عاجل
الخميس 25 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
.. وسقطت دولة "الخرافة"..! (1)

.. وسقطت دولة "الخرافة"..! (1)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

بدأت حركات الإسلام السياسى بمفهومها الحديث فى أعقاب انهيار الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى وقيام مصطفى كمال أتاتورك بتأسيس جمهورية تركيا على النمط اﻷوروبى وإلغائه لمفهوم الخلافة الإسلامية فى الثالث من مارس ١٩٢٤، وتعطيل العمل بالشريعة الإسلامية، وقيامه أيضًا بحملة تصفية ضد كثير من الرموز الدينية، ويرى رفعت السعيد أن قيام أتاتورك بإنهاء الخلافة ترك بصمات بالغة الأهمية فى مصر، وعلى مفكريها وسياسييها، فبعد أربعة أيام فقط من قرار أتاتورك بإلغاء الخلافة اجتمع بعض علماء الأزهر وأصدروا بيانًا أعلنوا فيه بطلان ما قام به الكماليون - نسبة إلى كمال أتاتورك - لأن الخليفة قد بويع من المسلمين ولا يمكن خلعه.



لكن موقع الخليفة الشاغر أسال لُعَابَ كثيرٍ من الحكام المسلمين، كل منهم ينشد المنصب لنفسه، ومن أمثلة هؤلاء الحكام الملك أمان الله ملك الأفغان، والملك حسين بن على ملك الحجاز، وكان هنا أيضًا الملك فؤاد الأول ملك مصر الذى تحصن بالثقل الحضارى والثقافى لمصر وبأزهرها الشريف وسارع بالمطالبة بالخلافة، وهنا تغير موقف بعض شيوخ الأزهر فنسوا بيعة الخليفة المخلوع واهتموا بطموحات الملك فؤاد، وقرروا دعوة ممثلى جميع الأمم الإسلامية إلى مؤتمر يُعقد فى القاهرة برئاسة شيخ الأزهر، للبحث فيمن يجب أن تُسند إليه الخلافة، وحددوا شهر شعبان من العام التالى لانعقاده، ودارت عجلة الإعداد لهذا المؤتمر مستمدة حماسها من حماس الملك فؤاد وشغفه بأن يكون خليفةً للمسلمين.

وفى ربيع أول ١٣٤٣ - أكتوبر ١٩٢٤ صدرت نشرة سُميت «المؤتمر»، وأعلن أصحابها أن الهدف منها الدعوة لحضور المؤتمر وإنجاحه وتحديد أهدافه، وفى صدر العدد الأول من هذه النشرة نُشر مقالٌ للشيخ رشيد رضا يؤكد ضرورة عقد المؤتمر لأنه «أول مؤتمر إسلامى عام يشترك فيه علماء الدين والدنيا من كل الأمم الإسلامية، خاصةً أن مهمته وضع قواعد للحكومة الإسلامية المدنية التى يظهر فيها عُلو التشريع الإسلامى واختيار خليفة وإمام للمسلمين»، لكن قوى عديدة تكاتفت لإفشال هذا المؤتمر، فالملوك تنافسوا على موقع الخليفة، والدول التى كنت تحكمها الخلافة تسارعت إلى إعلان قيام كِيانات وطنية، والقوى الاستعمارية سيطرت على عديدٍ منها، وكان هناك فى مصر رئيس وزراء شديد العداء للفكرة هو سعد زغلول، أما حلفاء الملك فؤاد فى حزب الأحرار الدستوريين فقد كانوا بسبب موقفهم الليبرالى خصومًا للفكرة، وكتبت جريدتهم (السياسة) «أن الدستور ينص على أنه لا يجوز لملك أن يتولى مع مُلك مصر أمورَ دولةٍ أخرى بغيرِ رضا البرلمان، ومن ثم يتعين ترك بحث هذه المسألة للسياسيين، وأن يَعْدِلَ علماءُ الأزهر عن دعوتهم لهذا المؤتمر».

وفى صحيفة «السياسة» لسان حال حزب «الأحرار الدستوريين» كتب الشيخ على عبدالرازق الذى كان ينتمى للحزب نفسه مقالاً كشف فيه كل أوراق اللعبة، مؤكدًا «أن الحماس للخلافة ليس حماسًا للإسلام، وإنما مساندة لمطامع الملك فؤاد»، كذلك شنت الصحفُ الوفدية حملاتٍ ضارية على المؤتمر وعلى فكرة الخلافة ذاتها، وكان انعقاد المؤتمر فى ١٣ مايو ١٩٢٦ إشهارًا لوفاته. 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز