عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
خلاصة الكلام في أحكام القضاء بالإعدام

خلاصة الكلام في أحكام القضاء بالإعدام

بقلم : أحمد العمدة

لسنوات طويلة تعرض القضاء المصري لحملة من الهجوم المنظم ضده , واطلقت كلمة " الشامخ " عليه لا للمدح بل للسخرية من أحكامه وقيمتها , ولا تستغرب عزيزي لقارئ فهذا ما يحدث عندما يتوارى إحترام التخصص خلف النبرة الثورية أو المشاعر العاطفية , ويُفتي الكل في كل شيء سواء أحاط به علما أم لا .



الكلام عن الأحكام يتجدد مع كل حكم صادر , وتكثر الأقاويل والإجتهادات , وما ذلك كله إلا لما أسلفناه من غيبة الإيمان بالتخصص والكيل بمكيالين فيُقبل من الأحكام ما وافق الأهواء ويرفض منها ما خالفها , وقد تجدد الكلام حول عقوبة الإعدام بعد الحكم الصادر بإعدام ستة من المتهمين بقتل حارس أحد المستشارين , حيث قضت محكمة النقض برئاسة المستشار مجدى أبو العلا بتأييد الإعدام على 6 متهمين بقتل رقيب شرطة من القوة المكلفة بتأمين منزل المستشار حسين قنديل، العضو اليمين فى محاكمة المتهم محمد مرسي، بقضية أحداث الاتحادية .

وقد شهدت هذه القضية حملة كبيرة على مواقع التواصل الإجتماعي طالبت بعضها بالعفو الرئاسي عن المتهمين , واكتفى بعضها بمحاولة دغدغة مشاعر المواطنين إستنادا إلى المستوى التعليمي العالي الذي يتمتع به المتهمين ! ولا أدري في الحقيقة كيف تخيل هؤلاء أن المستوى التعليمي يمكن أن يُستغل دليلا لنجاة متهم من عقوبة على جريمة أثبتتها له محكمة الجنايات وأكدتها محكمة النقض , لاسيما مع الضمانات التي تضمنها القانون للمحكوم عليه بهذه العقوبة  , فقد قرر القانون عددا من الضمانات المهمة للمحكوم عليه بعقوبة الإعدام تضمن أقصى درجات الحيطة الممكنة حتى لا تُنفذ هذه العقوبة الجسيمة على بريء , وهذه الضمانات تكمن في نوعين من الضمانات :

أولها ما تقرر للمتهم عموما من ضمانات عامة في القانون المصري لتحقيق محاكمة عادلة وهي بإختصار شديد ( 1- محاكمة المتهم وفقا لقاعدة المتهم بريء حتى تثبت إدانته , 2- توفير المساعدة القانونية المجانية للمتهمين , 3- علانية جلسات المحاكمة ) .

وثاني هذه الضمانات هي تلك الضمانات المقررة للحكم بعقوبة الإعدام وهذه الضمانات هي :

أولا: إصدار الأحكام بإجماع آراء المحكمة حيث لا يجوز لمحكمة الجنايات أن تصدر حكماً بالإعدام إلا بإجماع آراء أعضائها وهو ما يضمن حماية قانونية كبيرة نظرا لخطورة العقوبة وجسامتها , ولا يمكن أن يقرر جميعها حكما بالإعدام بخلاف الحقيقة التي انعقدت في ضمائرهم من خلال الأدلة .

ثانيا:  أخذ رأي مفتي الجمهورية ورغم أنه ليس إلزاميا للمحكمة إلا أنه مهم واستشارية رأى المفتي، لا تقلل من أهمية دوره، بل دائما تميل المحكمة إلى الأخذ برأى المفتي، خاصة لو جاء تقريره قائما على أسانيد شرعية واضحة.

ثالثا: عرض القضية التي تصدر فيها الحكم بالاعدام علي محكمة النقض حيث يجب علي النيابة العامة ان تعرض القضية علي محكمة النقض مشفوعة بمذكرة برايها في الحكم في ظرف 40 يوم من صدور الحكم ويستهدف الشارع بهذا النص علي أن تعرض علي المحكمة جميع الاحكام الحضورية الصادرة بعقوبة الاعدام دون ان يتوقف ذلك علي الطعن فيها من قبل أطراف الدعوي الجنائية، وعلة ذلك جسامة العقوبة المقررة والحرص علي التحقق من مطابقة النطق بها للقانون.

وهذا النص لا يقرر وحده للنيابة العامة الحق في الطعن بالنقض في هذه الاحكام , فهذا الحق تستمده من القواعد العامة، ولكنه يفرض عليها واجب عرض هذه الاحكام علي محكمة النقض، وهي تلتزم بذلك ولو كان الحكم في نظرها لا مطعن عليه .

رابعا: تصديق رئيس الجمهورية على الأحكام حيث تُعرض أحكام الإعدام النهائية لكي يصدق عليها رئيس الجمهورية أو من يفوضه، ويجوز لرئيس الجمهورية أو من يفوضه استخدام الرأفة بالعفو عن المحكوم عليه أو تخفيف العقوبة. وإذا لم يصدر قرار بالعفو أو بتخفيف الحكم، يجوز تنفيذ حكم الإعدام بعد مضي 14 يوماً.

وقد ثار سؤالا مفاده كيف يُحكم على ستة أشخاص في قتل شخص واحد في حين أن القتل يقع عادة من أحدهم ؟ وفي الحقيقة هذا السؤال ونحوه ناتج عن عدم الإحاطة بالقانون المصري حيث قرر في المادة 96 منه فيما يتعلق بالجرائم الإرهابية أن " يعاقب على الإتفاق المقترن بأعمال مادية لإرتكاب جريمة إرهابية أو إحدى الجرائم المرتبطة بها و المساعدة فيها ، حتى ولو لم تقع الجريمة بناءً على ذلك الإتفاق أو تلك المساعدة ، بذات العقوبة المقررة للجريمة التامة " .

كما أنه وطبقا للمادة 39 من قانون العقوبات المصري يعد فاعلا للجريمة أولا: من يرتكبها وحده أو مع غيره. ثانيا : من يدخل فى ارتكابها إذا كانت تتكون من جملة أعمال فيأتي عمدًا عملا من الأعمال المكونة لها.

وختاما فإنا نؤكد أن المحكمة تبذل قصارى جهدها في تحقيق الأدلة وتوفير كافة الضمانات المنصوص عليها قانونا للمتهم , ودوما ما تميل المحكمة في اتجاه الحكم بغير عقوبة الإعدام إذا راودها مجرد الشك في براءة المتهم , وليس هذا معناه إثبات الكمال لها فالكمال لله وحده والحقيقة المطلقة لا يعلمها إلا الله عزوجل , لكن لابد مع ذلك التسليم لأحكام القضاء وعدم رفضها بالأهواء والمشاعر لأنها السبيل الوحيد لإنتظام حياة الناس وحفظ بنيان المجتمع .

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز