عاجل
السبت 20 أبريل 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
.. وسقطت دولة "الخرافة"..! (3)

.. وسقطت دولة "الخرافة"..! (3)

بقلم : د. شريف درويش اللبان

 



 

كان الظهور الأول للجهاز الإعلامي لتنظيم "داعش" بصورة واضحة عبر مواقع التواصل الاجتماعي عام 2012 ، وقد قام هذا التنظيم على أنقاض تنظيم "التوحيد والجهاد" بعد مقتل أبي مصعب الزرقاوي عام 2006 وصعود عواد البدري المكنّى بالبغدادي عام 2010.

ويعتمد تنظيم “داعش” كثيراً على الإعلام ويسميه بـ "بالجهاد الإعلامي” في معركته مثل بقية انواع “الجهاد” المتعددة، ويكثّف حملاته الإعلامية، التي فاقت تنظيم "القاعدة" وغيره من التنظيمات “الجهادية”، بكفاءة الإعلام وسرعة إيصال الرسائل ونوعية خطابه الإعلامي باستخدام التقنية الحديثة، برغم أنه يطلب من مجتمعاته العودة إلى الحياة الإسلامية في زمن الإسلام.

وكان تنظيم “داعش” يمتلك الإمكانات المالية باعتباره واحداً من أغنى التنظيمات "الجهادية"؛ إذ يمتلك بالإضافة إلى خبرات فنية عملت على توسعه أفقياً ورأسياً وانضمام أعداد من المقاتلين الأجانب له وارتباطاته المشبوهة مع مصادر التمويل والدعم والذي مكنه من الاستفادة واستقطاب مقاتلين جدد وتضليل الرأي العام، حتى تحول ذلك الى “سياحة جهادية” تشمل الزواج وسفرات سياحية وغيرها من الأنشطة.

ورغم وحشية وشراسة التنظيم وصرامته، فهو يلبّي حاجات مقاتليه بشرط الطاعة. وكان التنظيم يستخدم موقع "الفرقان" علاوةً على شبكات التواصل الاجتماعي، لكن اهتمام الإعلام بأنشطة وتفاصيل هذا التنظيم وسع من انتشاره، خاصة في دول أوربا والغرب. وخلال العاميْن الاخيريْن حقق التنظيم قفزةً إعلامية من خلال سجاله مع "تنظيم القاعدة" بسبب خروج "جبهة النُصرة" من تنظيم البغدادي ومبايعة الظواهري، وانتهت بإعلان "تنظيم القاعدة المركزي" في رسالة مطبوعة على موقع "القاعدة" براءة "القاعدة" من البغدادي في فبراير 2014.

ويأتي قرار التنظيم المركزي في اعقاب رسالة منظر التيار السلفي الجهادي عصام البرقاوي الشهير بأبي محمد المقدسي من داخل سجنه في الأردن في منتصف شهر فبراير 2014 التي تضمنت انتقادات شديدة ومباشرة لتنظيم داعش.

وتتمثل خطورة تنظيم داعش في أن معظم مقاتليه من الشباب الذين ولدوا في عصر الكمبيوتر والإنترنت وشبكات التواصل الاجتماعي، ويجيدون التعامل مع هذه الأدوات، وخاصةً أن بعضهم من مسلمي أوربا والمهمشين فيها، والذين يريدون تقويض الحضارة الغربية بأدواتها التكنولوجية نفسها.

إننا أمام جيل جديد من الإرهابيين الذين يتسترون تحت عباءة الإسلام، وإذا صح التعبير فنحن أمام ظاهرة الإرهاب في عصر مابعد الحداثة، الذي لم يعد يعتمد على الأساليب التقليدية في الحشد والتجنيد وجذب المتعاطفين؛ مثل تلك الحناجر التي كانت تجأر لمناصرة المشروع الإسلامي على منابر المساجد وفي المليونيات القندهارية، وفيديوهات الجزيرة مباشر من تورا بورا بجبال وكهوف أفغانستان، حيث كان يقيم أسامة بن لادن ورفيقه محمد الظواهري وقبيلُهما.       

واستطاع تنظيم «داعش» خلال فترة وجيزة جذب وتجنيد بعض العناصر الشبابية للانضمام إليه في كل من العراق وسوريا، ليس فقط من بعض الدول العربية، وإنما أيضا من بعض الدول الآسيوية والأوربية، وهو ما أثار تساؤلات عديدة حول أسباب انجذاب بعض الشباب إلى التنظيم، إذ لم تعد تلك النوعية من التنظيمات تعتمد على استغلال الظروف الاقتصادية، والمشكلات الاجتماعية، وتدني مستوى التعليم لضم أعضاء جدد إليها فحسب، بل إنها طورت آليات جديدة لتحقيق ذلك، بشكل ربما يفرض تحديات ليست هينة أمام الدول التي ينضم بعض مواطنيها إلى هذه التنظيمات، خاصة بعد عودتهم المحتملة إليها من جديد.

ويمكن القول إن تنظيم «داعش»، الذي يعتبر حديث النشأة نسبياً، استفاد بشكل كبير ليس فقط من التطورات التكنولوجية الهائلة التي شهدها العالم في السنوات الأخيرة، وإنما أيضًا من أخطاء التنظيمات الجهادية الأخرى، وهو ما ساعده في تطوير استراتيجيات تجنيد وحشد طالت الفئات الشبابية، باعتبارها الأكثر احتكاكاً بالتكنولوجيا، والأكثر سعياً للتحرر من حالة "الجمود الفكري" التي تواجهها التنظيمات الأخرى

 

                                                    

 

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز