عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
طَبقات الصُوفية

طَبقات الصُوفية

بقلم : د. طه جزاع

بقي كتاب ( طَبقات الصُوفية ) لأبي عبد الرحمن السُّلَمِيّ ، ولعقودِ طويلة واحداً من أهم المراجع التي لابد أن يستند اليها أي بحثٍ جاد أو أية دراسةٍ رصينة حول تاريخ التصوف في العالم الاسلامي ، غيرَ ان هذا الكتاب لمْ يجد رواجاً حقيقياً بين الباحثين والمهتمين والقّراء إِلا بعد صدور طبعته المصرية التي حققها أحد علماء الأزهر هو الدكتور نور الدين شريبة إبن الشيخ السيد بن عوض سالم شريبة ، العمدة الأسبق للصوفية ، من بلاد مركز كفر صقر ، في مديرية الشرقية ، رحمهما الله . وقد صدرت الطبعة الأولى منه عن جماعة الأزهر للتأليف والترجمة والنشر / مكتبة الخانجي بالقاهرة العام 1953 ثم تعاقبت بعد ذلك طبعات عديدة لهذا الكتاب المهم الذي مازال يحظى بالاهتمام الكبير حتى يومنا هذا .



والسُّلَمِيّ من مواليد نيسابور سنة (325 ه 936 م ) وهي من أهم مدن خراسان الأربع (هراة ، ومرو ، وبلخ ، ونيسابور) توفي ودفن في المدينة نفسها سنة 412 ه وله العديد من المصنفات والكتب في الحديث والتفسير، لكن الذي اشتهر به هو تأليفه في التصوف ، واشتهر بأنه ( نقَّال الصوفية ، وراوي كلامهم ) ومن كتبه في هذا الميدان ( الإِخوة والأخوات من الصوفية ) و(آداب الصوفية ) و( تاريخ الصوفية ) و( رسالة في غلطات الصوفية ) و( الزهد ) و ( سلوك العارفين ) و( مناهج العارفين ) و( مقامات الأولياء ) وغيرها مما يذكره  نور الدين شريبة في مقدمة تحقيقه لكتاب ( طبقات الصوفية ) الذي قسم فيه السُّلَمِيّ المتصوفة حتى القرن الرابع الهجري الى خمس طبقات ، كل طبقة منها تضم 20 من مشايخ وأئمة التصوف باستثناء الطبقة الخامسة التي ضمت 23 منهم . تبدأ الطبقة الأولى من الفضيل بن عياض وتنتهي بأبي تراب النَّخْشبي ، وتبدأ الطبقة الثانية من أبو القاسم الجُنَيد وتنتهي بأبي عبد الله السَّجَزي ، وتبدأ الطبقة الثالثة من أبو محمد الجَرِيري وتنتهي بأبي جعفر بن سِنان ، أما الطبقة الرابعة فتبدأ من أبو بكر الشِّبْلي وتنتهي بأبي بكر بن أبي سَعْدان ، فيما تبدأ الطبقة الخامسة والأخيرة بأبي سعيد بن الأعرابي وتنتهي بأبي عبد الله محمد بن عبد الخالق الدِّينورِي .

إعتمد نور الدين شريبة على عدد من المخطوطات في تحقيق كتاب ( طبقات الصوفية ) ، منها مخطوطة خزانة برلين ، ومخطوطتي التيمورية وقوله في دار الكتب المصرية بالقاهرة ، ومخطوطتي خزانة كتب حسين جلبي وشيخ  مراد في إسطنبول، ومخطوطة المتحف البريطاني ، وغيرها من المخطوطات التي تيسر له الوصول الى اصولها  ، أو الى مصورات منها، مستكملاً بذلك جهداً كان قد قدمه المحقق بدرسن الاستاذ بجامعة كوبنهاجن الذي قام في سنة 1938 بنشر أربعين صفحة من الكتاب ( ويبدو أنه قد حالت الحوائل بين الاستاذ وبين إتمام نشر كتاب الطبقات ، فوقف إخراج الكتاب عند هذا الحد ) .

103 من مشايخ وأئمة التصوف في القرن الرابع الهجري عَرُّفنا بهم كتاب السُّلَمِيّ ، بعضهم من أعظم مشاهير التصوف في العالم كله ، أمثال ذو النون المصري ، وبِشْر الحافي ، والحارث المُحاسبي ، والسَّقَطِي ، والبِسطامي ، والجُنيد ، والحَلَّاج ، والشبلي وغيرهم ، وقد عَرفنا سيرهم وأخبارهم وأفكارهم وأقوالهم وشطحاتهم وأشعارهم كما نقلها السُّلَمِيّ بدقة في كتابه هذا الذي حققه نور الدين شريبة قبل 64 عاماً ، وبقي وسيبقى مرجعا ًأساسيأ لا غنى عنه لكل طالبٍ وباحثٍ ومريدٍ ومهتمٍ بالتصوف ورجاله وشيوخه وأئمته .

 إنها قصة كتابٍ ومحققٍ قدم خدمة جليلة ستبقى حية الى الأبد .

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز