عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
قبل رمضان ..! (2)

قبل رمضان ..! (2)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

ذكرت لكم في الأسبوع الماضي أنه تلاحقني هذه الأيام عبارة "قبل رمضان"، ويبدو أن العبارة أبت إلا وأن تلاحقني بشكل أكبر بعد كتابة المقال ونشره؛ فقد تواصل معي أخي العزيز د. عبدالهادي النجار الأستاذ المساعد بقسم الإعلام بكلية الآداب جامعة المنصورة، وقال لي إن إحدى تلميذاته وهى مي أحمد عزت أبو صالحة المعيدة بقسم الإعلام بكلية الآداب بجامعة دمياط التي سلمتني رسالتها للماجستير أتمت إجراءات تشكيل اللجنة العلمية، وينبغي أن نناقشها "قبل رمضان"، وكنت أعتقد أن تأخير الإجراءات حتى يومين مضيا سوف يؤجل هذه المناقشة إلى ما بعد العيد، ولكن أصرت عبارة "قبل رمضان" أن تطاردني حتى آخر لحظة، ولم أستطع أن أرفض طلبًا لأخي العزيز د. عبد الهادي، ولم تطاوعني نفسي أن أؤخر إحدى تلميذاتي التي تنتظر المناقشة بفارغ الصبر للانتهاء من رسالتها.



وهكذا سأكون مطالبًا أنا ود. عبد الهادي الأربعاء القادم أن نناقش رسالتيْن للماجستير بكليتيْن مختلفتيْن من كليات جامعة المنصورة، وهى المرة الأولى لي على الإطلاق التي أُناقش فيها رسالتيْن في يوم واحد؛ الرسالة الأولى للباحثة نشوى فتحي المغاوري المعيدة بقسم الإعلام التربوي وسنناقشها بكلية التربية النوعية جامعة المنصورة، والثانية للباحثة مي أبو صالحة والتي سنناقشها بقسم الإعلام بكلية الآداب بالجامعة نفسها.

وعلاوة على عبارة "قبل رمضان"، فإن "ليلة رؤية هلال رمضان" لها ذكريات عديدة عندي لا أنساها سواء في الماضي البعيد السعيد أيام الطفولة والصبا، أو في الماضي القريب التي كانت عبارة "قبل رمضان" تطاردنا حتى "ليلة الرؤية"؛ أذكر على سبيل المثال منذ سنوات أنه كان يجب أن أناقش رسالة مع د. أشرف صالح رئيس قسم الصحافة الأسبق بإعلام القاهرة في إحدى جامعات صعيد مصر، وكنا عائدين بالقطار ليلة الرؤية، وكنا نتلمس من خلال الاتصالات الهاتفية أو ممن يستمع إلى الراديو الترانزستور رؤية الهلال، إلى أن جاءات الإجابة قاطعة بأن غدًا أول رمضان، فهنأ كل مَن في القطار بعضهم البعض بمقدم الشهر الكريم في فرحٍ وسعادة واضحيْن على كل الوجوه حتى الأقباط منهم، وكان كل همي في صلاة القيام التي ضاعت مني جماعة في أول ليالي رمضان، والعودة سريعًا إلى المنزل للم شمل العائلة في أول سحور في رمضان.

وأتذكر "ليلة الرؤية" تارةً أخرى منذ عاميْن تقريبًا، وكنت عائدًا من دولة الكويت الشقيقة بعد الإشراف على امتحانات جامعة القاهرة للتعليم المفتوح قبل رمضان بيوميْن، وشاءت الظروف تحديد موعد لمناقشة رسالة ماجستير ليلة الرؤية في كلية الآداب جامعة الإسكندرية، ومن عجائب القدر أنه لم يكن متاحًا أن نناقش الرسالة في الفترة الصباحية لأن الكل بيناقش "قبل رمضان" والقاعة محجوزة في ذلك الوقت، ولم يكن أمامنا سوى ان نناقش في الفترة المسائية بدايةً من الرابعة عصرًا، وبعد المناقشة ودعوة كريمة على العشاء أصبحت الساعة بقدرة قادر التاسعة والنصف مساءً، كما أن الطريق حتى بوابات الرسوم تحت الإنشاء وأخذنا حوالى الساعة والنصف حتى نخرج من الإسكندرية فقط، ولم أصل بيتي إلا في الواحدة والنصف فجرًا لكي أتناول طعام السحور مع عائلتي التي كانت تتابعني بالتليفون طوال الطريق من الإسكندرية إلى القاهرة.

وقبل ذلك بسنوات، وبالتحديد في صيف العام 2011 عقب ثورة 25 يناير، كنت أيضًا أقوم بالإشراف على امتحانات جامعة القاهرة للتعليم المفتوح بدولة قطر أنا ود. جمال نصر الأستاذ بكلية الزراعة ود. صبري السنوسي الأستاذ بكلية الحقوق والمرشح لعمادة الكلية حاليًا، ولم ننه مهامنا بانتهاء الامتحانات إلا ليلة الرؤية، لنعود إلى القاهرة العامرة المنيرة المبهرة التي تزدان كل عام لاستقبال الشهر الفضيل.

أما بالنسبة لي فكل الأيام والشهور هى لحظات عمل لا يجب إضاعتها، لأن الزمن الضائع هو من عمر الإنسان القصير، لذا ينبغي الاستفادة من العمر في الأعمال المفيدة والجادة، والتي يمكن أن تصير خربشات على جدار الزمن، نتركها لأبنائنا ومحبينا وزملائنا وتلامذتنا ليتذكرونا من خلالها. يجب أن نقول إننا مررنا من هنا؛ فمن غير اللائق أن نأتي إلى هذه الدنيا ونغادرها دون أن تكون لنا بصمات فيها.

إن أفضل الشهور لي في العمل هو شهر رمضان، وخاصة العمل الذهني والفكري؛ ففي شهر رمضان كتبت رسالتي للماجستير، وفيه أيضًا كتبت رسالتي للدكتوراه؛ وأذكر جيدًا أنني كتبت فصلاً من فصول رسالتي للماجستير وذهبت إلى أستاذي ومشرفي د. أشرف صالح بمنزله في ضاحية المعادي بعد أن تناولت طعام الإفطار، وتركته تقريبًا بعد منتصف الليل بقليل لألحق بالسحور مع عائلتي في محافظة القليوبية، لأفاجأ في صباح اليوم التالي بالدكتور أشرف وقد قرأ الفصل وأحضره لكي يسلمني إياه في كلية الإعلام، فبركة رمضان هى التي جعلت الأستاذ المشرف يسهر للسحور ويراجع الفصل الذي كتبته، لكي أستلمه بعد ساعات قليلة، وهذا ما لم يكن يحدث في غير رمضان.

في رمضان العمل عبادة.. كل العمل .. وليس الصلاة والقيام والصوم فقط .. بل كل العمل النافع الذي يفيد الفرد والمجتمع والوطن والأمة.. إذا نظرنا إلى هذا المفهوم بمعناه الواسع، فسوف نتمنى أن تكون كل شهور السنة رمضان.

كل سنة وأنتم طيبون بمناسبة قرب حلول أحب الشهور إلى الله .. شهر رمضان .. شهر العمل والعبادة.. شهر الغفران والطاعة.. وما تنسوش تدعو لمصر في رمضان.. فهى الوطن والملاذ في كل وقت وحين.. حفظ الله مصر شعبًا وجيشًا .. مسلمين وأقباط .. أطفالاً وشبابًا وشيوخًا.. حفظ الله مصر الحصن الحصين لكل المصريين.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز