عاجل
الخميس 18 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
مشاركــون لا متفرجون
بقلم
محمد نجم

مشاركــون لا متفرجون

بقلم : محمد نجم

أعتقد أن أهم “لقطة” فى مؤتمر الأراضى المستردة والذى عقد الأسبوع الماضى، كانت وقوف الشباب من الجنسين على منصة الحديث والعرض بجوار محافظ الإقليم عندما يأتى عليه الدور.



فقد رأيت فى تلك اللقطة أن جيل الآباء الحالى من المسئولين التنفيذيين - كل فى مجاله - يقول للشباب المحيط به إننا نحافظ على حق جيلكم فى الثروات الطبيعية المصرية، وهانحن نسترد ما استولى عليه من غير حق، ونحافظ عليه من الاعتداء حتى تتسلموه.

وأيضا رأيت الشباب شاهدًا على ما يجرى مشارك فيه واعدًا جيل الآباء بالحفاظ على ما سوف يتركونه من ثروات، بل قدم بعضهم أفكارًا ومقترحات لتنمية وتطوير تلك الأصول من أراض للزراعة أو المبانى أو مصارف للرى وللصرف.

لقد كنا دائمًا - كشعب - نتعايش مع توجهات السلطة الجديدة، ونتقبل قراراتهم المعلنة والتى يبدو فى ظاهرها أنها تستهدف مصلحتنا، وكنا كثيرًا ما نفاجأ بأوضاع جديدة على أرض الواقع دون أن نعلم مقوماتها ولا أسبابها، وبالتالى لم نكن مشاركين فيما يجرى على الأرض، بل كنا متفرجين على نخبة قليلة العدد متميزة العلاقات تفعل ما تريد سواء كان صحيحًا أو خاطئًا.

ولأننا لم نكن شركاء فيما يحدث.. فقد كان البعض منا يدير ظهره لهؤلاء الفاعلين وكأن الأمر لا يعنيه، وكلنا نعلم كيف كانت نسبة المشاركة السياسية من قبل والتى كانت تظهر بشكل واضح فى انتخابات مجلس النواب أو انتخابات الرئاسة أو أى استفتاءات كانت تجرى.

فلم تكن نسبة مشاركة المواطنين تزيد عن 4% فى أحسن الأحوال، لأن النخبة الحاكمة كانت تعتبر عامة الشعب «رعايا» وليسوا مواطنين لهم كامل حقوق المواطنة.

بل وصل الأمر فى بعض الحالات أن تحدث بعض المسئولين تشبهًا بفرعون موسى الذى قال لقومه ما أريكم إلا ما أرى!

بمعنى أننا نحن الحكام.. نحن أولو الأمر فيكم وعليكم طاعتنا وتنفيذ أوامرنا والعمل من خلال توجيهاتنا، وماحدش يعمل فيها «أحمد عرابى» ويرفع أصبعه فى وجهنا قائلا لقد خلقنا الله أحرارا!

ولم يكن الأمر يتوقف عند هذا الحد، بل وصل إلى وصف المال العام.. بالمال السايب.. وأحل البعض لنفسه سرقته أو الاستيلاء عليه أو العبث به.

فقد كان البعض «يتشاطر» فى سرقة الكهرباء بتوصيلات غير مشروعة، وكان آخرون يلعبون فى العدادات سواء الكهرباء أو المياه بحيث تتوقف عن تسجيل الاستخدام الفعلى أو تظهره بشكل منخفض وغير حقيقى.

هذا إلى جانب حرص البعض على الاستفادة من أى شىء يخص الدولة، سواء كانت شققا يتم توزيعها على ساكنى العشوائيات، أو أراضى مخصصة للخريجين، المهم أن يحصل هذا المتلاعب على أى حاجة ثم يعيد بيعها إلى آخرين وقبل أن يتسلمها.. حيث كان يبيع إيصال الحجز ويحقق أرباحًا حرامًا ولكنه كان يعتقد أنها شطارة وأن الرزق يحب الخفية.

ولماذا كان يفعل البعض ذلك؟

لأنه ببساطة لم يشارك فى صنعه، ولكنه كان يعتبر ما يستولى عليه عبارة عن بعض الثمار الذى استوى وسقط من تلقاء نفسه من «أشجار» الكبار سواء كانوا مسئولين أو مستثمرين، ويسميها بعض الاقتصاديين نظرية «التساقط».

ولأنه أيضًا - المواطن - كان يرى أن الدولة أو الحكومة أو بعض الأجهزة المعنية تسهل لفئة من الكبار الاستيلاء على مساحات شاسعة من الأراضى سواء بحجة الزراعة أو البناء، بل كان يرى أيضا أن هناك قرارات تصدر بشكل مفاجئ ولفترات زمنية محددة لتحقق استفادة معينة لبعض الأشخاص، ثم يتم إلغاء تلك القرارات أو تعديلها بعد أن أدت الغرض المطلوب منها، والمؤسف والمبكى فى آن واحد أن الحكومة كانت تطلب من الموظفين «تظبيط» الأوراق المطلوبة لتنفيذ تلك القرارات بل أحيانًا ما كان البعض من المسئولين يطلب تليفونيا سرعة إنهاء تلك المعاملات بالشكل المطلوب.

ولذلك رفع الموظف شعارات «عجّان السم لازم يتذوقه».. والمياه ماتعديش على العطشان.. لمؤاخذة.. لازم ينوبنا من الحب جانب»، وفى كل الأحوال لم يكن يكتفوا بالصمت عن الحديث، ولكنهم رضوا بالحصول على ما تطوله أيديهم فى صمت.. وبدون شوشرة.. وخلى الناس تنبسط، وربك هو موزع الأرزاق!، تماما كما نصح شيخ الجامع فى فيلم «الزوجة الثانية» الأخ أبو العلا بضرورة الطاعة لأولى الأمر لأنهم سوف يعملون ما يريدونه فى كل الأحوال.. واحنا غلابة يا بنى!

المعنى فى كل ما تقدم أن المواطن عندما لا يشارك فى صُنع المستقبل، بل يتفرج على غيره وهو يصنعه لمصلحته الشخصية فقط، كان يأما «يغترب» أى يعطى ظهره لما يجرى، أو أنه يحصل على ما يدعيه أنه حقه ولكن بطرق غير قانونية وغير مشروعة.

وأعتقد أن ما يفعله الرئيس السيسى حاليا هو أهم من استرداد الأراضى الزراعية وإن كانت بالآلاف من الافدنه أو أراضى المبانى وإن كانت بالملايين من الامتار، هو أهم لأنه بيشرك الناس فيما يجرى، ويشهد المجتمع على أداء المسئولين ووعود الحكومة والمحافظين، ويستمع لمقترحات الشباب وأفكارهم فى الحفاظ على ما سوف يتسلمونه من ثروات المجتمع عندما يحين الوقت لذلك.

فينام الرجل قرير العين مطمئنًا على مستقبل البلد.. وأنها أصبحت بلدًا حقيقيًا «دولة» وليست شبه دولة كما وصفها من قبل.

مرة أخرى.. كان المؤتمر يضم العديد من الصور المُعبِّرة ويبعث بالكثير من الرسائل المؤثرة منها مثلا «لا فساد بعد اليوم»، ومنها أيضا «الغرم بالغنم»، ومنها كذلك يا شباب حافظوا على حقكم فى ثروات البلاد ولا تسمحوا لأحد أن يستولى عليها أو يعبث بها.
نعم.. يحاول الرئيس بكل جهده تحويل الناس الغلابة من الأغلبية المطحونة من متفرجين إلى مشاركين.. فلا تخذلوه وارفعوا جهدكم إلى مقدار حماسه.


 حفظ الله مصر.. وألهم أهلها الرشد والصواب.
 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز