ثورة النفس
بقلم : د. داليا مجدى عبدالغنى
كثيرُا ما يصل الإنسان مع نفسه لدرجة من الرفض والتخبط والثورة ، فيحدث بداخله انقلابًا على ذاته وعلى من حوله ، ويكون السبب في ذلك راجعًا إما إلى صحوة ضمير ، أو يقظة شجاعة ، تجعله يأبى كل تصرف خاطئ صادر منه أو من غيره ، وهنا لا يتورع عن أن يأتي بأي تصرف مهما بلغت جسامته للتعبير عن هذه الثورة ، ولكن رغم إيجابية هذه الثورة ، إلا أنها لابد وأن يكون لها إطار وحدود ؛ حتى لا تتحول إلى نظرة رافضة تشاؤمية اعتراضية على كل شيء ، فهنا لن يُؤخذ برأيه على الإطلاق ؛ لأنه سيفقد موضوعيته ، كما أنه لن يتوصل إلى حقيقة نفسه .
فالثورة النفسية لابد أن يكون الهدف منها الوصول إلى حقيقة ما بداخل الإنسان ، وذلك بالاعتراض على سلبياته ، ومحاولة إيجاد إيجابياته وتفعيلها ، أما الثورة من أجل الثورة ، فهي نوع من أنواع الهذيان الذي عادة ما يأتي قبل الاحتضار والموت ، فما معنى أن نثور ، ثم نصل إلى الصمت أو اللامبالاة ، أو الاعتراف السلبي ، فلكل شيء هدف ، وإذا لم نُحدد هدفنا من وراء ثورتنا على أنفسنا ، فلا داعي إذن من هذه الثورة .
ويا ليت كل إنسان تأتي عليه لحظة يقف فيها مع نفسه ، ويثور فيها على أخطائه ، ويُحاول أن يرى في شخصيته جانبًا آخر ، لم يكن يدركه من قبل ، فمن يفعل ذلك بلا شك ، سيُغيِّر من نفسه تدريجيًا ، حتى يصل بها إلى الدرجة التي تجعله راضيًا عن نفسه .
وما الغرابة في أن نصل إلى درجة الرضا عن النفس عن طريق الثورة ، فمن الممكن أن يُخلق الهدوء من الثورة ، فالعاصفة الترابية والأمطار والسيول هي التي تمنح الطقس الهدوء والاستقرار والدفء .
لذا ، لو كان هدوء أنفسنا ثمن الثورة عليها ، فأهلاً بثورة النفس .