرة من الحلوى المفضلة لديها " البرونيز الغارقة في الشوكولاتة الذائبة "... وكأنه مشهد غرامي بين شفتيها وبين قطعة الحلوى...كان يفكر من منهما يأكل الآخر يا ترى؟ فكلاهما حلو!

في المقهى...

كانت تتابعه هي خلسة وهو يتحدث في هاتفه المحمول بعد أن استأذنها في الرد على مكالمة سريعة. وافقت حتى ينشغل هو قليلا عنها. وافقت ليتسنى لها أن تتأمل عن قرب تلك الملامح التي تعشقها. وافقت حتى تراقبه وهو يتحدث فتتلذذ بسماع صوته وضحكته التي تحبها.

في المقهى...

كان محقا أن يخشى على قلبه من هذا اللقاء. كان يخشى الوقوع أكثر. كان يخشى الاقتراب أكثر. فكل المؤشرات الأولية كانت توحي بقرب الغرق في عينيها، واحتمالات النجاة من صوتها الرقيق كانت ضعيفة، أما محاولة الهروب من ضحكتها الطفولية فكانت من المستحيلات!

في المقهى...

كانت تعرف أنه سلبها عقلها فلم تعد تجيد التفكير. ولكن كيف أمكنه أن يتسلل لأماكن بعيدة في قلبها لم تكن تعرف حتى بوجودها! وهل يمكنها الرجوع الآن وغلق كل تلك الأبواب التي فتحت في خلايا قلبها؟ وحتى لو حاولت فلن تحكم إغلاقهم فكل مفاتيحها الآن يملكها هو!

في المقهى...

مرت اللحظات سريعا وجاء وقت الرحيل. ولكن من يجرؤ منهما أن يطلب طلبا كهذا؟ فدقائق العشاق لا تقاس بزمننا هذا، فثمة زمن آخر ينتمون إليه؛ يدخلون في دائرة لا نهائية من الأحاديث والحكايات؛ فيخرجون من حكاية لأخرى ويمضي الوقت دون أن يشعروا به وكأن الزمن قد توقف من أجلهما هما فقط!

 وخارج المقهى، ومثلما كانا يتواعدان على اللقاء مرة أخرى كان قلبيهما يتواعدان على الإخلاص، يتفقان اتفاقا سريا على تبادل الونس، وعلى ممارسة الحب في أجمل أشكاله.

ملحوظة: لمعرفة أسم وعنوان المقهى أرجو الرجوع لكاتبة المقال!!

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز