عاجل
الأربعاء 24 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
أزمة «الإويغور» والتضليل الإعلامي

أزمة «الإويغور» والتضليل الإعلامي

بقلم : محمد مصطفي أبوشامة

إذا كنتَ لا تعرف شيئًا عن «التركستان» وحضارتهم، أنصحك ببذل بعض الجهد على محرك البحث العالمي «google» فستعرف ما يدهشك، وقد تستفيد أكثر إذا استثمرتَ جلستك البحثية في معرفة «الإويغور» فهم يشكلون واحدة من 56 عرقية في جمهورية الصين الشعبية، ويتركزون في منطقة تركستان الشرقية (شينجيانغ) على مساحة تعادل (سُدس) مساحة الصين، ويدينون بالإسلام.



وربما تتنبه في بحثك إلى ظهور أخبار حديثة تربط بين «الإويغور» ومنظمة «هيومن رايتس ووتش» الحقوقية الدولية من جهة، ومؤسستنا العريقة.. الأزهر الشريف، من جهة أخرى، في علاقة مثيرة تستحق مزيد من البحث. وإذا تتبعت قصة هذا الارتباط، فستجد تقارير إعلامية كثيرة معظمها ينتسب لـ«المال القطري» و«الهوى الإخواني»، تصرخ برومانسية مزعومة وتدافع عمن ادَّعَت أنهم طلاب «الإويغور» الذين جاءوا ليدرسوا في الأزهر وقُبِض عليهم بواسطة الشرطة المصرية بدعوى ترحيلهم إلى دولة الصين، التي تطارد أبناء هذه الحضارة التركستانية في كل مكان، وتمارس عليهم أبشع أنواع القهر والتعذيب داخل وخارج بلادهم.

ورغم النفي الأمني المصري، الذي تناقلته بعض وسائل الإعلام، والذي نُسِب إلى مصدر أمني، وجاء فيه أنه «لا صحة لما أُثِير حول استهداف الإويغور من الصينيين المقيمين بالقاهرة، والأمر لا يتعدى كونه مراجعة دورية للإقامة»، إلا أن الأزمة تتصاعد إعلاميا وعلى وسائل التواصل الاجتماعي.

ومن تركيا، مركز الفتنة والتضليل في العالم، يتزايد أعداد طلاب الأزهر من الإويغور المقبوض عليهم، ومنها انتقلت هذه الأرقام المغلوطة عبر وسائل إعلام دولية يفترض فيها المهنية، مثل BBC وروسيا اليوم وغيرهما، دمجت بين تقرير مخادع لـ«هيومن رايتس وتش» وهلوسات لناشط إويغوري مقيم في تركيا، وأصبح عدد المقبوض عليهم بالمئات، رغم نفي تصريحات إعلامية للدكتور محمد مهنا لهذه الأعداد ووَصْفِها بالمضللة، وقد أوضح مستشار شيخ الأزهر أن الإمام الأكبر يتابع بنفسه الموقف مع الجهات المختصة، وأكد أن عدد الطلاب الصينيين (الإويغور) المقبوض عليهم ثلاثة فقط، وشدد مهنا على أنه من حق الجهات المعنية التأكد من سلامة موقف المقيمين من مختلف الجنسيات على الأراضي المصرية.

ولأن القضية ملتبَسَة كان يلزمها تحرِّي الدقة عند التعامل الإعلامي معها، لهذا لم أفهم أن تنشر صحيفة بحجم «الحياة» السعودية خبرًا نقلته عن وكالة «رويترز» يصوِّر عملية القبض على الإويغوريين في القاهرة، كأنها صفقة مشبوهة بين السلطات المصرية والصينية في إطار تعاونهما الأمني التآمري، وأفرط الخبر في تصوير معاناة المسلمين في تركستان الشرقية جنوب الصين (وهو أمر ربما يكون صحيحًا)، وأغفل جانبًا شديد الخطورة في القصة، وهو تفشِّي التطرف الديني بين أقلية الإويغور المسلمة (للأسف)، لحد وجود 5000 منهم بين صفوف «داعش» يقاتلون في سوريا والعراق، وهو ما يثير قلقًا كبيرًا لدى الصينيين، وأدعى أن يثير قلقًا أكبر في مصر، لا سيما عندما تعلم السلطات المصرية أن عددًا كبيرًا من الإويغوريين في القاهرة لا يحملون جوازات سفر سارية، لعدم تعاون سفارة الصين معهم، وذلك بحسب ما أكده آدم يونس رئيس برلمان الطلاب الوافدين بالأزهر الشريف لموقع «مصراوي» الإلكتروني قبل أيام.

لا شكّ أن كرامة وحرية أي طلاب «مبتَعَث» جاء يطلب العلم من الأزهر قضية لا تحتمل التفريط، لكن أمن مصر التي تكتوي بلهيب الإرهاب هو أيضًا قضية لا تحتمل التشكيك.

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز