عاجل
الخميس 19 سبتمبر 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
We
البنك الاهلي
هراء الحقوق .. وهرتلة الواجبات

هراء الحقوق .. وهرتلة الواجبات

بقلم : لواء أركان حرب/ جمال عمر

هاجمتني الفكرة بشدة عندما شاهدت تنظيما لأحد مؤتمرات حقوق المرأة التي تنظمها أحد منظمات العمل المدني لتنمية المجتمع ، خاصة عندما اكتشفت أنها تنظم الندوة أو المؤتمر ليس لصالح حقوق المرأة ولا حتى تنمية المجتمع ، ولكن بهدف آخر مختلف تماما وهو الحصول على تمويل من برنامج الأمم المتحدة ، حتى أن أهم الحاضرين وأبرزهم كان بوابي العمارات المحيطة وسايس الجراج وبعض ممن لا ناقة لهم ولا جمل إلا من مشروب وجلسة مريحة وتصوير لم يستغرق أكثر من دقائق معدودة ، وقد دفعني مستوى التنظيم والحاضرين العشوائي أن أتسائل بشدة ماذا يفعل هؤلاء ولماذا ؟ ، فالهدف الحقيقي مخفي ، والتنظيم عشوائي بامتياز ، وبالتالي فالانضباط لا وجود له إلآ في مخيلتي العسكرية التي أعتز بها أو ربما أو تربيتي الصعيدية القيم ، وبالتالي فلا حق لي أن أفرض على غيري موجبات نشأة مختلفة ، ولكن هذا لم يمنع فضولي الشديد أن أسألهم ثم أسأل نفسي بعيدا عن هذه الحالة السبوبية الفجة ، كيف تقر الحقوق لإنسان أو مجموعة من الناس أيا كانت الظروف والمهام والواجبات ، وهل الحقوق هي شعارات وبنود مجردة أم هي التزامات واجبة من الآخرين والمجتمع تجاه المطالبين بها بناء على واجبات مهمته المكلف بها ، تماما .. مثلما منحنا الله حق الاستمتاع ببعض مباهج الحياة في الدنيا ثم المكافأة بالجنة في الآخرة في مقابل الاستقامة في إعمار الأرض بالعلم والعمل والكد والكدح .



فظاهرة حقوق المرأة .. مثل غيرها الكثير .. من كلمات الحق التي يراد بها باطل .. والتي تفجرت وتعالت صرخاتها ومطالباتها المنطقية والواهمة أو المدعية كنتاج ثائر ومتدفق لحالة الفوضى (الثورة) التي نعيشها منذ سنوات تقترب من السبعة ، فالحقوق في منطق الثورات (الماسونية المنبع) مثل فوضى الربيع العربي لا تعرف الواجبات ولا الإلتزام ولكنها مطالبات بلا سقف وبلا مقابل أو قل هو (هراء الحقوق في زخم هرتلة الواجبات) ، وهو الأساس لتدمير أي مجتمع ، وخير مثال عليها هو أجور عمال مصانعنا العامرة وكثير من مصالحنا الحكومية التي تزايدت باطراد خلال الثورة بلا أي واجبات أو إلتزامات لتمثل في حقيقتها إعانة بطالة إجبارية تدفعها الدولة لثلاثة أضعاف ما تحتاجه من الموظفين دون أن يكون لهم أدنى مستوى من الإنتاج ، ولا غريب فمكتب حكومي على مسافة امتار قليلة مني تصل قوته البشرية أكثر من الخمسين موظفا ولا يتواجد فيه دوما أكثر من عشرة موظفين على أقصى تقدير ، والباقي لا يدخل المصلحة إلا نادرا حتى أن هناك ثلاثة موظفين قد سافروا للعمل في الغردقة أو ربما شرم الشيخ ويحضرون لصرف المرتب شهريا بانتظام ، وهذا فضلا عن عدد يزيد عن العشرة يعملون في أعمال أخرى لدى محلات أو شركات أعمال خاصة ، وهذا بخلاف من يعمل على تاكسي أو ميكروباس أو توكتوك وهؤلاء يتميزون بالكرم الفوري لتقديمهم خدمات بالدور للزملاء والسيد المدير ، وما أرويه ليس فيلما لمحمد رمضان من إنتاج السبكي ولكنه حقيقة متكررة في مصالحنا الحكومية ، حتى أن أن مدير أحد مكاتب وزارة الأوقاف في أحد محافظات الصعيد الكبرى يتستر على سفر بعض الموظفين لديه للعمل خارج مصر ولم يتخذ أي إجراء ضدهم من باب الخوف من قطع الأرزاق ، وهو حريص أن مرتباتهم يتم صرفها وتوصيلها لذويهم منذ أكثر من ستة أشهر ، ناهينا عن أن الغالبية العظمى من موظفات الدولة يغادرن العمل يوميا قبل موعد الانصراف الرسمي بساعة أو بساعات تبعا للدور وسيطرة المدير وحالته المزاجية ونوعية العمل وغيرها من الدوافع ، حتى أن إحداهن روت أنها بعد أن تعبت من تضييق مديرها عليها ، استطاعت الحصول على أجازة مرضية (مقسمة بحرفية حتى لا تسقط الحوافز) من التأمين الصحي بعد أن صارحت الدكتور بظروف ابنها طالب الثانوية العامة ، وضرورة تواجدها معه حتى نهاية الامتحانات ، وترى أن هذا حقها ولا عيب فيه ، فالحكومة مستباحة ومستحل نهب مرتبها دون عمل ، فلا يوجد عمل أصلا يتطلب تواجدها ، ولكنها تعلمت فلابد أن تعمل ويكون لها مرتب ومعاش وحقوق مكفولة لا تمس / وهو منطق شائع ومعروف .

هنا يجب أن نتوقف طويلا عن معنى الحقوق ومن أين تأتي الحقوق ، وبعيدا عن سفسطة كتب المنطق وعلماء النفس والاجتماع ، فمن البيديهات أن الحقوق تمنح فقط تبعا للواجبات ، وعلى قدر الواجبات تقدر الحقوق ولن أخوض في معترك فوضى تطبيق هذا على الوظائف والعمالة المصرية ، ولكن لابد وأن نتوقف مثلا .. عند حقوق المرأة ، ونتسائل من أولى بالبحث عن حقوقه الضائعة ؟؟ ، المرأة الأمريكية التي تعتبر سلعة رائجة في بلادها ولا حق لها في الميراث ، بل عندما فرض لها القانون نصف ثروة الزوج إذا انفصلا ، أحجم الرجال عن الزواج وأصبحت ظاهرة الأمهات بلا أزواج هي المسيطرة في الغرب وأمريكا ، بل ومن الأسئلة المحظورة على الغرباء هناك أن تسأل شخصا عن أبيه ، فالطبيعي أنه لا يعرف له أبا ، ولكنه يعرف اسم الرجل الذي يحيا مع أمه والتي أيضا ربما تكون أما بالتبني ، ولا قيمة للأم في عرف المجتمع الغربي والأمريكي حتى أن عاملة النظافة في كلية إدارة الأعمال في جامعة بنسلفانيا هي والدة عميد الكلية ، وهو يدفع لها مرتبا أسبوعيا إضافيا لفيامها بتنظيف بيته الذي يعيش فيه مع صديقته وأم أولادها الخمسة كمساعدة ودية منه شخصيا للسيدة التي يعتقد أنها أمه ، أم هل الأولى بالحقوق هي المرأة السويدية أو النرويجية أو الهولندية وهن مواطنات في أغنى وأعلى مستوىات الدخل في العالم وأكثرها تقدما ماديا ، ولكن المرأة هناك سجلت أعلى معدلات الانتحار في العالم ، فهي أنثى وبالتالي فلا حق لها في الميراث أو حمل اسم أبيها لو تزوجت ، وتخسر معظم رأس مالها في الحياة لو خسرت جمالها وأنوثتها أو ولدت قبيحة ، وعادة الزواج أصبحت منقرضة ولاتحدث إلا نادرا ، ومرتب الأنثى في أي مجال للعمل لا يزيد عن (60 : 70)% من مرتب زميلها الرجل .

فحقوق المرأة .. هي مبدأ إنساني ولكنه نسبي بكل المقاييس ولا يجوز مطلقا حتى في المجتمع الواحد أن تكون قواعده مطلقة وعامة ، بل وحتى في العائلة الواحدة يوجد دوما لكل أسرة قيمها وظروفها الخاصة بها ، فالمجتمع المصري مثلا يختلف من الدلتا للصعيد للمدن الساحلية للصحراء وسيناء ، ولكل مكان تقاليده وعاداته وموروثاته التي لو تخلى عنها لاختل ميزان البيئة وفشلت في تحقيق المستهدف منها ، تماما عندما اختفت المرأة الفلاحة المصرية التي تربي البهائم والطيور وتساعد زوجها في الزراعة ومستلزماتها ، فسقطت الزراعة في مصر ، وعندما تحولت الأنثى في الأحياء الشعبية لفتاة إعلانات وفنانات بالتقليد سقطت الحرف والمهن المصرية التاريخية ، فالمرأة بتمسكها بعاداتها وتقاليدها تحافظ على نجاح البيئة واستمراريتها ، ولذلك كانت أخطر الأفكار والأسلحة الماسونية لهدم المجتمعات هي في الحملات الممنهجة مثل ما نسميه بالعولمة والتي جعلت زوجة البواب تتمرد على حياتها وتتشاجر مع زوجها ثائرة ومطالبة له بمراعاة مشاعرها وأحاسيسها المرهفة (مثل نساء المسلسلات) ووضرورة تدبير مطالبها للعناية بجمالها ، وإصرارها على ضرورة مساعدته لها لتحقيق حلمها في أن تصبح فنانة واعدة أو فليطلقها وليربي هو الأطفال الثلاثة لتتفرغ هي للبحث عن المجد والشهرة مثل فلانة في المسلسل العلاني .

وأبسط من هذا .. فمراسل صحيفة شهيرة أو فضائية غنية يتقاضى أجرا يعادل أضعاف ما يتقاضاه رئيس تحرير صحيفة أو مذيع لقناة حكومية ، فاختلاف المستويات والوجبات هي التي تحدد نوعيات وحجم الحقوق التي يمكن تأمينها للأشخاص التابعين ولكل قدره وتعويضاته الأدبية والمادية ، وبالتالي لا يصح مطلقا أن يكون الحديث لعامة الشعب عن حقوق المرأة خاضعا لأهواء بعض الخاصة أو الأغنياء والمشهورات ، بل وما يجب مراعاته ألا يحدثني عن حقوق وواجبات الأزواج والزوجات شخصية فاشلة لمجرد حملها لشهادة علمية ، أو إمرأة لم تتزوج مطلقا ، أو أخرى ما زالت تعاني من تداعيات الانفصال أو الطلاق أو الخلع إلا إذا كان الهدف هو نشر فكرة مزايا هدم البيوت وتفريق الأسر وتفكيك المجتمع في إطار من خديعة السعادة وتحقيق الذات وحصول المرأة على حقوقها المهدرة في مجتمع (ذكوري) كما يتعمدون ترديدها في إطار استغلال الجهل والفقر النفسي والعقلي للعامة في الشعوب المستهدفة ، سواء عن طريق وسائل الإعلام المختلفة أو بواسطة وسائل التواصل الاجتماعي التي أصبحت وسيلة لتدمير الفكر والعادات والتقاليد والقيم في زخم شعارات التدمير البراقة الثلاثة الحرية والعدالة والتطور (العولمة) ، والتي يبدو أننا كمجتمع قد أصبحنا ضحايا مستسلمة في نظر من يديرون هذه الحملات لسبب واحد وهو أنهم يغيب عنهم الكثير من الحكمة والتي هي فهم ناموس الكون في حركة حياة البشر ، فالبشر كمنظومة توجه نفسها بسلبياتها دوما نحو الأفضل والأصلح وبالتالي فكثير من السلبيات لا تعني سقوط المجتمعات بقدر ما تعني توالد القدرات على التصحيح والتقويم على المدى البعيد وبتتابع الأجيال خاصة لو كانت هذه المجتمعات صاحبة ميراث تاريخي عميق وعريق ومتراكم ومتصل مثل الشعب المصري الذي ما زال يردد الأمثال الشعبية الفرعونية المتوارثة منذ آلاف السنين مؤمنا بها ويعتبرها مرجعا مقدسا عند مواجهة مصاعب حياته ... ورحم الله أمي التي علمتني (الإيد البطالة نجسة) ...

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز