عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الدروس المصرية على رقعة الشطرنج .. متجددة

الدروس المصرية على رقعة الشطرنج .. متجددة

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

تعتمد أساليب تقدير الموقف السياسي والعسكري على أسس ومباديء لا تحتمل الجدال ولا تقبل الشك ، ومنها حكمة هامة تمثل عنوانا فكريا بارزا يقول .. {عندما تجد الحقائق مشوهة والأكاذيب مقنعة .. فاحذر حتى من نفسك) .. بمعنى أنه عندما تجد أن كثير من الأمور والأحداث غير منطقية أو متضاربة ، فاعلم .. أن ما يصلك وهو المعلن مما يحدث ، هو في حد ذاته مستهدف ، ومخطط أن يتم تثبيت أفكاره في عقلك ، وأن كثير مما صدقته أو تصدقه هو مجرد أكاذيب مقنعة أو حقائق مشوهة باحتراف ، وبالتالي فلابد من تفنيدها وتدقيق حقيقيتها ، ولا شك أن كثيرا من المتابعين للحركة السياسية في العقد الأخير من الزمان سواء على المستوى العالمي بشكل عام أو في الشرق الأوسط بشكل خاص قد أصابته الحيرة مرات عديدة ، إن لم يكن الذهول وفقدان التمييز والفهم هو الوصف المناسب لما اعتاد الإنسان خاصة العربي تجرعه يوميا ، وتتفاقم الحالة وتتجاوز مستوى التشتت لدى المتابع الجيد لوسائل الإعلام المختلفة والمتباينة والمتصارعة ، حتى وصل الحال بالكثيرين إلى الملل من المتابعة أو حتى الرغبة في المعرفة ، وهو ما يعد في حد ذاته هدفا رئيسيا مرحليا من أهداف الماسونية في السيطرة على الشعوب والأمم ، ولعلنا اعتدنا وصف ما يحدث في المنطقة العربية بالفوضى المجنونة ، وهو أوقع وأصدق وصف للمخططات التي تديرها قوى الماسونية مسيطرة بواسطة أدواتها الرئيسية {أمريكا - بريطانيا - الغرب الأوروبي - إسرائيل} ، وفاعلة بواسطة أدواتها الخدمية المستهلكة والمسيطر عليها {تركيا - إيران - قطر - كيانات عربية وخليجية} في إطار مخطط استراتيجي ما زال تنفيذه جاريا باحترافية عالية ، حتى أن عملية تسريبات افتضاح المخطط ومراحله ومحركيه ومستقبل تطورات صراعات تنفيذه ، كانت وما زالت أحد الأهداف المرحلية المخططة بدقة ضمن استراتيجية الماسونية لإحكام السيطرة على الشرق الأوسط ، والتي من وسائلها وأدواتها المعروفة هي التسريبات والتسجيلات المهربة بتعمد ، وهو ما وضح للعامة باكتشاف حقيقة أن موقع ويكلوكس الأشهر هو أحد مواقع شبكات المعلومات للمخابرات الأمريكية .



فمثلا لا حصرا .. رأينا وعجبنا أن إخوان البنا ومناصريهم مجاهدي النكاح السلفي ظلوا عقودا طويلة يصمون آذاننا ويصدعون رؤسنا بالشيطان الأكبر أمريكا وعدونا الأبدي إسرائيل وشعارات .. (على القدس رايحين شهداء بالملايين) ، وما أن وصلوا لحكم مصر حتى بدلوا كل ادعاءاتهم وأصبح الشيطان الأكبر هو كعبة تعبدهم ، وحامي وجودهم ومحركهم ، وهو من استنجدوا بهم عند عزلهم ومحاكمتهم ، فضلا عن رحلات الحج والعمرة الإخوانية والسلفية المستمرة والمتبادلة بينهم للبيت الأبيض ، والمؤيد بدفاع أمريكا والغرب المستميت عن قيادات وإرهابيي تجار الدين بمختلف طوائفهم ، ثم تكتشف أخيرا صداقة الطفل المعجزة وأمل السلفية (نادر بكار) بوزيرة الجنس الإسرائيلية ، واستمرار لهذه المشاهد الهزلية الإخوانية رأينا وتابعنا أخيرا دويلة (قطر) السنية التميمية المتربصة والمعادية لنظام بشار الأسد السوري الشيعي الكافر (كما تشدقوا بذلك عقودا) هي اليوم تستنجد وتلجأ بل وتصبح متيمة بالحضن الإيراني الشيعي الحنون ، والذي هو كان وما زال نصير بشار الأسد الأول والأصيل ، ثم هي نفسها تخسر صداقة وتحالف الأشقاء العرب خاصة في الخليج كنتيجة منطقية لافتضاح تآمرها على الجميع لصالح لا أحد سوى الشيطان ، فما يدور خلف الصورة المعلنة شيئا خارج حدود الفهم والمنطق ، فهناك علاقات وطيدة ومتنوعة وعميقة وأحيانا ودودة وربما عاشقة بين دول وكيانات تتصارع في العلن سياسيا وعسكريا وإعلاميا والعكس صحيح ، وصديق اليوم هو عدو الغد اللدود وعدو الأمس قد يصبح صديق وربما رفيق الغد العاشق ، وتلك هي السمات الأبرز والأشهر لما تديره الماسونية العالمية لإحداث الفوضى والتشتيت اللازمين لإخضاع وتدمير دول وشعوب هذه المنطقة في إطار مخطط السيطرة الاستراتيجي .

ولا شك .. أن الصورة المجردة لحقيقة ما يحدث ربما تكون في قمة البساطة والوضوح ، لو أزلنا عن الصورة بعض رتوش أو (بهارات)  الأحداث ، فالماسونية تدير أدواتها الرئيسية المتمثلة في حكومات ومخابرات كل من (إسرائيل - أمريكا - الغرب الأوروبي) ، وتستخدم أدواتها الخدمية المستهلكة في الشرق الأوسط (تركيا - إيران - قطر - دول عربية وخليجية) ، وصنعت وزرعت وتمول وتحمي وتوجه تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) بمختلف أشكالها ومسمياتها القديمة والحديثة بداية من الوهابية والإخوان والسلفية والجهادية والقاعدة وانتهاء بالفصيل الجديد في الساحة الإعلامية ثم السياسية قريبا والمسمى بالصوفية ، وذلك باستخدام خدامها المسخرين بالخيانة لتنفيذ وتبادل الأدوار سواء للتمويل أو التدريب أو الإمداد والتدريب والعلاج أو حتى التورط العسكري التكتيكي أحيانا ، فلا مانع من تسليح أمريكا للأكراد ليكونوا نواة وسلاحا لتقسيم تركيا بجانب سوريا من بعد داعش ، ولترتع العراق في صراعاتها السنية الشيعية التاريخية ثم العراقية الداعشية والعراقية التركية ، مع استمرار اشتعال اليمن ، ومحاولة إشعال تونس مرة ثالثة ورابعة ، وليحترق جميع من الشرق الأوسط في سبيل تحقيق أهداف الماسونية ، والتي قد تتغير مسمياتها إعلاميا ما بين الحرية والديمقراطية بلسان حقبة (كلينتون وبوش وأوباما) إلى الحق في النفط والأموال مقابل الحفاظ على الكراسي والعروش بلسان حقبة (ترامب) ، لتصل في النهاية لأهدافها الاستراتيجية المرحلية التي تؤكد صورتها الواضحة بعدم وجود ما يسمى بالعرب على رقعة الشرق الأوسط التي هي قلب العالم عبر التاريخ ، قبل التورط في حروب التصفية النهائية مع ممثلي الشيوعية الأصليين (روسيا - الصين - كوريا الشمالية)

وربما تكون الصورة غير مقبولة لدى البعض حتى نكتشف أصول اللعبة ، فلا عداء أساسا بين إيران وإسرائل أو أمريكا ، بل لعلنا نسينا أن الخوميني كان ربيبا للماسونية لأكثر من عشرين سنة أو تناسينا أن الماسونية وصلت به لحكم إيران وما زالت مسيطرة بآيات الله المتعاقبة ، بل والحقيقة تقول أنه منذ وصول آيات الله للحكم على يدي الماسونية ، وأمريكا واسرائيل وإيران يعيشون خلف الكواليس شهر عسل طويل عبر العقود الثلاثة الماضية ، فإيران صاحبة أكبر استثمارات في تل أبيب ، وإسرائيل صاحبة أكبر استثمارات أجنبية في إيران ، وقطر هي أكبر داعم وممول للاستثمار الإسرائيلي في بناء المستوطنات ، وحماس هي أحد فرق الموساد الإسرائيلي بكل معنى الكلمات ، ولا مانع من تمثيل مشاهد عداء متكررة لسنوات وتصعيد خادع وعقوبات إعلامية ووهمية تنتهي مثلا في إيران بما يشيعون أنها أخطاء أوبامية بتوقيع الاتفاق النووي الإيراني ، وكذلك تركيا التي يمثل (قردها) دور الخليفة الحالم بمجد العثثمانيين ، وما هو إلا البهلوان الإخواني الأحمق والمستخدم لذر التراب في العيون وإلهاء العالم بحرفية عما يحدث من الإعداد لتنفيذ المراحل الختامية لمخطط السيطرة الكاملة على الشرق سواء بنشر الصراعات وتزكيتها ، أو التآمر على الدول والكيانات العربية مع الأداء المتقن للأدوار وأساليب تبادلها بين نظم الحكم العميلة والخادمة للماسونية .

ولا شك أن الحراك الأخير والذي أدى بالأزمة القطرية التميمية ليس وليد اللحظة ولا هو رد فعل غاضب أو منفعل بل هو كيان متكامل قد تم تخطيطه وتنفيذه بدقة واحترافية منذ عزل الإخواني مرسي العياط وجماعته الإرهابية العميلة ، وحتى الوصول لإجبار تنين الماسونية (أمريكا) على التضحية بأهم وأخطر عملائها في الخليج العربي (قطر موزة وتميم) ، متزامنا مع قهر الدواعش المستمر والمتصاعد في ليبيا ، وما نتج عن كل هذا من مفاجآـت ، قد قلبت موازين وحسابات السياسة الشرق الأوسطية بل والدولية ، ولعل الأهم والأخطر أن تسلسل الأحداث خلال الشهور الماضية قد أسفر عن أشد الضربات الموجعة للماسونية العالمية التي خسرت أهم مراكز إدارة العمليات العسكرية والمخابراتية المتعدد الجنسيات في (جبل الحلال) بسيناء ، وهي العملية التي سوف تظل أحد الدروس المخابراتية والعسكرية والسياسية الهامة لعقود قادمة ، بغض النظر عن نتائجها الحتمية المخططة ، خاصة السياسية والتي أدت للإعلان عن بعض المؤمرات وليس كلها ، والتي في معظم التوقعات قد تودي برؤوس النظام القطري ، وتصب في صالح الاستقرار المصري والسوري والليبي ، وفي أقل تقدير سوف تصبح درسا في منتهى القسوة لهذا التميم والكيان القطري ، وسيظل الدرس هاما لكل من يفكر أن يقترب من مصر ، ثم عبرة ودرسا كبيرا لمن ما زال الستر والصبر المصري متفضلا عليه ولم يفضح حقيقة مؤمراته ضد الكيان المصري المسالم عن قوة ، والهاديء بسيطرته على شراسة وصلابة قدراته .

 

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز