عاجل
الجمعة 29 مارس 2024
رئيس مجلس الإدارة
هبة صادق
رئيس التحرير
أيمن عبد المجيد
اعلان we
البنك الاهلي
حكاية مبادرة!
بقلم
محمد نجم

حكاية مبادرة!

بقلم : محمد نجم

نحن فى دار المعارف لم نبك على اللبن المسكوب ولم نلعن الظلام، ولم نتهم أحدًا بالتقصير. ولكننا قمنا بما يمليه علينا الواجب وما تستوجبه مسئوليتنا الاجتماعية، باعتبارنا مؤسسة عامة مملوكة للشعب.



ونظرا لأننا مؤسسة ثقافية مهمتها الطباعة والنشر والتوزيع، فقد أعلنا عن مبادرة جديدة تحت عنوان «أسرة تقرأ.. أمة تنهض»، بهدف نشر الثقافة بين أبناء الوطن ومحاربة الإرهاب الأسود بالفكر المستنير.

وقد التقط المجتمع «الرسالة» بكل ترحيب وحماس، وسارع أكثر من 85 ناشرًا مصريًّا بالمشاركة فى المبادرة ووضعها الكاتب المثقف الوزير حلمى النمنم تحت رعايته وحرص على افتتاح أولى فعالياتها والمتمثل فى معرض الكتاب الذى نظمته المؤسسة بفرعها بمحطة الرمل بمدينة الإسكندرية وبمشاركة متحمسة من د. محمد سلطان محافظ الثغر، ورئيس جامعتها العربية والرائدة د. عصام الكردى وبحضور لفيف من الشخصيات العامة والقيادات الجامعية والكتاب والمثقفين.

وقد خططنا بألا تقتصر «المبادرة» فى أولى فعاليتها على معرض للكتاب وإن كان يضم آلاف العناوين المختلفة فى جميع المجالات.

ولكننا دعونا «رموز» المجتمع من المتخصصين والخبراء لعقد ندوات حوارية مع جمهور المعرض، وأتحنا لشباب المؤلفين الجدد إقامة حفلات توقيع لإصداراتهم.

وكما أشرت من قبل إلى حسن استقبال المبادرة من الجميع وفهم مغزاها والتأكيد على أهدافها، فقد فاجأنا الصديق والباحث المدقق وزير الثقافة بالإعلان عن إتاحة مقار قصور الثقافة.. بجميع محافظات الجمهورية لانتقال المبادرة تباعًا إليها.

كما أصدر د.محمد سلطان محافظ الإسكندرية توجيهًا إلى جميع مدارس المحافظة بتنظيم زيارات دورية - كنشاط صيفى - لطلابها إلى المعرض، وتوفير احتياجات مكتبات المدارس مما يوجد به من كتب.

ولم يكن حماس د. عصام الكردى رئيس جامعة الإسكندرية أقل من سابقيه، فقد أعلن عن استعداده لإقامة معرض دائم - من خلال دار المعارف - للكتب بالحرم الجامعى تشجيعًا للمبادرة فى نشر الثقافة العامة بين طلاب الجامعة، وتيسيرًا لهم فى الحصول على احتياجاتهم من الكتب المتخصصة.

ثم كانت المفاجأة الإضافية فيما أعلنه سعيد عبده رئيس مجلس إدارة دار المعارف عن اتفاقه مع الزميل والصديق عبد المحسن سلامة نقيب الصحفيين بتخصيص دور كامل بمبنى النقابة بشارع عبد الخالق ثروت بالقاهرة لانتقال فعاليات المبادرة إليه فى الأسبوع الثانى من شهر أغسطس المقبل إن شاء الله.

لقد كشفت المبادرة عن حيوية الشعب المصرى والإمكانات الهائلة لأفراده ومؤسساته وإننا - كمصريين - نستطيع أن ننجز ما نريده عندما نخلص النوايا ويشتد العزم، فلا يمكن أن نظل متلقين للأفكار المتطرفة والفتاوى الشاذة، ولا يجب أن نستمر كمتفرجين على ما يقوم به الإرهابيون من عمليات تجنيد لبعض شبابنا المغرر بهم تحت دعاوى مختلفة وكاذبة.

فقد طالت نار الإرهاب الأسود الكثير من أفراد المجتمع ومؤسساته وما شهدته بعض المدن المصرية من حوادث إرهابية غير بعيد، بل مازالت المواجهة قائمة ومستمرة بين قواتنا المسلحة وأفراد الشرطة مع الفلول الإرهابية الوارد بعضها من الخارج! والمدعومة بالمال والسلاح من دول وأجهزة مخابرات لا تريد الخير لمصر ولا لأهلها.

نعم قواتنا المسلحة تتصدى بكل حسم وجدية لهذا العبث الشيطانى، وكذلك شرطتنا الساهرة على حراسة المجتمع وضمان أمن مواطنيه، ولكن هل يجوز أن نتركها وحدها فى ساحة المواجهة؟ ألم يرفع بعض مثقفينا شعار «أن الفكر يجب أن يحارب بالفكر»! فلماذا إذن قصر بعضهم عن بذل الجهد المطلوب لتلك المواجهة الفكرية؟

وأيضًا هل نسينا ما كان يتردد قديمًا فى هذا المجال وأقصد به الثقافة؛ من أن القاهرة تؤلف ولبنان يطبع والعراق والمغرب يقرأون! فما الذى حدث؟.. لماذا تراخت بعض مؤسساتنا الثقافية عن القيام بدورها المتوقع فى هذا المجال، وهى كثيرة ومتنوعة؟

وأين «دار المعارف» التى كانت منارة المعرفة فى العالم العربى، والتى أصدرت أكثر من 25 ألف عنوان فى مختلف العلوم، ومضى عليها أكثر من 126 عامًا فى خدمة الثقافة!

أين تلك المؤسسة العريقة وأكبر دور النشر فى العالم العربى والتى تربينا جميعًا على كتبها القيمة خاصة سلسلة الذخائر وسلسلة «أقرأ» بخلاف العدد الضخم من دواوين فحول الشعراء العرب، لقد عانينا كثيرًا من التساؤلات والاستفسارات التى تؤلم النفس وتوجع القلب وقررنا أن ننفض «التراب» من على أكتافنا وأن نستيقظ من سباتنا الطويل والذى كان خارجًا عن إرادة أغلبنا من أبناء المؤسسة العريقة.

نعم.. قررنا العودة بكل قوة وبأقدام ثابتة وحركة دائمة ومبادرات خلاقة، عدنا إلى سابق عهدنا ونأمل أن يكون عودًا حميدًا بإذن الله، حيث بدأنا إعادة طباعة كنوزنا القيمة من الذخائر القديمة، وسعينا إلى المؤلفين والباحثين فى جميع المواقع والمجالات، وبحثنا عن الموهوبين من الشباب من خلال «المسابقة الثقافية السنوية» التى ننظمها كل عام بالتعاون مع وزارة الشباب وطبعنا الأعمال الفائزة فى تلك المسابقة.

لقد كان يقال دائمًا إذا لم ينشر نعى المتوفى فى الأهرام فإنه لم يمت!، وكذلك قيل عن دار المعارف: إذا لم تنشر دار المعارف لأحد المؤلفين. فإنه لم يعتمد كمؤلف بعد!، حيث كانت لجنة النشر بدار المعارف تتكون من طه حسين وعباس العقاد وأحمد أمين وغيرهم من أساطين الأدب وعمالقة الفكر، فهل هناك لجنة «اعتماد» لمؤلف جديد تضارع تلك اللجنة؟!

هكذا كانت دار المعارف؛ جودة فى الاختيار ودقة فى الطباعة.. ومكتبات فى أغلب محافظات مصر تتيح الكتب للقراء بأقل الأسعار.

وإن شاء الله.. هكذا ستكون دار المعارف بعد أن يسر الله قيادة كفء فى مجالها أحسنت توظيف الطاقات والخبرات الموجودة بالمؤسسة وهم كثر والحمد لله.

وإذا كان الجواب «بيبان من عنوانه»، فأعتقد أن المبادرة التى أطلقتها المؤسسة وأحسن المجتمع استقبالها تحت عنوان «أسرة تقرأ.. أمة تنهض» هى خير دليل على قوة العودة وثبات الخطى وإشراقة المستقبل.

عدنا.. والعود أحمد.. بإذن الله

تابع بوابة روزا اليوسف علي
جوجل نيوز