عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
عفوًا فضيلة الإمام!
بقلم
محمد نجم

عفوًا فضيلة الإمام!

بقلم : محمد نجم

أنا من محبى د. أحمد الطيب، وأعتبر نفسى من مريدى صوفيته وسماحته الجميلة، وخاصة بعد أن التقيته أكثر من مرة فى مكتبه بالمشيخة، والذى يعد امتدادًا لساحة العائلة بمدينة الأقصر واكتشفت أنه واسع المعرفة وعميـق الثقافة بسبب نهمه للقراءة والمتابعة لكــل مـــا ينشر حيث يجيد أكثر من لغة أجنبية.



وكثيرًا ما تدخل فضيلة الإمام من خلال اجتماعات بيت العائلة أو من خلال بيانات واضحة تحمل وجهة نظر الأزهر الشريف، فى إطفاء العديد من “الحرائق” التى شهدها المجتمع بعد 25 يناير 2011.

ولكن من المؤسف أنه كلما ألمت بالوطن حادثة، يسارع البعض بتحميـــل المشيخــــة مسئوليتهــا بحجة أن الأزهر لم يقم بما يجب عليه القيام به لتنقية التراث وتجديد الخطاب الدينى لحماية المجتمع من الشاذين فى الفكر والعقيدة.

ونحن المصريين نكن احترامًا وتقديرًا كبيرًا للأزهر الشريف وشيخه.. فضيلة الإمام الأكبر.

وقد قام المجتمع بالدفاع عن الأزهر ورموزه عندما تعرض فى الشهور القليلة الماضية لهجوم غير مبرر من قبل بعض الباحثين عن الشهرة السريعة أو من بعض «الصبية» الباحثين الذين لم ينضجوا بعد.. حيث إن علوم القرآن والسنة والتراث الدينى عمومًا.. بحرها أوسع وأعمق مما يتخيلون!

ومن ثم.. وبعد مرور أكثر من عامين على بدء المهمة التى كُلف بها الأزهر، كنت أتوقع أن تعلن المشيخة فى بيان تفصيلى عما تم فى هذا المجال، سواء بحذف بعض المناهج المقررة على طلبة الأزهر، أو إخضاع «الدعاة» لدورات تدريبية تثقيفية حول مفهوم ومضمون الخطاب الدينى الجديد الذى يمنع التمييز ولا يحض على كراهية الآخر، ويشرح للناس مبادئ وقواعد وسطية الأزهر فى القيام بالعبادات الواجبة، وأيضًا يشرح للجميع القواعد الدينية الصحيحة فى إتمام المعاملات اليومية فيما بينهم.

بمعنى آخر.. كنت أتوقع من المشيخة بيانًا بعدد اللجان التى شكلت لهذا الغرض وماذا أنجزت وإلى أى مجال وصلت، وما هى الموضوعات التى روجعت وكيف تمت المعالجة؟.

أقول ذلك.. وأنا أعلم - بسبب متابعتى - الجهد الكبير الذى يبذله الأزهر فى مخاطبة الخارج وتصحيح المفاهيم المغلوطة لدى البعض منهم عن الإسلام والمسلمين، وخاصة فيما يتعلق بتهمة الإرهاب، وذلك من خلال «مرصد الأزهر» والذى يعمل به مجموعة من الشباب المثقف المتحمس الذى يجيد لغات أجنبية مختلفة.

ولكن مازالت عملية مراجعة المناهج فى المعاهد والكليات الأزهرية بعيدة عن متابعة تفاصيلها وكأنها عمليات سرية!

كما أننا مازلنا نفتقد الحشد المشترك لدعاة الأزهر ودعاة الأوقاف لتوفير ما يسمى «بالزخم الدعوى» الذى يمتد لجميع المواطنين فى كل أنحاء الجمهورية.

نعم كنت أتوقع ما تقدم من المشيخة وإمامها الطيب الذى يحظى بحب واحترام المصريين جميعًا.

 ولكننى ألاحظ أن بعض مستشارى الإمام يدخلونه فى العديد من الأمور البعيدة نسبيًا عن الواجبات الأساسية والمهمات الضرورية لأزهرنا الشريف، مما يجلب الانتقاد لدور المشيخة والهجوم المتسرع لرمزها الطيب.

وفى رأيى أنه كان أولى بهؤلاء المستشارين مراجعة القوانين المنظمة لعمل الأزهر وجميع القطاعات التابعة له سواء فى مجال التعليم أو فى مجال الدعوة وتحديثها وجعلها تتواكب مع ما شهده المجتمع من تطورات أو متغيرات جديدة.

وبدلًا من أن يفعلوا ذلك نجدهم مشغولين بأمور أخرى لا يقع الاختصاص فيها عليهم وحدهم! وهم أكثر من يعلمون.. أهمية «فقه» الأولويات والأكثر ضرورة للبدء به، والأشد ضررًا لإزالته.

نعم.. أعلم أنه من حق كل مواطن أو جهة ما أن تتقدم باقتراحات لمشروعات قوانين جديدة أو تعديلات على قوانين قائمة، ترى من وجهة نظرها أهميتها لضبط أداء المجتمع فى المجال محل الاقتراح بالتشريع الجديد، ذلك مع العلم أن كل ما يقدم يظل مجرد «اقتراح» لحين أن تتولاه الجهات المختصة بالمناقشة وإصدار التشريعات.. وأعنى بها البرلمان.

 

والآن ماذا قدم مستشارو المشيخة؟، لقد اجتهدوا فى تقديم مشروع قانون جديد لمكافحة الكراهية فى المجتمع المصرى، وأعتقد أنهم يعلمون تمامًا أن هناك قانونًا صدر من قبل يمنع ازدراء الأديان السماوية. وموضوعه ونصوصه ليست بعيدة عما اقترحوه.

وأعتقد أيضًا أنهم يعلمون أن الدستور المصرى نص فى مادته الثالثة والخمسين على أن «التمييز والحض على الكراهية جريمة، يعاقب عليها القانون، وألزم الدولة باتخاذ التدابير اللازمة للقضاء على كل أشكال التمييز، من خلال إنشاء مفوضية مستقلة لهذا الغرض.

وذلك بعد أن أقر الدستور فى صدر المادة ذاتها أن: «المواطنون لدى القانون سواء، وهم متساوون فى الحقوق والحريات والواجبات العامة، لا تمييز بينهم بسبب الدين، أو العقيدة، أو الجنس، أوالأصل، أو العرق، أو اللون، أو اللغة، أو الإعاقة، أو المستوى الاجتماعى، أو الانتماء السياسى أو الجغرافى، أو لأى شىء.

وأعتقد أن الدستور لم يترك أى أمر من الأمور المسببة للكراهية إلا وحصرها، بمعنى أن: مكافحة التمييز وإزالة أسبابه هى الأصل وأن مكافحة الكراهية ما هى إلا مجرد فرع من الأصل.

ومن ثم فالأولى إصدار قانون شامل لمكافحة التمييز وإنشاء مفوضية مستقلة لمتابعة تطبيقه والإبلاغ عن المخالفين لنصوصه، حيث تتم التحقيقات من الجهات المختصة، ويحاكمون أمام قاضيهم الطبيعى.

 

مرة أخرى.. أنا من محبى الشيخ الطيب فضيلة الإمام الأكبر، وكتبت ما تقدم من منطلق حبى لشخصه واحترامى وتقديرى لمنصبه، ومازلت أناشده بتوجيه مستشاريه للتركيز على المهمة الأساسية للأزهر الشريف - فى هذا التوقيت - وهى تنقية التراث الدينى مما علق به على مر السنين من آراء متشددة أو فتاوى جامحة أو تفسيرات شاذة غير مقبولة وغير عملية، أو لم تعد الظروف تسمح بتطبيقها.

حفظ الله مصر وأعان أزهرها الشريف

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز