عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
درس قاس للمتلاعبين بالعقول

درس قاس للمتلاعبين بالعقول

بقلم : د. أماني ألبرت

 كان وما يزال كتاب المتلاعبون بالعقول Mind Managers للكاتب هيربرت شيللر Herbert Schiller أستاذ الإعلام والاتصال بجامعة كاليفورنيا والذي مر على نشره ما يقرب من نصف قرن، كان من أهم المراجع التي تحدثت عن التأثير البالغ للدعاية والتضليل الإعلامي والوعي المعلب والتحكم في الرأي العام. وكيف يجذب محركي الدمي الكبار، في السياسة والإعلام ووسائل الاتصال الجماهيري خيوط الرأي العام؟ وكيف تلعب وكالات الإعلام تحت غطاء الديمقراطية والموضوعية والحرية الإعلامية دورًا كبيرًا في تزييف الواقع وطمس الحقيقة والتلاعب بعقول الناس لينصب اهتمامهم في المواقف التي تريدها أمريكا في العالم.



فتمرير المعلومات للرأي العام يتم بحرفية من حيث توقيتها وطريقة عرضها ومعالجتها ليقود هذا في النهاية لتحديد مواقف الأشخاص وبالتالي ردود أفعالهم نحو القضايا المختلفة.

فالرسائل الإعلانية الخالية من القيم والرسالة الإخبارية التي تبدو محايدة، وحتى المعلومة التي تبدو للمتلقي مجرد معلومة مجردة هي نتاج أجندة شركات أمريكية عظمى وسياسات الحكومة الأميركية، التي تتلاعب بالعقول المستهلكة لهذه المعلومات. والأمر كله يعتمد على رأس المال، فمن يمتلكون وسائل الإعلام يسيطرون على نوعية المعلومات المطروحة. والمؤسسات الإعلامية العملاقة التي تحتكر السوق الإعلامي قادرة على التضليل وفقا لأجندتها.

إذ يقف حراس البوابة الإعلامية عند أبواب المعلومات ويمررون ما يمكن تمريره أو يشوهون ما يجب تشويهه طبقا لدواع تجارية محضة. ومهما ظن المشاهد أو القارئ أن ما يتعرض له يتم بشكل تلقائي يعتمد على الحرية والتعددية إلا أن الواقع الحقيقي يعتمد على الفردية والاختيار الشخصي لهؤلاء المجندين في ترس الماكينة الإعلامية الكبرى.

فالتعددية الإعلامية هي مجرد أسطورة. وبينما يقف المادر الإعلامي شامخًا برأس ماله الضخم ليضلل من يشاء، أثبتت شبكات التواصل الإجتماعي أنها قادرة على كسر هذا الاحتكار وتلقين هؤلاء المتلاعبون بالعقول درسًا قاسيًا. فاستخدمت من قبل مواطنين عاديين للتعبير عن أصوات حرة تصنع الوعي وتكشف التزييف الممنهج.

وخير دليل على قوة دورها، ما حدث أثناء ثورة يناير حينما تم كسر سيطرة الدولة على الإعلام، وتوظيفها في التواصل والحشد مما اضطر الدولة لقطع الاتصالات لفترة. وكذلك ما حدث أثناء انتخاب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ففي البداية صدرت وسائل الإعلام التقليدية صورة ساخرة لترامب وركزت على تصريحاته الكوميدية، وخطاباته العنصرية وماضية النسائي.

وأعلنت الصحف والقنوات نتائج مراكز الاستطلاع بفوز متوقع لهيلاري كلينتون. وبينما يختلق المتلاعبون بالعقول كذبة يدفعون الجميع لتصديقها، أكد ترامب مرارا وتكرارا أن وسائل الإعلام لا تريد "أن تنقل الحقيقة" ولها أجندتها الخاصة. وأضاف "أتعرض إلى حد كبير لتغطية إعلامية غير نزيهة" ولما أتت اللحظة الحاسمة، ظهرت النتيجة بفوز ترامب بعكس كل التوقعات والتحليلات والتكهنات التي تم الترويج لها، وسقطت أوراق التين من على جسد الإعلام الإمريكي المتلاعب الأكبر بالعقول أمام ترامب وهو يقول "لولا تويتر لما كنت هنا على ما أظن!!".
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز