عاجل
الخميس 28 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
ليالي رمضان .. أنس ومتعة

ليالي رمضان .. أنس ومتعة

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

رمضان .. وما أدراكم سادتي الكرام .. ما رمضان ؟؟ ، فكل المسلمون يعلمون ويرددون دوما أحاديث رسولهم الكريم أن رمضان تصفد فيه الشياطين .. وتفتح أبواب الجنة .. ولله في كل ليلة عتقاء من النار .. وهو شهر تقرب لله تعالى فنهاره صيام وقرآن ، وليله عند الكثيرين تهجد بعد قيام ، وليتني ما بحثت ولا قرأت وظللت أرتع في ضلالات الوهابية السلفية المسيطرة على عقول المصريين منذ عقود مضت بكل فتاويها المهلكة واختراعاتها السافرة في الدين ، وعجبا أننا في بلد الأزهر ومنارة العلم عبر قرون عشرة مضت ، ولكننا قد سقطنا جميعا ومعنا قطاع كبير من الأزهر وعلماءه في هاوية الوهابية السلفية بكل حماقتها وغباء تشددها ، وأول حماقات الغباء السلفي الوهابي التي أصبحنا أسرى لها بخلاف إطالة الصلاة حتى يكرهها السليم قبل المريض والضعيف وذا الحاجة ، هو ما ابتدعوه في ليل رمضان ، وفرضوه على البشر تنطعا وترهيبا وسرعان ما انتشرت نيرانه السلفية الوهابية في هشيم الجهل المصري في سنوات قليلة .



فبرغم أن الله تعالى علمنا بصريح قرآنه أن ليل رمضان هو موسم للأنس والمتعة بالأهل ، بقوله تعالى .. {أُحِلَّ لَكُمْ لَيْلَةَ الصِّيَامِ الرَّفَثُ إِلَى نِسَآئِكُمْ هُنَّ لِبَاسٌ لَّكُمْ وَأَنتُمْ لِبَاسٌ لَّهُنَّ عَلِمَ اللّهُ أَنَّكُمْ كُنتُمْ تَخْتانُونَ أَنفُسَكُمْ فَتَابَ عَلَيْكُمْ وَعَفَا عَنكُمْ فَالآنَ بَاشِرُوهُنَّ وَابْتَغُواْ مَا كَتَبَ اللّهُ لَكُمْ وَكُلُواْ وَاشْرَبُواْ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ ثُمَّ أَتِمُّواْ الصِّيَامَ إِلَى الَّليْلِ وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ }البقرة187 ، فليل رمضان في كتاب الله تعالى هو للأنس والمتعة والسعادة وهو المقصود بمعنى الرفث والذي يعني في أصله .. التفرغ للأنس والتسلية والحديث مع الزوجة والأهل ، وهو مقدمات منطقية ضرورية للمباشرة ، ثم ممارسة الأكل والشرب حتى الفجر ، ولم يأمر الله بالاعتكاف ولا بالتهجد ولا بصلاة قيام ، ولكنه سبحانه حرم مباشرة الزوجة للعاكف في المسجد ، والعاكف هو المتواجد في المسجد للصلاة وهو ليس المعتكف المنقطع في المسجد عن الدنيا ، بدليل أنه مسموح له مباشرة زوجته ولكن خارج المسجد .

فلا وجود لصلاة القيام (التراويح) في سنة رسول الله مطلقا ، فما صلاها رسول الله إلا منفردا وركعات أربع في مرة ، وثمانية في مرة ، وما زاد عنها إلا بثلاث ركعات للوتر ، بخلاف ما شرعه دين الوهابية والسلفية حتى عشرون ركعة كحد أدنى ، والتاريخ يذكر أنه ما جمع الناس لصلاة القيام إلا عمر بن الخطاب بعد موت رسول الله بسنوات طويلة في عهد خلافته التي امتدت عشر سنوات ، وقد جمع الناس ليوحد كلمة المسلمين ويقوي تقاربهم ، وما فرضها على أحد بل دعا من يصلون فرادى أو يكون لهم جماعة وقاريء واحد ، وما ذكر عن عمر أنه صلى ما يسمى بصلاة التهجد مطلقا ، بل من الغريب أن الاعتكاف نفسه لم يفرضه رسول الله على بشر وما أمر به ولم يسن الاعتكاف إلا بعد موت رسول الله ، وكان اعتكاف رسول الله لسبب رئيسي واحد وهو أنه وحده (هو رسول الله) وخاتم الأنبياء والمرسلين ومهمته في الدنيا هو تبليغ الرسالة الخاتمة ، فاعتكاف رسول الله كان له ضرورته ليتقرب به لله وموعد سنوي يراجع فيه القرآن مع جبريل حتى أن في السنة الأخيرة من عمره اعتكف عشرون يوما وراجع جبريل عليه القرآن مرتين كما أخبرنا عليه الصلاة والسلام ، وقد اعتكف رسول الله في العشر الأوائل مرات والوسطى مرات ثم لزم بعدها العشر الأواخر حتى قبض ، واعتكافه عليه الصلاة والسلام هو توقيت يحدده له ربه سبحانه وتعالى ، وليس كما يدعي البعض أنه كان يغيره بحثا عن ليلة القدر .

فرمضان سادتي الكرام .. نهاره صيام وعمل وكد واجتهاد ، وليله أنس ومتعة بالأهل والأولاد وذوي القربى والأولى فالآولى ، وطعام وشراب وراحة حتى بزوغ الفجر ، ويجوز التقرب لله بصلاة بعض ركعات للقيام (التراويح) ، ولكن دون إطالة أو تشديد ، ركعات خفيفات لو كانت في جماعة ، أو صل كما شئت لنفسك لو كنت منفردا ، ولا تنسى أن رمضان فرضه الله على البشر (لعلهم يتقون) ، لعل نفوسهم عندما تمتنع في نهاره عما أحل الله لها ، تتذكر حدود الله فتمتنع عما اعتادت فعله من محرمات طوال السنة ، ولم يكن رمضان ولن يكون صلاة قيام حتى منتصف الليل ودعاء بعويل وصراخ لساعات طويلة في دروشة لا محل لها في الإسلام ولم يفعلها رسول الله ، ولن يكون رمضان تهجد حتى الفجر ولا اعتكاف في المساجد باسم الدين ، والادعاء بالباطل أنه تقرب لله ، وهو يورث النفوس الجاهلة الوضيعة غرورا وكبرا فيظنون أنهم وحدهم أهل الله وخاصته ، فيفرزون لنا بشرا تتأله على الله وخلقه وتقتل النفوس باسم الدين والله ودينه منهم براء ، ولا ننسى أن رسول الله حرم التشدد والتشديد على النفس لأنه ينتهي بالإنسان المتشدد للكفر بالله أو بقيوميته .. وهو ما قاله رسول الله .. { لا تشدوا على أنفسكم ، فيشدد الله عليكم ، فإن الذين من قبلكم شددو على أنفسهم ، فشدد الله ، عليهم فكفروا به} ، والكفر بقيومية الله هو تماما مثل إبليس الذي لم يكفر بوحدانية الله ولا قدرته ولا عزته ، بل أنه أقسم بعزة الله { فبعزتك لأإوينهم أجمعين} ، ولكنه كفر بقيومية الله عليه عندما ظن أنه يعرف أكثر من الله تعالى فرفض تنفيذ أمر الله بالسجود لظنه أن السجود كان لأفضلية الخلق ، وكذلك يفعل الوهابيون والسلفيون ويظنون أنهم يعرفون عن دين الله وأحرص على دينه من الله سبحانه وتعالى ، فهم بواقع التعمد والتنطع في دين الله أكبر ذنبا من إبليس في كفرهم بقيومية الله عليهم ، وهو ما يؤكده تطورات فكرهم وتجبرهم بداية من تحريم تهنئة المخالفين لهم بأعيادهم وانتهاء باستحلالهم قتل النفوس البريئة والتي حرمها الله تحريما مطلقا تقربا وقربة لإبليس الذي استعبد نفوسهم وقلوبهم وطمس على عقولهم فهم كما يقول فيهم سبحانه وتعالى  {وَلَقَدْ ذَرَأْنَا لِجَهَنَّمَ كَثِيراً مِّنَ الْجِنِّ وَالإِنسِ لَهُمْ قُلُوبٌ لاَّ يَفْقَهُونَ بِهَا وَلَهُمْ أَعْيُنٌ لاَّ يُبْصِرُونَ بِهَا وَلَهُمْ آذَانٌ لاَّ يَسْمَعُونَ بِهَا أُوْلَـئِكَ كَالأَنْعَامِ بَلْ هُمْ أَضَلُّ أُوْلَـئِكَ هُمُ الْغَافِلُونَ }الأعراف179.

وأخيرا .. لا شك أن الحق أحق أن يتبع ، وأن الحقائق لابد وأن تعرف يوما وينكشف ستر المضللين وبهتانهم ، ويسقط المزورين والمدعين وأصحاب الضلال والبهتان حتى ولو كانوا اليوم أصحاب مناصب ومنابر يستخفون خلفها ويساندون بها ضلالات الفرق والجماعات ، التي حكم الله بشركها في سورة الروم ، ولكن بعض الناس باعوا دينهم بدنياهم ،  {.. وَسَيَعْلَمُ الَّذِينَ ظَلَمُوا أَيَّ مُنقَلَبٍ يَنقَلِبُونَ }الشعراء227 ، وتحية مباركة طيبة لكل إنسان خلقه الله وكرمه على أرضه فكان مثالا للإحسان لخلقه وعبيده شاكرا لأنعم الله وفضله عليه بإكرام خلقه .. والله غالب على أمره .. ولكن أكثر الناس لا يعلمون ...

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز