عاجل
الجمعة 19 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
.. وسقطت دولة "الخرافة"..! (2)

.. وسقطت دولة "الخرافة"..! (2)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

لم تزل حتى عصرنا الحديث تستخدم فكرة الخلافة، برغم إصرار كبار الفقهاء على رفض الفكرة وعلى رأسهم فى العصر الحديث الإمام محمد عبده الذى قال «إن الإيمان بالله يرفع الخضوع والاستعباد للرؤساء الذين استذلوا البشر بالسلطة الدينية، وهى دعوى القداسة والوساطة عند الله، دعوى التشريع والقول على الله بدون إذن الله، فالمؤمن لا يرضى أن يكون عبدًا لبشرٍ مثله»، ومع ذلك وحتى بعد أن اختفت دولة الخلافة العثمانية ظل موضوع الخلافة محل جدل، بل وحاول البعض إقامتها تبعًا لذات الفكرة التى أوحت لحاكم مدينة صغيرة أن يسمى نفسه أميرًا للمؤمنين.



وكان نشوء حركة القومية العربية على يد القوميين العرب وجمال عبدالناصر وحزب البعث العربى الاشتراكى، حيث كان الانتماء للقومية العربية وليس الانتماء لدين الإسلام هو المحور المركزى لهذا التيار، وبدأت تدريجيًا نشوء دول عربية وإسلامية مستقلة يظهر فيها تفاوت فى مدى تطبيق الشريعة الإسلامية فى رسم سياسة الدولة، وكان المنحى العام فى تلك الفترة هو نحو العلمانية، ولم يكن هذا المنحى مقبولاً لدى عديد من مواطنى الدول العربية، وتم استعمال القوة فى نشر الأفكار القومية العربية والعلمانية فى بعض الدول مثل مصر فى عهد جمال عبدالناصر والعراق فى عهد حكم حزب البعث.

ولعلنا نذكر محاولة «صالح سرية» للاستيلاء على السلطة فى مصر ببضعة طلاب من الكلية الفنية العسكرية، حيث لقن هؤلاء الطلاب فى كتابه المسمى «رسالة الإيمان» أن التآمر القومى والوطنى مع الاستعمار الغربى والماسونية قد حطم الخلافة العثمانية، وسار فى ركابه أيضًا «شكرى مصطفى» الذى تزعم تنظيم «التكفير والهجرة»، وبعد محاولة اغتيال الرئيس جمال عبدالناصر سنة ١٩٥٤، طالب زعيم الإخوان المسلمين سيد قطب بإزاحة جمال عبدالناصر كقائد قومى عربى ونعته بالمرتد، وأدى هذا إلى حملة قمع للحركة من قبل النظام، وبعد إعدام قطب سنة ١٩٦٦، انقسم الإخوان حول تفسير أفكاره التى لخصها على الأخص فى كتابة «معالم فى الطريق»، حيث تبنت القيادة التقليدية الجهاد السلمى، وانفصل المتشددون المتطرفون وشنوا جهادًا عنيفًا لخلع الحكام المرتدين بنظرهم.

لكن وهم الخلافة يبقى، بل ويتحقق لأمير آخر فى أفغانستان هو «الملا عمر» ثم ينتقل إلى طامع آخر فى لقب الخليفة هو أبو بكر البغدادى زعيم إرهابيى تنظيم داعش، وتمثل جماعة الإخوان أحد أهم القوى المعاصرة التى تنادى بفكرة الخلافة وضرورة بعثها، وقد أقامت تنظيمًا دوليًا على نمط الخلافة المنشودة كان يهدف إلى إعادة الخلافة الإسلامية إلى العثمانيين بتولية رجب طيب أردوغان خلافة المسلمين، وهو الوهم الضائع الذى هوى بأردوغان والدولة التركية فى أغوار سحيقة لا قاعَ لها.. لتبقى تركيا دولة بلا هوية.. فلا أتاتورك استطاع أن يجعلها دولة أوروبية تأخذ بالحداثة، ولا استطاع أردوغان أن يجعلها دولةً إسلامية بأن يُعيد إليها الخِلافةَ.

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز