عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
شباب الفيس بوك والسياسة..!

شباب الفيس بوك والسياسة..!

بقلم : د. شريف درويش اللبان

في ظل الهيمنة على المشهد الإعلامي، الذي تحوَّلت معظم وسائله إلى أدوات لخدمة أجندة ملاّكها، وتعمل في إطار سياساتهم الإعلامية، ظهرت أهمية المواقع الاجتماعية، التي باتت وسيلة تواصل أساسية، تتيح التعبير عن الآراء وتبادل المعلومات والمشاركة في توجيه الأحداث، ولم يقتصر استخدامها وتوظيفها على فئات الجماهير المختلفة؛ بل امتد إلى مختلف القوى والمؤسسات السياسية والفكرية، الرسمية والأهلية، لتصبح أحد أهم محركات التفاعل مع الأحداث الجارية والقضايا العامة وإنتاج محتوى إعلامي بديل يعبر عن خطاب الجماهير إلى جانب خطاب المؤسسات المختلفة.



وقد شهد العالم العربيّ قفزة كبيرة في دور وسائل التواصل الاجتماعي في حركية المجتمع، فقد لعبت رسائل فيس بوك وتغريدات تويتر دورًا كبيرًا في التمهيد للثورة، والتحريض عليها والتحفيز على مواصلتها، وجاءت تسمية الثورة المصريّة باسم (ثورة الفيس بوك) كي تعكس قناعة قويّة بالدور المحوريّ لوسائل التواصل الاجتماعيّ في إشعالها.

كما أُنجزت معظم العمليّات التنظيميّة في فضاء فيس بوك، كما أنّ هذه الوسائل قدّمت فضاءً تواصليًّا رحبًا، أتاح لخطاب الثورة بحجج هو قناعاتها للوصول إلى شريحة ضخمة من الشباب، ومن ثمَّ لعبت دورًا مؤثّرًا في خلق وعي ثوري، في هذا الإطار نوقشت رسالة دكتوراه مهمة مؤخرًا تحت إشرافنا بكلية الإعلام جامعة القاهرة للباحث سامح يوسف الشريف.

ولعلّ ما يفسر الدور الكبير للشبكات الاجتماعية، أنها أتاحت التدفق الكبير للمعلومات وتعزيز التواصل بين الأفراد، ما سهّل من دورها في حشد وتعبئة طاقة معنوية معادية لنظام الحكم، وإذا كانت الصحافة قد أسهمت بدور كبير في تشكيل البنية الثقافية للمجتمع المصري منذ القرن التاسع عشر؛ فإن تكنولوجيا المعلومات أخرجت وسائل الاتصال عن سيطرة الدولة ولعبت دورًا في بناء معارضة قوية وساهمت في تشكيل خطاب حداثي.

فالمُتتبع للمجال العام المصري بعد ثورة يناير يدرك التحولات الكبرى التي شهدها فيما يتعلق ببنيته والفاعلين الرئيسيين فيه وكيفية إدارة العلاقة بين هؤلاء الفاعلين وبعضهم بعضا من جانب وبالسلطة الحاكمة من جانب آخر، فلم يعد هناك حزب حاكم يحتكر لنفسه حق التمثيل داخل المجال العام، بل تعددت وتنوعت بداخل هذا المجال كل ألوان الطيف السياسي والمجتمعي، وتخلص المجال العام المصري من وصاية النظام وأصبح مجالًا عامًا تعدديًا، تمثلت فيه الحركات الاحتجاجية، والائتلافات الشبابية، والأحزاب السياسية الوليدة، فلم يعد تيار أو حزب معين يحتكر لنفسه حق التمثيل داخل المجال العام.

ومع بدء التحولات التي اجتاحت العالم العربي في نهاية عام 2010، والتي لا تزال تفاعلاتها مستمرة حتى الآن، وبالتزامن مع ما شهدته الدولة المصرية من تغيرات سياسية واجتماعية منذ أحداث الخامس والعشرين من يناير 2011 مرورًا بأحداث الثلاثين من يونيو 2013 وتداعياتها؛ كان للمواقع الاجتماعية دورًا مهمًا في هذه الأحداث، حيث أنها لم تشكّل فقط حلقة وصل بين الجماهير لتبادل المعلومات والخبرات بشأن ما يجري من أحداث؛ لكنها أصبحت أيضًا تمارس دور تجميع الكتلة الحرجة Critical Mass من خلال تشجيع الحشود وتشكيل اتجاهات الجماهير.

ولكون الدعوة لهذه الأحداث تمت من خلال شبكات التواصل، مع تجاهل تام من وسائل الإعلام الرسمية الخاضعة لسيطرة الدولة؛ بحث الشباب عن إعلام بديل يقدم من خلاله مطالب الثورة وأهدافها، وأصبحت المواقع الاجتماعية مجالًا للتعبير عن الآراء.

وفي إطار الدور الذي تلعبه الشبكات الاجتماعية في الحياة السياسية؛ فقد طرحت عديدٌ من الدراسات طبيعة المشاركة في المناقشات السياسية للجمهور في الشبكات الاجتماعية، ففي ظل مفهوم "غرف الصدى" Echo Chamber ميزت الدراسات بين الجمهور الذي ينخرط في المناقشات السياسية سواء مع من يوافقونهم أو يعارضونهم الرأي والاتجاه السياسي، أو من يميلون لمصادقة من يتفوقون معهم في الاتجاه السياسي فقط وكأنهم يعيشون في غرفة للصدى. وعلى المستوى المعرفي، تعد الشبكات الاجتماعية من أهم الأماكن التي يتعرف فيها الشباب على المعلومات الضرورية الخاصة بالعملية السياسية في مجتمعاتهم، فهم يتقابلون افتراضيًا ويشاركون بدرجة عالية من الفعالية أينما كانوا.

وتعمل الشبكات الاجتماعية على تدعيم الممارسة الديمقراطية من خلال إنهاء احتكار النظم الحاكمة للمعلومات، ونشر الوعي السياسي لدى المواطنين، وتدعيم دور المعارضة السياسية، بالإضافة إلى استخدامها كوسيلة لنشر الثقافة السياسية وتوعية الجمهور وزيادة اهتمامه بالشئون السياسية بما يزيد من المشاركة النشطة للأفراد وهي خطوة أولى للتنمية السياسية.

كما تعد مظهرًا جديدًا للتطبيع الاجتماعي السياسي، ووسيلة لجذب المواطنين من الشباب إلى الاقتراب بصورة أوثق من العملية السياسية، كما ظهرت توقعات كبيرة تتعلق بإمكانيات الشبكات الاجتماعية في إحداث التعبئة السياسية وإشراك جماعات جديدة مستبعدة عن ممارسة السياسة، كما أصبحت الشبكة مصدرًا مهما للمشاركة السياسية من قبل صغار السن الذين لا تجذبهم السياسة عادة كما استطاعت جذب أناس جدد كانوا أقل تمثيلًا في أشكال المشاركة التقليدية. كما تساعد على المدى البعيد على بناء مجتمع مدني متقدم، كما تستخدم المواقع الاجتماعية من قبل التجمعات السياسية والتنظيمات كوسيلة للتحفيز السياسي وخلق الأنصار والمؤيدين والتفوق على المنافسين أو المناقشة وطرح الأفكار. إن ثُلاثية الشباب وشبكات التواصل الاجتماعي والسياسة بدأت بالكاد أولَ أجزائها، ولكن باقي الأجزاء لم تظهر بعد في الواقع الحقيقي.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز