عاجل
الثلاثاء 19 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
الزواج «المرغنطي» مع أنقرة.. وأزمة الدوحة

الزواج «المرغنطي» مع أنقرة.. وأزمة الدوحة

بقلم : محمد مصطفي أبوشامة

أوضح (فكرت أوزر) السفير التركي في العاصمة القطرية الدوحة، في مقابلة أجراها مع صحيفة «حرييت» التركية، أن أحد أسباب الأزمة بين قطر ودول الخليج يعود إلى أن الإمارات لم تستوعب نجاح قطر في الحصول على استضافة كأس العالم 2022، ورجل بهذه العقلية يجب أن تجاريَه بالكلمة التركية الشهيرة: «عفارم.. عفارم»، على أن تردِّدَ بعدها المقطع التالي من قصيدة عمنا الراحل صلاح جاهين: «تركي بجم.. سِكِر أنسجم/ لاظ شقلباظ.. إتغاظ هجم/ أمان أمان.. تركي بجم».



ويهيم الأتراك من أمثال الدبلوماسي «المبجل» في ضلالات «أردوغانية»، جعلت سلطانهم الحائر (رجب) يهروِل مرعوبًا لنصرة قطره ودوحته وشريكه الغشيم.. تميم، مدفوعاً من جماعته الإخوانية، كما أشارت صحيفة سعودية في خبر نشرته قبل أسبوع تحت عنوان «مخطط إخواني مشبوه برعاية تركية لدعم قطر»، وجاء نصه كالتالي: «علمت (عكاظ) أنه في أول رد فعل لتنظيم الإخوان الإرهابي على قرار قطع السعودية ومصر والبحرين والإمارات وعدد من الدول العربية والإسلامية علاقاتها مع قطر، فقد اجتمعت قيادات التنظيم الدولي لـ(الإخوان) في تركيا بحضور شخصيات كبيرة في الحكومة التركية، واتفقوا على استمرار دعم التنظيم والعمل على مساندة الحكومة القطرية والشيخ تميم بن حمد آل ثاني، ومواصلة السياسات التحريضية ضد مصر. كما علمت (عكاظ) من مصادر مطلعة أن أوامر صدرت لعناصر التنظيم الموجودة في قطر بسرعة مغادرة الأراضي القطرية والتوجه إلى السودان وتركيا وبريطانيا وماليزيا لتخفيض الضغوط على قطر».

لا شك أن الأزمة القطرية التي وصلت إلى ذُروَتِها بقرار المقاطعة ستعيد تشكيل المنطقة من جديد، خصوصاً مع وصول دول الخليج، وفي مقدمتهم السعودية إلى يأس واضح من السلوك القطري، وهو ما أوضحه الكاتب السعودي عبد الرحمن الراشد في مقال نُشِر له أخيراً بصحيفة «الشرق الأوسط» بعنوان «لحل أزمة قطر: خياران فقط»، حيث قال: «السؤال: كيف يمكن حل المشكلة وكيف ستستطيع قطر الخروج من الورطة؟، هي تريد تكرار أسلوبها القديم بإدخال وسطاء وتقديم تعهدات، وربما تغيير طريقة عملها ثم الاستمرار في محاولاتها إسقاط أو إثارة الفتن ضد أنظمة هذه الدول الأربع». ويختتم الراشد مقاله قائلاً بحسم: «أمام الدوحة حل يقوم على أحد خيارين، إما التنازل الكامل لمطالب الدول الأربع أو العيش في عزلة عن محيطها».

وللأسف، فإن الواقع يؤكد أن قطر وجدَتْ طريقًا ثالثًا، مما يعني خطأ تقدير الراشد ومِن خلفِه الإدارة السعودية التي يعَبِّر عنها، وقد أوحى لها بهذا الطريق «الليونة» الأميركية في التعامل مع الأزمة، أو كما وصفت وكالة الصحافة الفرنسية (AFP) في تقرير لها بعنوان «واشنطن تبقي على علاقتها المميزة مع قطر رغم أزمة الخليج»، وجاء فيه: «على الرغم من الانتقادات التي وجهها الرئيس الأميركي دونالد ترمب إلى قطر، ترسل واشنطن إشارات تثبت أنها لن تتخلى عن الإمارة الصغيرة، في وقت تتواصل فيه الجهود الدبلوماسية المكثفة لإيجاد حل لأزمة الخليج».

فقد وقّع وزير الدفاع الأميركي جيمس ماتيس ونظيره القطري خالد العطية قبل أيام اتفاقًا تشتري بموجبه قطر مقاتلات «إف - 15» الأميركية مقابل 12 مليار دولار، وقالت وزارة الدفاع الأميركية في بيان لها إن هذه الصفقة «ستمنح قطر تكنولوجيا متطورة وتعزِّز التعاون الأمني»، ومن المعروف حجم التعاون العسكري الوثيق بين قطر وأميركا التي تملك قاعدةً عسكريةً ضخمة في «العديد» تضم نحو عشرة آلاف جندي أميركي.

وأهم ما جاء في البيان هو أن وزارة الدفاع الأميركية ترى «ضرورة خفض حدة التوتر كي تتمكن كل الأطراف في الخليج من التركيز على الخطوات المقبلة لبلوغ أهدافها المشتركة».

وتقود تركيا جهودًا دبلوماسِيَّة جبارة لحلِّ الأزمة، فقد ترسَّخ لدى إردوغان قناعة بأنه لا بديل عن موقف قوي لمساندة قطر، مضحيًا بعلاقته المتميزة مع السعودية، وهذا ما أكدَتْه سرعة تصديق البرلمان التركي على قرار إرسال قوات عسكرية إلى قطر، وهو القرار الذي كشف الشعور التركي بالقلق من ترقُّب مصيرٍ مشابِه لقطر، لأن كل مبررات الدول الخليجية الثلاث ومعها مصر لإدانة الدوحة، يمكن أن تنطبق أيضاً على أنقرة، خصوصاً بعد أن أصبحت هي المركز الرئيسي لتنظيم الإخوان المسلمين، والعاصمة المرشحة للخلافة الإسلامية، الحلم المشترك بين إردوغان و«الإخوان»، الذي دفعهما إلى «قِرَان» أبديٍّ عَقَدَاه دون شهود.

وكما كشفنا في مقال سابق المزاج الإخواني في صكِّ علاقات المصالح مع الدول برابطة الزواج، فكان «مسياراً» مع الإنجليز، وصار «متعةً» مع دوحة تميم، فإن خلافاً ما قد حدث عند تصنيف الزواج الإخواني التركي، حتى هدانا الله إلى صِنْف مستغرب علينا في الشرق، لأن أصله غربيّ أوروبي، وهو الزواج المرغنطي (Morganatic marriage)، الذي عُرِف في بعض الملكيات الأوروبية القديمة، وهو زواج بين اثنين من رتبتين اجتماعيتين غير متكافئتين، مثل زواج رجل من طبقة راقيةٍ بامرأة في حالٍ أدنى، مما يمنع مرور ألقاب وامتيازات وممتلكات الزوج إلى الزوجة وأي أبناء يولَدُون من هذا الزواج، ويُعرَف بالزواج الأعسر، لأنه في حفل الزفاف يُمسِك العريس يد عروسه اليمنى بيده اليسرى بدلاً من يمناه، على طريقة «إمضي يا اشول» التي ابتدعها الزعيم عادل إمام في فيلمه الشهير «سلام يا صاحبي»، وفي قول أوضح هو «زواج شمال».

والله أعلم.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز