د. حماد عبدالله
كلنا نحتاج إلى العطف!!
بقلم : د. حماد عبدالله
كعادتى منذ فترة أكتب إليكم كل يوم جمعة مقالى عن بعض ماهو خاص بى وبعض مما حصلت عليه من قراءاتى فى كتب لبعض الفلاسفة ، ورؤيتهم للحياة ، وهذا بعض منى وبعض منهم .
" قلب الإنسان كبير جداً لا يملأه شىء ..وهش جداً يكسره أخف شىء.. " جوته ".
الكل صغار أمام مشاكلهم ، وأمام الألم والوحدة وإفتقار العطف والتقدير ، والكل صغار أمام المرض والخوف من المجهول ومن تساقط أوراق العمر .. الكل صغار أمام الهموم والأحزان ومن ضياع بهجة العمر ، وضياع الشباب وفقدان الأحبه والمال .
تلك الحقيقة تدعونا أن نحسن الظن بقوه الأخرين وألا نقسوا عليهم ، وأن نتلمس الطريق للتخفيف عنهم لأنهم مهما بدا لنا إدعاؤهم للقوة فهم ضعفاء ولا يستحقون منا إلا العطف .
كان الفنان الأسبانى العظيم " بيكاسو " فى سنواتة الأخيرة ينهض من نومه ثم ينفجر فى البكاء قائلاً لزوجته أنه يحس بأنه أنتهى كفنان ، فتأخذ رأسه إلى صدرها وتغمره بحنانها وتؤكد له بعطف الأمهات أنه سوف يرسم أروع مما رسمه طوال حياته ، " إن كل الجنس البشرى يتلهف على العطف " .. " أرثر جينتس ".
مررت بظرف قاسى لا يعلم مداه إلا الله ، وضاقت بى الدنيا ولم أترك أحداً ممكن أعرفهم إلا وطلبت منه أن يدعولى عسى الله ان يزيح همى ، وقد وقف بجانبى فى هذه الأزمه صديقى الدكتور "هانى سرى الدين" ، ورغم تواجده فى هذا الوقت خارج البلاد ، حيث مقر عمله ، إلا أنه لا يذهب إلى سريره كل ليله قبل أن يحادثنى ويفتح معى مجالاً للخروج من هذه الأزمة القانونية ، وكان خير معين ، وبينما كنت أسير فى أحد الأيام فإذا بفتاه شبة عارية على قارعة الطريق ، فى وضع سىء للغاية ، فأنكسر قلبى لحالها ، وإقتربت منها ناسياً عمرى ووقارى ، وسألتها إن كان بالإمكان مساعدتها وعمل شىء ما لأجلها فلم تستجب لى ، وإستمرت باكية فى صمت ، .. ثم قالت لن تقدر على مساعدتى ، فقلت لها دعينى أحاول ، فقالت ، إننى جائعة ، فأخذتها إلى مطعم قريب ، فأكلت بنهم شديد كما لو أنها لم تأكل منذ يومين ، ولما أكملت طعامها ، سألتها ثانية أن كان بإمكانى عمل شىء ما لأجلها فقالت : لقد فعلت ، فقد كنت جائعة وخائفة من الناس ، والأن قد شبعت وأشعر بالأمان ، فودعتها متمنياً لها السعادة ، فأمسكت بيدى وقالت : ألا تريد ثمناً لذلك " فأنا عاهره " ولا أملك إلا جسدى !!، فقلت لها سأطلب منك شيئاً أخر ، أريدك أن تدعوا لى عسى الله يفرج همى ، فقالت وكيف يستجيب الله لى وأنا غارقه فى الذنوب ؟ فقلت لها : أنت كسيرة القلب والله يستجيب لأولئك المكسورة قلوبهم ، ثم ودعتها فذهبت وفى طريقى ، وبعد أيام أحسست بأن غمامه الهم بدأت تنجلى من قلبى شيئاً فشيئاً ، ومن خلال مكالمة تليفونية غير متوقعة من الدكتور "فتحى سرور" رئيس مجلس الشعب الأسبق ، يطمأننى على مشكلتى القانونية ، والتى لم أكن قد لجأت له فى حلها ، وإذ عَلِمَ بها من صديقى الدكتور"ابراهيم فوزى" ، وإذ بتدخل يعطينى حقى ، مع إعتذار عما قد تم معى من إجراءات ماكنت أستحقها ، ولا الموقف نفسه يحق أن يعامل بمثل هذه الإجراءات ، ولكن كان فى خلفية هذه الأمور ، كذب وإفتراء ، وتصفية حسابات من شخص إنتهى عمره الإفتراضى، ووظيفته التى إستغلها أسوء إستغلال ضد معارضيه ، وهنا أتساءل مع نفسى متعجباً كيف أن الله قد أستجاب بتلك السرعة لدعاء هذه الفتاة.
" عندما تنتابك الهموم .. مد يد العطف والمساعدة إلى الناس "
"وأنظر إلى قلبك كيف تتلاشى منه الهموم " مهدى الموسوى " .